توجيهات رئاسية مستمرة لتطوير التعليم التكنولوجى لمواكبة المستقبل لا يسعك فى حضورها سوى الإنصات بتمعن.. كلماتها مبهرة ومعلوماتها تتدفق بغزارة المطر..تمتلك القدرة على ربط ما يحدث من تطور تكنولوجى كبير فى العالم بالمتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ... تشعر اثناء حديثها معك أنها تروى أحداثا عن مؤامرات وقصص خيالية لكن الحقيقية أن التقدم الرهيب فى الثورة التكنولوجية اصبح قادرا على صنع سيناريوهات لا يزال يظن الكثير منا انها محض خيال علمى ... وداخل مقر كلية الدفاع الوطنى بالعجوزة حاورتها قبل أن تشرع فى إلقاء إحدى محاضراتها لطلبة الدكتوراة.. هى د. غادة عامر واحدة من رموز الإبداع والابتكار وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعى فى العالم العربي.. مؤلفة سلسلة كتب عن الحروب الحديثة وحازت على جوائز وألقاب عديدة خلال مسيرتها العلمية حيث تم تصنيفها ضمن افضل 20 امرأة فى العالم تفوقا فى مجال العلوم كم تم اختيارها من بين أفضل 5 مهندسات فى إفريقيا ضمن كتاب «الصعود للقمة» الصادر من الاتحاد الدولى لجمعيات التعليم الهندسى ومجلس عمداء الهندسة العالمى بالولايات المتحدة وهى زميل كلية الدفاع الوطنى فى مجال الذكاء الاصطناعى والتكنولوجيا والتنمية ورئيس مركز الدراسات الاستراتيجية للعلوم والتكنولوجيا ونائب رئيس المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا ومدير مركز الابتكار وريادة الأعمال فى أكاديمية البحث العلمى .. وإلى نص الحوار الرئيس عبد الفتاح السيسى يحرص فى كل لقاء حول قضايا التعليم التوجيه بأن تشمل الكليات المصرية التخصصات العلمية والعملية المرتبطة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعى والرقمنة ..لماذا هذا الاهتمام؟ منذ 2014، قررت مصر أنها لن تكون دولة مستهلكة للتكنولوجيا ، وبدأت تعمل على بناء استراتيجية واضحة الذكاء الاصطناعى ولدينا قيادة سياسية واعية تنبهت ووضعت استراتيجية واضحة بدأتها ب «صندوق الابتكار» تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، ليتيح لأى أحد لديه فكرة تتعلق بالثورة الصناعية الرابعة يتقدم بها، على أن يكون لديه فريق عمل واستراتيجية واضحة. إضافة إلى إنشاء جامعات تخصصية تعتمد على «تكنولوجيا المعلومات»، بتحويل جزء من الموجود منها بالفعل إلى الاعتماد على الذكاء الاصطناعى، ثم بعد فترة تم إنشاء جامعات متخصصة فى الذكاء الاصطناعى، وبدأنا نبنى أنظمة لعمل ما يسمى «الأنظمة المضمنة»، فنحن لا نريد فقط «سوفت وير»، بل أيضًا نريد «مهندسين متخصصين»، فكانت فكرة مبادرة «مصر تصنع الإلكترونيات» لتصنيع الإلكترونيات فى مصر، وأيضا الربط مع الدول الأخرى، وأصبح لدينا 6 كليات تكنولوجية فنية، سترفع من قيمة التعليم الفنى فى قطاعات عديدة على رأسها الذكاء الاصطناعى، الطاقة، النسيج، قطارات المونوريل، فمن دواعى الأمن القومى أن تتم هذه الصناعات بأيدٍ مصرية وأرى أن «التعليم الفنى» قد يكون أهم من الطب والهندسة، فلا توجد أمة تعمل وتتقدم من دونه، أيضا قمنا بنشر الوعى بأهمية الذكاء الاصطناعى فى المجتمعات والمؤسسات والمنظمات، وهذا ما جعلنا فى 2019-2020، نتقدم 55 مركزا حسب مؤشر «أوكسفورد»، بعد أن كنا 111 على مستوى العالم، فى امتلاك أدوات الذكاء الاصطناعى، وأصبحت احتمالية أن تقوم مصر بتصدير هذه التقنيات والأفراد العاملين فيها للعالم واردة تقوم بحلول عام 2030. ما الذكاء الاصطناعى وكيف بدأ؟ الذكاء الاصطناعى بدأ عام 1948 فى بحث بإحدى الجامعات البريطانية، ممول من وزارتى الدفاع الأمريكية والبريطانية، وقام عليه مجموعة علماء متخصصين فى الرياضيات هو عبارة عن خوارزميات، توضع على «روبوت»، «سيارة»، «طيارة» أو «دبابة» فتعطى قدرات تحاكى القدرات البشرية، وكان التفكير دائمًا فيما مضى أن الآلة ستكون صديقة الإنسان، وستساعده فى إنجاز الأعمال، فعمل العلماء على تطوير الآلات بمعادلات الذكاء الاصطناعى، لتصل إلى مرحلة التفكير البشرى. اقرأ أيضًا| رئيس جامعة طيبة التكنولوجية يتابع سير امتحانات الفصل الدراسي الأول وللذكاء الاصطناعى 3 أنواع رئيسية، الأول الضيق، الذى يعمل على مهمة محددة، مثل الموبايلات أو بعض الآلات التى يتم تدريبها لمهام محددة، الثانى هو العام وهذا دائمًا مرتبط بما يسمى «البيانات الكبيرة» هذه البيانات تتلقاها «الشبكات العصبية للحواسب الآلية»، وتتدرب عليها لتتخذ قرارات مثل الإنسان، وهذا النوع موجود فى عالمنا العربى.أما النوع الجديد أو الأقوى، فهو «الذكاء الاصطناعى الفائق»، فهو يدرب نفسه من خلال «تقديم مدخلات مبدئية» ويدرب آلات أخرى ويؤثر فى المحيط، مثل الربوت «صوفيا» وشات جى بى تى . ما أهم اتجاهات وابتكارات التكنولوجيا العسكرية خلال الفترة الحالية ؟ استخدام إنترنت الأشياء العسكرية التى تربط السفن والأقمار الصناعية والمقاتلات والدبابات والطائرات بدون طيار والجنود وقواعد التشغيل فى شبكة واحدة متماسكة يندمج معها الذكاء الاصطناعى الفائق مما يساهم فى تعزيز الإدراك وفهم القادة للمجال والوعى بالموقف وتقليل زمن الاستجابة ورد الفعل واتخاذ القرار فى ساحة المعركة..كما ستلعب خوارزميات الذكاء الاصطناعى دورًا حاسمًا فى تحليل كميات هائلة من بيانات الاستخبارات، ويعزز هذا التحليل الوعى الظرفى فى الوقت الفعلى للقادة، ويزودهم بالمعلومات التى يحتاجون إليها لاتخاذ قرارات حاسمة. كما توجد اليوم استثمارات فى تقنيات أسلحة الليزر الموجهة لإسقاط الطائرات بدون طيار بالإضافة إلى ذلك، يتقدم البحث فى التكنولوجيا الحيوية وتكنولوجيا النانو، مما يؤدى إلى إنشاء معدات مبتكرة مثل الدروع والملابس ذاتية الشفاء والأسلحة الموجهة بالطاقة. أيضا يتم تطوير التكنولوجيا القابلة للارتداء المتقدمة، المدمجة مع أجهزة استشعار بيومترية، حيث تعمل هذه التكنولوجيا على تحسين جاهزية القتال والوعى بالموقف للجنود، مما يعزز أداءهم فى ساحة المعركة وهذا جانب بسيط من أهم التقنيات التى سوف تزيد من الثورة فى الشئون العسكرية التى يجب أن تأخذ فى الاعتبار من الجيوش والدول التى تريد أن تنتصر فى المعارك القادمة. لذلك فهو بالفعل عصر العلم الذى تكون فيه الغلبة للأذكى لا للأقوى فقط . ما تتحدثين عنه يشبه ما يحدث فى معارك أفلام الخيال العلمى الأمريكية؟ هذا حقيقى وكل ما يتم إنتاجه من أفلام ليست بغرض الترفيه فقط فهى سيناريوهات تشرف عليها رسميا وكالة مشاريع أبحاث الدفاع الأمريكية المتقدمة (داربا) وستجد شعارها فى مختلف الأفلام ومعظم التقنيات المرسومة فى السيناريو هى فى الأساس الكثير منها بحوث علمية يجرى تجربتها أو تم انتاجها أو هدفها إثارة خيال المبتكرين والعلماء ومثلا قدرات «التزييف العميق» واحدة من أخطر تطبيقات الذكاء الاصطناعى، تم استخدامها فى فيلم «Fast and Furious» عام 2013، عندما توفى الممثل «بول واكر» وتمت تكملة الفيلم بممثل آخر باستخدام تقنية «التزييف العميق» وهى لم تكن معروفة وقتها لنا ويمكن القياس على ذلك بالطائرات بدون طيار وأسلحة الليزر والروبوتات العسكرية وغيرها الكثير. قدمت للمكتبة المصرية والعربية خلال عامين 5 كتب هامة حول الحروب اللا متماثلة أو الحروب الحديثة والذكاء الاصطناعى ما سبب اهتمامك بهذا المجال؟ الحروب الحديثة مجال يستحق التحدث عنه بلا توقف لأن أدوات تلك الحروب لن تكون مثل نظيرتها التقليدية وفيها يتم استخدام وسائل مستحدثة كل يوم وتكتيكات غير تقليدية وأسلحة وتكنولوجيات جرى التوصل إليها بالتفكير فى غير المتوقع وغير المعقول ويتم تطبيقه على مختلف مستويات الحرب من الاستراتيجية إلى التخطيط إلى العمليات .. الخبراء فى تلك الحروب يطلقون عليها اسم «الحروب اللامتماثلة» وهى محاولة طرف يعادى دولة أن يلتف من حول قوتها ويستغل نقاط ضعفها، معتمداً فى ذلك على أساليب ووسائل تختلف بطريقة كاملة عن نوع العمليات التى يمكن توقعها. وفيها يتم استخدام كل تكنولوجيات الثورة الصناعية الرابعة وما يصاحبها من شحنات الصدمة والعجز لكى يجعل من الدولة العدو عاجزة مسلوبة الإرادة والحركة رغم أنها قد تمتلك جيشا قويا وأسلحة حديثة ...أيضا هى حروب تستخدم مزيجا من الوسائل السياسية والاجتماعية والعسكرية والاقتصادية للتغلب على إرادة المقاومة لدى الطرف المستهدف. ويمكن أن تأخذ شكل صراع الثقافات والحضارات والأديان، وليس مجرد قوات عسكرية فى صراعات وتتميز بأنها ليس لها ساحة حرب محددة ولا توقيت محدد ولا تستطيع بشكل يقينى معرفة من أين يتم استهدافك و المدنيون هم جزء أساسى من دائرة الاستهداف طالما كانوا هم الحلقة الأضعف مع غياب الوعى بأدوات تلك الحروب الحديثة والهدف الرئيس منها ليس ضرب مؤسسة عسكرية من قبل الدولة المعتدية كما كان الحال فى الأجيال السابقة، بل التحكم فى الشعب ليقوم هو بضربها والقضاء على كل مؤسساته النظامية باختصار شعار هذه الحرب « اقتل نفسك بنفسك»