في تصريحات مثيرة للقلق، حذر الأدميرال جيمس ستافريديس، القائد الأعلى السابق لقوات حلف الناتو في أوروبا (2009-2013)، من أن التحالف العسكري الغربي قد يكون في أيامه الأخيرة، وبحسب ما نقلت صحيفة التليجراف البريطانية، فإن تراجع الدعم الأمريكي للحلف في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب، الذي تولى السلطة في يناير 2025، قد يفتح الباب أمام تشكيل "منظمة معاهدة أوروبية" جديدة. الأيام الأخيرة لحلف الناتو وصرح ستافريديس لشبكة CNN قائلا: "قد نشهد الأيام الأخيرة لحلف الناتو، هذه قضية جوهرية حول من ستدعم؟ هل ستدعم ديمقراطية تتعرض للهجوم، أم ستدعم في موسكو؟" وأضاف: "هذا سيدق إسفينا عميقا في قلب التحالف، وسيتجاوز تأثيره أوكرانيا - ليطرح سؤالاً حول ما إذا كان يمكن الوثوق بالولاياتالمتحدة كشريك." أزمة ثقة بعد اجتماع متوتر في البيت الأبيض وتأتي هذه التحذيرات في أعقاب اجتماع متوتر بين الرئيس الأمريكي ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض يوم الجمعة الماضي. ووفقا لصحيفة التليجراف، كان زيلينسكي قد وصل إلى واشنطن لتوقيع صفقة المعادن، لكن المحادثات انفجرت بعد أن تحدى الزعيم الأوكراني نائب الرئيس جي دي فانس بشأن محاولات الإدارة الأمريكية الجديدة للانخراط في الدبلوماسية مع روسيا. وعلق الأدميرال ستافريديس على هذا الحدث قائلا إن موسكو ستكون "تفتح أفضل زجاجات الفودكا" احتفالا بعد هذا الصدام، مضيفا: "لقد أوضح دونالد ترامب أنه لا يريد أي دور في مساعدة أوكرانيا في المستقبل، إنه خطأ جيوسياسي ذو أبعاد هائلة". مطالبات ترامب تزعزع أسس التحالف وتزايدت التكهنات في الأسابيع الأخيرة حول ما إذا كان ترامب يخطط لسحب الولاياتالمتحدة من الناتو، الذي تعد عضوا مؤسسا فيه. ونقلت التليجراف أن الرئيس الأمريكي دعا مرارا الأعضاء إلى زيادة الإنفاق الدفاعي إلى اثنين بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، محذراً خلال حملته الانتخابية من أنه سيشجع روسيا على "فعل ما تشاء" مع دول الناتو التي لا تفي بالتزامها بالإنفاق. وفي تطور لافت، صعّد ترامب مطالبه في الشهر الماضي، داعيا أعضاء الناتو إلى زيادة إنفاقهم الدفاعي ليصل إلى خمسة بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، مما زاد من الضغط على الحلفاء الأوروبيين. أوروبا تستعد لمرحلة ما بعد الناتو وفي ظل هذه التوترات، تجتمع قمة لندن بمشاركة الأمين العام لحلف الناتو والرئيس الأوكراني وقادة أوروبيين آخرين. ومن المتوقع أن تهيمن على القمة مناقشات حول ضرورة تعزيز التعاون الدفاعي الأوروبي في ظل المخاوف من عدم إمكانية الاعتماد على الدعم الأمريكي. وأشارت صحيفة التليجراف إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أعلن استعداده "لفتح النقاش" حول إمكانية إنشاء رادع نووي أوروبي في المستقبل، استجابة لطلب من فريدريش ميرتس، القائد الألماني المقبل. وفي الوقت نفسه، شدد ميرتس على ضرورة تحرك القارة الأوروبية بسرعة "لتحقيق الاستقلال" عن الولاياتالمتحدة في المسائل الدفاعية. وحذر الأدميرال ستافريديس من أن الوضع الراهن سيدفع الأوروبيين نحو بناء قدرات عسكرية مستقلة قائلا: "الآن ستُضاء الأضواء في أوروبا، وسيتعين عليهم التحرك، لو كنت أوروبياً، سأقول: أحتاج إلى إنفاق دفاعي أكبر، أحتاج إلى بناء قوات مسلحة أوروبية، أحتاج إلى هيكل قيادة خارج الناتو". تحول جذري في العلاقات عبر الأطلسي ويُذكر أن حلف الناتو تأسس عام 1949 كتحالف عسكري بين دول أمريكا الشمالية وأوروبا، وظل عنصرا محوريا في الأمن الغربي لأكثر من 7 عقود. لكن التطورات الأخيرة تشير إلى أننا قد نشهد تحولا تاريخيا في العلاقات عبر الأطلسي، مع احتمال انتهاء الناتو وظهور هيكل أمني أوروبي جديد. وتعكس هذه المخاوف حجم التحدي الذي يواجه العلاقات الغربية في عهد الرئيس ترامب، وتطرح أسئلة جوهرية حول مستقبل الأمن الأوروبي والنظام الدولي في السنوات القادمة.