علامة استفهام كبيرة سيطرت على الرأى العام حول ظهور القاتل المتسلسل أو كما يطلق عليه السفاح وتحديدًا داخل محافظة الإسكندرية والتى شهدت إعدام أشهر سفاحتين فى التاريخ الشقيقتين ريا وسكينة نتيجة لجرائم قتلهن السيدات وسرقة مصوغاتهن الذهبية فى عام 1920 وهى الجريمة التى هزت الشارع السكندرى وقتها وكانت مسار تساؤلات ودهشة للأجهزة الأمنية لمحاولة كشف لغز اختفاء السيدات وكانت النهاية الصادمة وبعد مايقرب من ربع قرن ظهرت نفس الحالة المثيرة والغريبة باختفاء السيدات لكن هذه المرة فى منطقة كرموز وظهور سفاح جديد حول مخزن الحبوب إلى مصيدة للنساء لقتلهن وسرقتهن وهو ما أثار حالة من الرعب بين الأهالي ازدادت مع اختفاء الضحايا بشكل دورى ووصل إلى ما يقرب من 19 ضحية من السيدات وهو ما أثار الهلع بين الأهالي وقتها. البداية كانت عام 1920 مع ظهور ريا وسكينة تجسيدًا حيًا لإحدى الجرائم البشعة التي هزت مصر والمشهد الذى كان فى حي اللبان أفقر منطقة في ميناء الإسكندرية والتي شهدت قتل 17 امرأة بدون رحمة ودفن جثثهن داخل المنزل الذي استخدم في شتى الأعمال المشبوهة وهى القضية المتهم فيها ريا همام وآخرين إلى ودفن جثثهن داخل منزل ريا التي كانت تستخدمه في الأعمال المنافية للآداب لتصبح من أكثر القضايا والحكايات التي هزت الرأي العام في تلك الفترة مما دفع السيدات للخوف من الخروج بمفردهن في الطرق خوفًا من الخطف وعلى مدار ثلاث سنوات كونت ريا وشقيقتها سكينة بالاتفاق مع أزواجهما ورجال آخرين بالمنطقة عصابة تستقطب السيدات للتخلص منهن لسرقة المصوغات الذهبية وكل ذلك بدأ عقب وصول ريا وسكينة من صعيد مصر حيث كانت نشأتهما في محافظة بني سويف ثم عملتا لفترة في كفر الزيات لتتزوج ريا من حسب الله سعيد مرعي بينما شقيقتها سكينة عملت في بيت دعارة حتى سقطت في حب أحد الاشخاص، وكان هدف العصابة هي مجوهرات السيدات فبدأت جرائمهم بقتل السيدات اللاتي كن يترددن على بيوت كن يدعون اليها، وبسبب ارتداء مجوهرات كثيرة يتم قتلهن، بينما يتم استدراج سيدات من السوق فكانت ريا تستدرج السيدات بكلامها المعسول وتتقرب لهن بعرض وبيع أواني من المنطقة الجمركية بسعر رخيص عن السوق وتأتي ريا بالضحية إلى المنزل لتقتلها بالاستعانة بزوجها وشقيقتها وعشيق شقيقتها بالإضافة إلى عرابي حسان وعبدالرازق يوسف وهما أحد المعاونين وتم اكتشاف أمر جرائم ريا وسكينة عندما تقدم رجل مسن يدعى أحمد مرسي عبده ببلاغ يقول فيه إنه أثناء قيامه بالحفر داخل حجرته لإدخال المياه والقيام ببعض أعمال السباكة فوجئ بالعثور على عظام آدمية، فأكمل الحفر حتى عثر على بقية جثة دفعته للإبلاغ عنها فورا إلى قسم بوليس اللبان يفيد عثوره خلال الحفر في بيت يستأجره شخص يدعى محمد السمني منه ويؤجره لآخرين على عظام آدمية في البيت ومن بين السكان سيدة تدعى سكينة بنت علي كانت تسكن الغرفة التي عثر على الجثة بها أسفل البلاط. وبتحريات المخبر أحمد البرقي تبين انبعاث روائح غريبة وبخور دائم من منزل شقيقتها ريا بالدور الأرضي بشارع علي بك الكبير ما أثار شكوكه، كل هذه الأمور جعلت اليوزباشي إبراهيم