لا تُقاس أعمار المهرجانات السينمائية بعدد دوراتها، وإنما بتأثيرها فى محيطها الإقليمى أو الدولي، فكم من المهرجانات بلغت من العمر أرذله دون أن يخرج تأثيرها عن محيط فنادق إقامة العدد المحدود لضيوف المهرجان فقط، ومهرجان الأقصر للسينما الإفريقية التى انطلقت دورته الرابعة عشرة مساء أول أمس الخميس، ينتمى للمهرجانات التى تركت وما زالت تؤثر فى محيطها سواء فى مدينة المهرجان «الأقصر» عاصمة «طيبة» أو محيطها الدولى بالقارة السمراء فأصبح المهرجان ملتقى كبيرًا للسينما الإفريقية سواء أفلامها أو مبدعوها، وتحمل دورة هذا العام شعار «السينما الافريقية قمر 14». ومنذ بدايته، وضع مهرجان الأقصر الافريقى نصب عينيه المجتمع المحلى الذى يُقام بداخله، لذلك كان الاهتمام بأبناء الأقصر فى المدينة أو القرى والنجوع محور العديد من فعالياته، فأقام ورشًا فنية فى صناعة الأفلام، بداية من ورشة «هايلى جريما» ومرورًا بورش الرسوم المتحركة للأطفال ووصولًا إلى الورش التى تُعقد هذا العام، والتى بلغت 12 ورشة متنوعة ومتخصصة هدفها شباب الأقصر، والذى يرى السينما على الشاشة الكبيرة فقط أيام المهرجان، فلا يعقل أن مدينة من أهم مدن العالم لا توجد بها شاشات عرض سينمائى تجارية، كما يناقش المهرجان هذا العام فى واحدة من أهم فعالياته «مستقبل المهرجانات السينمائية الإفريقية فى عصر الرقمنة»، من خلال ملتقى على مدار يومين، يهدف إلى تجاوز النقاشات، واتخاذ خطوات عملية للنهوض بالسينما الإفريقية، وضمان تأثيرها المُستدام على المستويين المحلى والدولي، وسيركز على موضوعات عملية مثل استراتيجيات التسويق الرقمي، وحقوق الملكية الفكرية فى العصر الرقمي، واستخدام الأدوات الحديثة لإنتاج أفلام بميزانيات محدودة. لقد أصبح المهرجان فرصة للتبادل الثقافى والهويات المختلفة، وتعزيز الحوار الثقافى الافريقي، ويتناول صناعة السينما وقضايا الوطن المشتركة، كما يخلق حالة من الترابط وتوثيق العلاقات مع الدول الإفريقية، كما استطاع على مدار 14 عامًا تحقيق التواصل مع الأشقاء فى القارة الإفريقية، لذلك فهو يُعد الحدث السينمائى الإفريقى الوحيد فى مصر، كما يحتل المهرجان المرتبة الثالثة بالسينما الإفريقية على مستوى العالم، وهذه الدورة تدل على انتظام المهرجان طوال 14 عامًا فى محافظة الأقصر بالتواصل مع الدول الإفريقية الشقيقة، ليعكس سحر مدينة الأقصر كوجهة سياحية وثقافية.