بعد عودة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب للبيت الأبيض مرة أخرى، أدركت أوكرانيا جيدًا أن ترامب يرى العالم من منظور الأرباح والخسائر والمصالح الاستراتيجية من خلال عدسة الاقتصاد. مع تصاعد المنافسة بين الولاياتالمتحدةوالصين، تحاول كييف إقناع ترامب بأن دعمها ليس مجرد قضية سياسية، بل فرصة اقتصادية ذهبية، إذ إن الهيمنة على الموارد الأوكرانية تعني التفوق في صناعة التكنولوجيا والدفاع، وهي نقطة محورية في الحرب الروسية الأوكرانية التي أظهرت كيف أن المعادن الاستراتيجية قد تحسم معارك المستقبل. لذا، تحاول كييف إقناع ترامب بأن كنوزها المعدنية ليست فقط موارد لبلادها، بل فرصة لتعزيز الهيمنة الأمريكية بطريقة أو بأخرى، ومن ثم تعزيز دعم واشنطن لكييف وسط أجواء الحرب الروسية الأوكرانية التي اقتربت من عامها الثالث. اقرأ أيضًا| طبول الحرب تُقرع| هل يقود دعم أوكرانيا لمواجهة شاملة بين روسيا والناتو؟ هل يكون الاقتصاد مُفتاح القرار؟ بعد سنوات من التأكيد على أهمية ديمقراطيتها، أدركت كييف أن خطاب القيم وحده لن يكون كافيًا لإقناع ترامب بدعمها في الحرب الروسية الأوكرانية، لذا، باتت أوكرانيا تروج لرواسبها الضخمة من المعادن النادرة، مُؤكدة أنها يمكن أن تمنح الولاياتالمتحدة ميزة في الصراع الاقتصادي مع الصين، وفقًا لصحيفة «بوليتيكو» الأمريكية. لطالما كان دونالد ترامب مهتمًا بالسيطرة على الأراضي الغنية بالموارد، كما أظهر سابقًا برغبته في شراء جزيرة جرينلاند، واليوم، تحاول أوكرانيا استغلال هذا التوجه، مُبرزة كيف أن احتياطياتها الضخمة من التيتانيوم والجرافيت وغيرها من المعادن يمكن أن تعزز التفوق الأمريكي في السباق الصناعي، خاصة في ظل التحديات التي فرضتها الحرب الروسية الأوكرانية. اقرأ أيضًا| استيلاء ترامب على جرينلاند.. تصريحات تدفع المنطقة نحو انتخابات مبكرة بينما يتحدث السياسيون عن القيم والتحالفات، يعرف ترامب أن القوة الاقتصادية هي التي تحدد النفوذ الحقيقي، واليوم، تعمل أوكرانيا على إعادة صياغة خطابها لجعله أكثر إغراءً لرجل الأعمال الذي أصبح رئيسًا للولايات المتحدةالأمريكية، لكن السؤال، هل تكون ثروات كييف الدفعة التي يحتاجها ترامب لاتخاذ موقف حاسم تجاه دعم بلاده لأوكرانيا في الحرب الروسية الأوكرانية؟ عرض ترامب إبرام صفقة مع أوكرانيا تضمن لها الحصول على المواد الخام النادرة مقابل المساعدة العسكرية، ويأتي ذلك في وقت حساس، حيث تنظر كييف إلى الحرب الروسية الأوكرانية كفرصة لتعزيز موقفها الدولي، موجهة تركيزها على المعادن الأساسية التي يمكن أن تصنع فارقًا في الحرب الاقتصادية العالمية. بالمقابل، اعتبر المستشار الألماني، أولاف شولتز، أن ربط المساعدات العسكرية بالموارد هو خطوة غير أخلاقية وذات طابع أناني، منتقدًا بشدة هذه الفكرة، إلا أن أوكرانيا، المدركة لأهمية استراتيجيتها في ظل الحرب الروسية الأوكرانية، تستمر في تكييف رسالتها مع مصالح ترامب الاقتصادية، مُعتبرة المعادن جزءًا أساسيًا من أمنها القومي ودعمًا ل الاقتصاد الأمريكي. أشارت صحيفة «بوليتيكو» الأمريكية، إلى أن الاستراتيجية الأوكرانية تتمحور حول التأكيد على الأهمية الجيوسياسية لمواردها المعدنية، بعد سنوات من الخوف من تراجع الدعم الأمريكي، بدأت أوكرانيا ترى في المعادن الأوكرانية وسيلة لجذب ترامب، فإلى جانب انخراطها بالحرب الدائرة بين موسكو وكييف، تعتبر المعادن منطلقًا لتحقيق الهيمنة الاقتصادية التي تصب في مصلحة الولاياتالمتحدة في سياق الحرب الروسية