حمدي يسير وراء خطوط الجريمة ويشبكها ليأمر بتفتيش منزل ريا ونزع بلاط الحجرة فظهرت الجثث وخرجت رائحة العفن وتم القبض على ريا واعترفت بجرائمها. وباعتراف ريا انهارت سكينة وخاصة عقب إثبات شهادة بديعة ابنة ريا وحسب الله بقتل أسرتها للسيدات وتم حبس المتهمين والحكم بإعدامهم جميعا، وسادت ساحة المحكمة بفرحة أهالي الضحايا وفي 16 مايو 1921 الموافق 8 رمضان سنة 1339 قضت المحكمة برئاسة أحمد بك الصلح موسى بالإعدام شنقا على المتهمين لتصبح ريا وسكينة أول سيدتين يصدر ضدهما حكم إعدام وينفذ في تاريخ مصر لتكونا عبرة لغيرهن وأودعت المحكمة الطفلة «بديعة» ابنة ريا في إحدى دور الرعايا بالإسكندرية وتوفيت بعد ثلاثة أعوام من تنفيذ الأحكام ليسدل الستار على اشهر القضايا فى ذلك الوقت واصبحتا ريا علي همام وسكينة علي همام هما أشهر سفاحتين في مصر في القرن العشرين بل أول امرأتين يتم إعدامهما. سفاح كرموز وبعد سنوات من جريمة ريا وسكينة حدثت حالة من الرعب عاشتها منطقة كرموز في محافظة الإسكندرية واستمرت مايقرب من 5 سنوات مع اختفاء عدد من النساء في ظروف غامضة بعد سنوات من إعدام الأختين ريا وسكينة لكنهم اكتشفوا هذه المرة أن القاتل كان مختلفًا تمامًا؛ شاب وسيم الملامح ضئيل الجسد اسمه سعد إسكندر عبدالمسيح الشهير ب»سفاح كرموز» والذى ولد بمحافظة أسيوط سنة 1911 وكان يعمل مع شقيقه فى مصنع صغير للغزل والنسيج يمتلكه الأخ الأكبر وتعرف هناك على أرملة ثرية ونشأت بينهما علاقة غرامية، الأرملة وثقت به وأخبرته عن المكان الذي تحتفظ فيه بأموالها وفي إحدى السهرات الحمراء التي جمعت سعد مع عشيقته قرر الغدر بها والاستيلاء على أموالها وفى ليلة باغتها من الخلف بطعنات نافذة أودت بحياتها على الفور وسرق أموالها وهرب إلى الإسكندرية وكانت هذه جريمته الاولى، وعقب وصوله لأحد أحياء كرموز استأجر سعد إسكندر مخزنًا صغيرًا للقطن وغزل النسيج الذى حوله فيما بعد إلى مسرح لجرائمه التى ارتكبها ومقبرة يدفن فيها بعض جثث ضحاياه من الفتيات مستغلا وسامته وسرعان ما انتشر الرعب شهورًا فى أحياء كرموز بعدما لاحظت الشرطة اختفاء الفتيات بمعدل فتاة كل أربعة أو خمسة أيام دون وجود أى أثر وكأن الأرض انشقت وابتلعتهن مما أثار هذا الموضوع الرأى العام كله وانتشر الرعب شهورًا فى أحياء كرموز، وفى أوائل شهر سبتمبر من العام 1948 فى حى غبريال الشعبى كان سعد اسكندر القاتل الوسيم يقضى أمسيته مع فتاة تدعى فاطمة ويتردد على منزلها ولخوفها من افتضاح أمرها أمام الجيران ادعت أن سعد إسكندر شقيقها وفى إحدى الأمسيات علم السفاح من فاطمة أن المنزل المجاور لها تسكن فيه السيدة بمبة وهى عجوز فى التسعين من عمرها وتقيم بمفردها وميسورة الحال وفى الليلة التى تليها لم يدخل سعد منزل فاطمة بل دخل منزل الست بمبة وصعد إلى الطابق العلوى وطرق الباب وفتحت الست بمبة الباب ظنًا منها أنه أحد ابنائها الذى حضر للاطمئنان عليها وما أن رأته وقبل أن تصرخ وضع يده على فمها وجرها إلى الداخل وضرب رأسها بالساطور فصرخت صرخة مدوية ثم أنهى حياتها بضربة ثانية فتناثرت الرأس فى كل مكان واستولى