فى أسوأ الكوابيس لم يكن أحد يتوقع ما حدث هذا العام من أحداث فى العالم العربى فقد تعرضت المنطقة هذا العام لأحداث عنيفة وتطورات جذرية فاجأت العديد من المراقبين السياسيين، ورغم أن العام يوشك أن ينتهى زمنيا، إلا أنه مستمر موضوعيا، فلا تزال المنطقة تنقلب رأسا على عقب وغير واضح إلى أين تسير. فلم يمر على الشعب الفلسطينى عام أشد دموية على الإطلاق أكثر من هذا العام الذى شهدت أيامه فصولا متوالية من حرب إبادة غير مسبوقة فى غزة قضت على كل مقومات الحياة، فلا يمكن لأى إحصاءات أو كلمات أن تنقل بشكل كامل مدى الدمار الجسدى والعقلى والمجتمعى الذى حدث فى ذلك القطاع الساحلى الصغير بعد أن فقد نحو 10% من سكانه بين قتيل وجريح ومفقود واختفت كل مظاهر الحياة هناك. وبالتوازى مع حرب غزة واصلت إسرائيل اعتداءاتها على الفلسطينيين فى الضفة الغربية ونفذ الاحتلال الإسرائيلى أوسع عملية استيلاء على أراضى الضفة منذ 30 عاما لصالح الاستيطان. كما امتدت الحرب الإسرائيلية إلى لبنان التى أسقطت آلاف الشهداء والمصابين ودمرت قرى وبنى تحتية بجنوب لبنان وخلفت وراءها جماعة حزب الله اللبنانية فى حالة من الدمار والفوضى بعد اغتيال إسرائيل أمينها العام حسن نصر الله وعددا كبيرا من قيادات الحزب. ونفس الشيء مع حركة حماس بعد أن اغتالت إسرائيل كبار قادة المقاومة الفلسطينية على رأسهم إسماعيل هنية ويحيى السنوار. ورغم أن حجم الجرائم الإسرائيلية فى غزة حركت العالم وأعادت القضية الفلسطينية إلى دائرة الاهتمام دوليا على المستوى الشعبى إلا أنها لم تستطع وقف هذه الحرب. وقبل أسابيع فقط من انتهاء العام، انقلبت الأوضاع فى سوريا. حيث تم إسقاط نظام الأسد وتولى هيئة تحرير الشام السلطة هناك، واستغلت إسرائيل الفوضى واستولت على أراضٍ سوريَّة وراء الجولان والمنطقة العازلة.. كما تسبب استمرار الحرب فى السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، فى سقوط الآلاف وتشريد الملايين، وحدوث كارثة إنسانية. كل المؤشرات تؤكد أنه مع استمرار قادة واشنطن وأوروبا فى تمكين ودعم حمام الدم فى غزة، فإن ديناميكيات القوة فى الشرق الأوسط سوف تستمر فى التغير، على الأرجح نحو الأسوأ!!