الأوكرانية. اقرأ أيضًا| «الرجل المجنون».. «ذا نيويوركر» تكشف استراتيجية ترامب في الولاية الثانية تعزيز الشراكة مع ترامب لم تضيع أوكرانيا وقتها في التفاوض مع دونالد ترامب بعد عودته مرة أخرى رئيسًا للولايات المتحدة، فبعد تعيين وزير الطاقة الأمريكي، كريس رايت، أرسلت أوكرانيا رسالة شكر لأمريكا، مؤكدة على ضرورة الحفاظ على البنية التحتية للطاقة من خلال التعاون الاستراتيجي، لتوضح هذه المناشدات تحولًا جديدًا في علاقات أوكرانيا مع واشنطن وسط استمرار الحرب الروسية الأوكرانية. يُذكر أن، أوكرانيا تمتلك احتياطيات ضخمة من المعادن الحيوية مثل الليثيوم والتيتانيوم واليورانيوم، التي تعتبر أساسية لصناعات الدفاع والتكنولوجيا، وتمثل هذه الموارد نقطة تحول في الحرب الروسية الأوكرانية، حيث تسعى أوكرانيا للاستفادة منها لدعم الاقتصاد الأمريكي وتقليل الاعتماد على الصين في هذه المجالات الحيوية. بالمقابل، أدركت الولاياتالمتحدة بالفعل القيمة الاستراتيجية لموارد أوكرانيا، فقد أعرب السيناتور ليندسي جراهام، عن خوفه من أن تصل هذه الثروات إلى يد روسيا أو الصين، ووفقًا للخبراء، فإن هذه المعادن، وخاصة التيتانيوم، قد تكون العامل الذي يعزز تحالف ترامب مع أوكرانيا في سياق الحرب الروسية الأوكرانية. قبل عدة أشهر من الانتخابات الأمريكية لعام 2024، بدأ الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، في طرح فكرة أن مساعدة كييف في الحرب الروسية الأوكرانية ستكون ذات فائدة اقتصادية كبيرة لأمريكا والعالم، حيث ركز زيلينسكي، على أهمية استثمار الموارد المعدنية الأوكرانية القيمة مثل اليورانيوم والتيتانيوم لدعم التحالفات الاقتصادية. هل يقدم ترامب الدعم العسكري الكافي لأوكرانيا؟ تمثل المعادن النادرة في أوكرانيا فرصة استراتيجية متميزة، لكن معظمها يتركز في مناطق الشرق والجنوب، التي تشهد قتالًا مستمرًا، وفي ظل الحرب الروسية الأوكرانية، أصبحت هذه المناطق غير آمنة، ما يجعل استعادة السيطرة عليها أولوية، حتى أصبحت المدينة الرئيسية دنيبروبيتروفسك الواقعة جنوب شرق أوكرانيا مُهددة بشكل متزايد نتيجة لتقدم القوات الروسية، بحسب الصيحفة الأمريكية ذاتها. وعلى ذات الصعيد، تعرض أوكرانيا صفقة على الغرب، وهي استعادة الأراضي التي سيطرت عليها موسكو بالحرب الروسية الأوكرانية مقابل شراكة استراتيجية في مجال التعدين، إلا أن هذه الصفقة قد تحمل تكاليف كبيرة لأوكرانيا، لكنها تُعتبر خيارًا ضروريًا مع استمرار الحرب، كما يعتقد الأوكرانيون أن الحفاظ على الدولة أهم من التفريط في بعض الموارد. ووفقًا لصحيفة «بوليتيكو» الأمريكية، يرى المحرر بالشأن الأوكراني، بيتر ديكينسون، أن أوكرانيا قد تكون مستعدة لدفع ثمن كبير في مقابل الدعم الغربي، ومع أن هذه الصفقة تعني فقدان جزء من الثروات المعدنية على المدى الطويل، فإن التفاؤل حول دعم الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب العسكري يجعلها خيارًا عمليًا مقارنة بالبديل الذي قد يقضي على أوكرانيا بالكامل. بالرغم من أن أوكرانيا ترى في دعم ترامب فرصة استراتيجية، إلا أن هناك شكوكًا حول ما إذا كان سيوفر الدعم العسكري الكافي لاستعادة الأراضي التي سيطرت عليها موسكو في خضم الحرب الروسية الأوكرانية، ويعتقد المسؤولون الأوكرانيون، أن ترامب قد يكون أكثر ميلًا للتركيز على المصالح الاقتصادية بدلاً من تقديم الدعم العسكري الكامل لاستعادة هذه المناطق الحيوية. اقرأ أيضًا| «ذئاب القوة».. كيف تُغير سياسة ترامب التوسعية موازين العالم؟