حرمان الإناث من الميراث مخالف لأحكام الميراث الشرعية الربانية، بل هو من تقاليد الجاهلية التى جاء الإسلام لاجتثاثها وإهالة التراب عليها إلى الأبد، وهذا الحرمان هو من أكل أموال الناس بالباطل، وهو من كبائر الذنوب التى تَوَعَّد الله تعالى مرتكبها بشديد العذاب.. عن حكم حرمان الإناث من الميراث، وهل تقبل صلاة آكل الميراث، وهل يجوز مقاطعة الأخ أكل الميراث. اقرأ أيضًا| كيف نتوقف عن الشحناء والخصام؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب يقول د. الأمير محفوظ عضو بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية: إن الشريعة الإسلامية حرمت الظلم باستحلالِ ما للغير دون وجه حق، فلم يحكم الإسلام بظلم أحدٍ لأحد، رجلًا كان أو امرأة، كبيرًا كان أو صغيرًا، فمن تأمل الشرع الشريف يَجد أنه ضَبَط ذلك كله، فلم يميز ذكرًا على أنثى، ولم يميز كبيرًا على صغير فى قسمة الميراث، أو غيره من الحقوق المرعية، إنما أقام جميع ذلك وفق مقصود العدالة الحقة القائمة على حِكَمٍ ومعاييرَ موضوعيةً، من مسؤولية الحياة، وأعباء المعايش. ويشدد على أن الزعم بأن الإسلام ظلمَ المرأة ومنَحَها نصف الرجل فى الميراث مطلقًا ينطوى على مغالطاتٍ جسيمة، وهو أمرٌ منافٍ للواقع تمامًا؛ لأنه يعتبر المرأةَ محصورةً في: البنت، والأختِ، فى حين أن المرأة فى فقه المواريث تشمل أيضًا: الأم، والزوجة، والجدة، والأختِ، والبنت، وبنت الابن، والعمة، والخالة.. إلخ، كما أنه يختزل ميراثَ المرأةِ فى حالاتٍ قليلةٍ محدودةٍ فقط، والأمر ليس كذلك، فمن يستقرئ أحوال ميراث المرأة يجد أن لها ثلاثين حالة: تساوت مع الرجل فى بعضها، أو زادت عليه، أو ورثت ولم يرث هو فى بعضها الآخر. ويضيف: كان أول تطبيق لقواعد الميراث للمرأة فى الإسلام عندما جاءت زوجة سعد بن الربيع بعد أن استشهد فى غزوة أحد تشتكى له أن أخا زوجها قد أخذ ميراث زوجها على عادة العرب فى ذلك الوقت، فدعا النبى صلى الله عليه وسلم أخا سعد بن الربيع بعد نزول آيات المواريث، وقال له: «أَعْطِ ابْنَتَيْ سَعْدٍ الثُّلُثَيْنِ، وَأُمَّهُمَا الثُّمُنَ، وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لَكَ» فهذه القصة سبب نزول آيات الميراث تبين حظر الشرع ومنعه من حرمان المرأة من الميراث، وإن حالت سوء عادات الناس، وأخلاقهم، وقلة دينهم دون إعطاء المرأة حقها فى الميراث، مما ترتَّب عليه هضم حقها وظلمها. اقرأ أيضًا| خالد الجندي يوضح معنى الخروج في سبيل الله ويشدَّد على بيان أن الله تعالى بعدله وحكمته قسَّم الميراث، وقد بدأت آيات الميراث بقوله ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِى أَوْلَادِكُمْ﴾ فالله أرحم بأولادنا من أنفسنا، والولد يطلق على الابن الذكر، والبنت الأنثى، فوصية الله بهما على السواء تحقيق للعدالة، إشارة إلى حرمة منع المرأة من الميراث وحرمانها منه لتحذير الشرع من ذلك، ولأنه يعدُّ من قبيل منع حقوق المرأة المالية التى أعطاها الله تعالى لهم. وأما حكم قطع الرحم من أجل الخلاف على الميراث، قال: فما أمر الله بوصله ورسوله لا يقدر أن يحكم بقطعه أحد مهما كان لقوله: ﴿وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ﴾ فإننا لفى أمسّ الحاجة إلى وقفة صادقة لنعيد حساباتنا فى مسألة قطع الأرحام بسبب الخصام والخلاف حول أنصبة المواريث وغيرها، ونحتاج إلى وقفة شجاعة لترتيب الأوراق لإنهاء الخصام والقطيعة، وبما أننا مقبلون على شهرِ رمضان علينا الاستفادة من نفحات هذا الشهر الكريم لنعالجَ أيّ جفاءٍ وقطيعة موجودة، وكذلك ينبغى تقليل التخاصم فى المحاكم. ويوضح د. محمد عمر أبوضيف عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية بسوهاج السابق أن أكلُ أموال الناس بالباطل؛ هو ما يأخذه الإنسان ويستولى عليه من أموال الناس من غير وجه حق، بأى صورة وهى كثيرة: كالسرقة والغصب، والظلم والعدوان، والغش والاحتيال، والرشوة والغش فى البيع والشراء بالكذب على الناس، والتحايل والحلف الكاذب فى البيع ليُغريَ غيرَه بسلعته، كتمُ عيوب السلعة وإخفاؤها، وأكل مال الأجير بالجَحْدِ والإنكار من المسؤول أو صاحب العمل، أو بالبخس فلا يعطيه كاملا، أو يزيد عليه أعمالا إضافية أو المماطلة فى الإعطاء، والحيل بقلب الحقائق وإلباس الحرام لباس المشروع؛ ب«أن يظهر عقدًا مباحًا يريد به محرمًا، مخادعة وتوسلًا إلى فعل ما حرم الله، واستباحة محظوراته، أو إسقاط واجب، أو دفع حق» وكلّ ذلك مما حرّمه الإسلام، وحذر من مخاطِره، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ)، وفى الحديث أن رسول الله صَلى الله عليه وسلم قال: «كل المسلم على المسلم حرام؛ دمُه وماله وعِرْضُه»، وفى خطبته فى حَجة الوداع: «إن دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم، حرام عليكم، كحُرْمة يومكم هذا، فى شهركم هذا، فى بلدكم هذا. ويضيف أنه من المصائب التى عمت وانتشرت أكل ميراث البنت ولأن المرأة بطبيعتها خجولة وحيّية تجاه أهلها وغالبًا لا تطالب بميراثها لزواجها من رجل غريب عن العائلة حتى لا يخرج الميراث وهيمنة الذكور عليه أثناء حياة المورث، وهو إثم كبير ومحق للبركة وإفساد للمجتمع وذنب عظيم من أكل أموال الناس بالباطل ومنع الحقوق أهلها. ويحذر من أنه بالنسبة للصلاة فهى فريضة ولا بد منها، وقبولها وعدمه من الله، وأداؤها إسقاط لفريضتها لكن آكل الحرام أعماله لا تقبل كما جاء فى الشرع الشريف، ويجوز مقاطعته لأكله الميراث منها ومن الناس حتى يرعوى. سيد عبد النبى