على أموال العجوز، وأثناء هروبه من المكان وخروجه من الشقة فوجئ بجارة أخرى تدعى قطقوطة تقيم فى الطابق الأرضي من المنزل سمعت صرخات جارتها وجاءت لمعرفة السبب فسألته عن الست بمبة فأجابها بتصلي وطلب منها الدخول وما أن تخطت الباب وأدارت ظهرها له ضربها على رأسها بالساطور فسقطت على الفور غارقة فى دمائها وهرب السفاح من المنزل دون أن يراه أحد؛ ليكتشف أحد ابناء الضحية الجريمة بالصدفة أثناء عودته للمنزل وأسرع بنقلها إلى المستشفى وتم علاجها لتروى ما حدث إلى رجال المباحث مؤكدة أن القاتل شاب رأته من قبل يتردد على منزل جارتها فاطمة وأغلب الظن أنه شقيقها، فألقت الشرطة القبض على شقيق فاطمة وعرض على قطقوطة فلم تتعرف عليه فاستجوب رجال الشرطة فاطمة عن الشاب الذى كان يتردد عليها وكانت المفاجأة انه سعد إسكندر تاجر الغزل فألقت الشرطة القبض عليه داخل مخزنه واستغل المحامي التناقض الذى ورد على لسان قطقوطة وأقنع غرفة المشورة بعدم وجود مبرر لحبسه على ذمة القضية وبالفعل افرج عنه مؤقتا بضمان مالي؟ واختفى سعد إسكندر لعامين كاملين حتى قرر العودة لجرائمه مرة أخرى فى أكتوبر 1951، استأجر سعد إسكندر شونة على ترعة المحمودية لتخزين الغلال وخيوط النسيج وشاء القدر أن يمر من أمام الشونة للحبوب تاجر أقمشة متجول ببضاعته على عربة خشب فاستدعاه سعد إسكندر للداخل بحجة أنه يمتلك خيوط غزل دخل الضحية وجلس على الكرسى وأعطاه سعد الخيوط لكى يفحصها ولا يعلم أن شيطانه هداه إلى ساطوره وعندما أحنى تاجر الأقمشة رأسه ليفحص الخيوط ضربه سعد بالساطور على على رقبته ليفصل رأسه عن جسده ثم دفنه فى أرض الشونة، وفى نوفمبر 1951 كان السفاح على موعد مع آخر ضحاياه تاجر الحبوب الذى استطاع الإفلات منه وهو مصاب بجرح نافذ وركض محاولا الهرب إلى الصالة غير المغطاة خارج الشونة فأسرع السفاح خلفه وانهى حياته لكن المفاجأة عندما رأى أحد العمال ما حدث وهو راقد فوق سيارة نقل مرت بالمصادفة أمام الشونة فى ذلك الوقت، فأبلغ العامل الشرطة فأسرعوا إلى مكان الحادث ووجدوا الضحية، رجل مضرج بدمائه فى أرض الشونة واختفى السفاح وعثر رجال الشرطة على حفرة غريبة فى الأرض فحين فحص رجال الشرطة تلك الحفرة الغريبة وعثروا على عظام آدمية ومنذ تلك اللحظة أطلقت الصحافة عليه لقب سفاح كرموز، وبعد هروبه ومحاولات إلقاء القبض عليه نشرت صور له من خلال الرسام الجنائي ووصف الست قطقوطة وتاجر القماش؛ حيث ردد البعض أن أحد الضباط الذين تم انتدابهم لحل لغز السفاح وضبطه بعد أن تنكر في زي رجل صعيدي وادعى أنه والد لفتاة جميلة كان يسير برفقتها للفت انتباه السفاح وبالفعل نجحت خطته في استدراجه وضبطه واختلفت روايات إلقاء القبض على سفاح كرموز كما قيل وقتها، وفى صباح يوم الأحد 25 فبراير 1953 دخل المتهم سعد إسكندر إلى حجرة الإعدام فى سجن الحضرة بالإسكندرية ليمثل أمام لجنة تنفيذ الأحكام المكلفة بتنفيذ الحكم لكن السفاح كان يصر في الدقائق الأخيرة من حياته على أنه بريء وطلب كوب ماء وسيجارة قبل إعدامه بدقائق. اقرأ أيضا: قبل إعدامه.. سفاح كرموز يشرب سيجارة ويسلم على محاميه