وسط التوترات المتصاعدة في المنطقة القطبية الشمالية، أعلن رئيس وزراء جزيرة جرينلاند، موتي إيجيدي، عن دعوته لإجراء انتخابات مبكرة في 11 مارس المقبل. جاء هذا القرار في وقت حساس، حيث أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جدلا واسعًا بعد تهديده بالاستحواذ على الجزيرة، وهو ما دفع إلى تصعيد الجدل حول السيادة والهوية الوطنية للجزيرة، وفقًا لما أفادت به صحيفة «بوليتيكو» الأمريكية. حيث كانت التهديدات الأمريكية بضم جزيرة جرينلاند إلى الولاياتالمتحدة بمثابة الشرارة التي أشعلت الأزمة، ما أجبر الحكومة المحلية على اتخاذ خطوات جادة في مواجهة هذه الضغوط الخارجية، وعلى الرغم من القلق المتزايد، أصر إيجيدي على ضرورة الوحدة الوطنية في هذه المرحلة الحرجة، مؤكدًا أن الانتخابات المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مصير الجزيرة وسبل التعامل مع الضغوط الدولية. اقرأ أيضًا: تقرير خاص| كيف تعاطى سكان غزة مع مخطط ترامب بتهجيرهم من أرضهم؟.. صوت «العنيدة» وأهلها قانون جديد لحماية سيادة جرينلاند في خطوة تهدف إلى تحصين العملية الانتخابية من التدخلات الخارجية، أقر برلمان جزيرة جرينلاند قانونًا يمنع التبرعات الأجنبية والمجهولة للمرشحين، ويأتي ذلك وسط مخاوف من النفوذ الدولي، خاصة بعد تصريحات ترامب، الذي وصف الاستحواذ على الجزيرة بأنه "ضرورة استراتيجية"، ملمحًا إلى إمكانية استخدام القوة لتحقيق ذلك، ما أثار قلقًا أوروبيًا واسعًا. تعد جزيرة جرينلاند أكبر جزيرة في العالم، ويبلغ عدد سكانها نحو 60 ألف نسمة، وقد انتقلت من مستعمرة دنماركية إلى إقليم يتمتع بالحكم الذاتي منذ عام 1979، ورغم أن كوبنهاجن لا تزال مسؤولة عن سياستها الخارجية والدفاعية، فإن رئيسة الوزراء الدنماركية ميتي فريدريكسن ورئيس وزراء جرينلاند موتي إيجيدي أكدا بحزم على أن الجزيرة ليست للبيع، في رد مباشر على طموحات ترامب. وسط تصاعد التوتر بين الولاياتالمتحدة والدنمارك، وجد إيجيدي نفسه أمام تحدٍّ دبلوماسي معقد، داعيًا مواطني جزيرة جرينلاند إلى الوحدة وعدم الاستسلام للذعر، فبعد تهديدات ترامب، أكد إيجيدي على ضرورة التكاتف الوطني، مشددًا على أن الجزيرة لن تكون ساحة للمساومات السياسية بين القوى الكبرى، بل ستحدد مصيرها بإرادة شعبها. كما أصدرت حكومة جزيرة جرينلاند بيانًا رسميًا شددت فيه على حقها في تقرير المصير، مشيرة إلى استعدادها للحوار مع الإدارة الأمريكية بشأن المصالح الأمنية المشتركة، وأكدت وزيرة الخارجية بجرينلاند فيفيان موتزفيلدت، أن الجزيرة تدرك أهميتها الاستراتيجية للولايات المتحدة، خاصة مع استضافتها لقاعدة عسكرية أمريكية، لكنها تسعى لعلاقات متوازنة تحمي سيادتها. ترامب يشعل الجدل الدولي بتصريحاته في مؤتمر صحفي، فاجأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العالم بإعلانه عدم استبعاده لاستخدام القوة العسكرية لفرض السيطرة على جزيرة جرينلاند، كما ألمح إلى ضغوط اقتصادية لضم كندا إلى الولاياتالمتحدة، وتصريحاته هذه أشعلت جدلًا عالميًا، حيث اعتبرتها دول عدة تهديدًا للنظام الدولي، فيما طالب زعماء أوروبيون واشنطن باحترام سيادة الدول الصغيرة، وفقًا لصحيفة «الجارديان» البريطانية. وتحظى جزيرة جرينلاند بموقع حيوي يجعلها مفتاحًا استراتيجيًا للدفاعات الأمريكية، حيث تضم قاعدة بيتوفيك الجوية، التي تلعب دورًا أساسيًا في نظام الإنذار المبكر للصواريخ الباليستية، ويمر أقصر طريق جوي بين أوروبا وأمريكا الشمالية عبر الجزيرة، ما يجعلها عنصرًا بالغ الأهمية في التخطيط العسكري الأمريكي. الدنمارك ترد على تهديدات ترامب أكدت السفارة الأمريكية في كوبنهاجن أن الولاياتالمتحدة لا تنوي تعزيز وجودها العسكري في جزيرة جرينلاند حاليًا، لكن القلق في الدنمارك يتصاعد، واعترفت رئيسة الوزراء الدنماركية، ميتي فريدريكسن، بأن بلادها تأخرت في تعزيز قدراتها الدفاعية في القطب الشمالي، مشيرة إلى أن الوقت قد حان للاستثمار في الأمن البحري والجوي لحماية أراضي المملكة. قبل تصريحات ترامب، كانت الحركة المؤيدة للاستقلال عن الدنمارك تكسب زخمًا في جزيرة جرينلاند، لكن التهديدات الأمريكية أعادت تشكيل النقاش السياسي، حيث أكد إيجيدي، على أن الوقت قد حان لاتخاذ "خطوات كبرى" نحو الاستقلال، داعيًا إلى إزالة ما وصفه ب"أغلال الاستعمار" وخلق إطار قانوني يتيح للجزيرة أن تصبح دولة ذات سيادة مستقبلًا. يحدد الاتفاق بين جزيرة جرينلاند والدنمارك عام 2009 ضرورة إجراء استفتاء شعبي لتحقيق الاستقلال، ورغم التحديات الاقتصادية والسياسية، شددت حكومة جرينلاند على رغبتها في تعزيز تعاونها مع دول الجوار، وخاصة في مجالات الاقتصاد والتعدين، مؤكدة أنها منفتحة على شراكات استراتيجية، بما في ذلك مع الولاياتالمتحدة. روسيا تراقب المشهد بحذر أثار الجدل حول جزيرة جرينلاند اهتمام موسكو، حيث أعلن المتحدث باسم الرئاسة الروسية الكرملين، دميتري بيسكوف، أن روسيا تتابع التطورات عن كثب، ورغم أن الأزمة لا تزال في مرحلة التصريحات، شدد بيسكوف على ضرورة الحفاظ على السلام في القطب الشمالي، مؤكدًا استعداد موسكو للعمل مع جميع الأطراف لتحقيق الاستقرار في المنطقة. فيما وصل إيجيدي، إلى كوبنهاجن للقاء العاهل الدنماركي وحضور اجتماعات رفيعة المستوى تتعلق بالسياسة الخارجية والأمنية بين الدنمارك وجزيرة جرينلاند، وأكد في تصريحاته لصحيفة جرينلاندية، أن وحدة الشعب ضرورية في هذه اللحظة الحرجة، داعيًا إلى تجاوز الخلافات الداخلية لمواجهة التحديات الدولية التي تحيط بمستقبل الجزيرة. موعد الانتخابات بالجزيرة من المقرر أن تُجرى الانتخابات العامة في جزيرة جرينلاند بحلول السادس من أبريل، وهو موعد مفصلي سيتحدد من خلاله مستقبل الجزيرة، وفي هذا السياق المتوتر، دعا إيجيدي المواطنين إلى الوحدة، مشيرًا إلى أن الجزيرة تقف الآن في قلب العالم، ويجب أن تكون مستعدة لمستقبل جديد يحدد مسارها بين الاستقلال والارتباط بالدنمارك. ومع تصاعد التوترات العالمية، شددت رئيسة وزراء الدنمارك، ميتي فريدريكسن، على أهمية حلف شمال الأطلسي "الناتو" كضامن للاستقرار في المنطقة، مُؤكدة الحاجة إلى تعاون أوثق مع الحلفاء، بما في ذلك الولاياتالمتحدة، ومن المتوقع أن تعقد الدنمارك محادثات مع إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بشأن التعاون الأمني في القطب الشمالي، لضمان التوازن في المنطقة الاستراتيجية.