مضى الحدث الكبير، وبقى الأثر العميق، فى وجدان الآلاف من رواده، أكثر من خمسة ملايين زائر تدفقوا على ساحته من كل صوب، وتواصلوا مع فعالياته، وصحيح أن صور الصفوف المتراصة على الأبواب فى انتظار الدخول، أو تلك التى كانت تقف على نوافذ التذاكر، ولكن ذلك لا علاقة له بالإقبال بل بتوظيف التطبيقات الرقمية، وإمكانات الذكاء الاصطناعى فى خدمة الكتاب الورقي، وعيده السنوى معرض القاهرة.. العاصمة الخالدة.. أعرق المدن ،وقلب عالميها: العربى والإسلامي، حيث شهدت دورة هذا العام من معرض الكتاب إقبالا على الحجز «الإلكتروني»، وجرى تدارك، وتلافى الزحام على أبواب الدخول بإجراءات سلسة، وكذلك مشكلة التكدس فى الممرات الفاصلة بين الأجنحة التى أرقت رواد الدورات السابقة، لم تعد تزعج الزوار فى هذه الدورة السادسة والخمسين، وعلى الرغم من ضغوط، وشواغل أعاقتنى عن الذهاب يوميا، والمكوث طويلا فى المعرض، إلا أننى اقتنصت سويعات دافئة فى أحضان الأجنحة الأثيرة، انتزعتها انتزاعا من أنياب المشاغل ، وصحيح أنها سويعات معدودات فى أيام متفرقات، ولكنها بلغت من الدفء قدرا أزال عن النفس شعور الأسى، وأنعش الروح بتداعى الذكريات الأثيرة ،واستنشاق رائحة الكتب المميزة.. ذلك العطر الأخاذ، وما أروعها من «سويعات» بين الكتب ذكرتنى بجولات الشباب، والسنين الدافئة، ولحظات الظفر التى لا تنسى التى ارتبطت بمعرض الكتاب، فما أروعه من إحساس. شيء ما بين جنبات النفس يرفرف كأنه الصقر المجنح الذى اقتنص صيدا ثمينا غير متوقع.. حيث تجد فجأة أمامك كتابا كنت تبحث عنه، أو آخر سمعت عنه، وتتحسس جيبك فتجد أنه فى المتناول ،خاصة بعد الخصم المقرر فى المعرض، حدث ذلك معى مرارا، وعبر هذه الجولات السعيدة أقتنيت الكثير من العناوين المذهلة، وما أسعدنى هذا العام أننى لم أحرم من هذا الشعور الدافئ، وتلك النشوة المذهلة.