من لم يمت بنيران القصف تحت الأنقاض قتل متجمدا من زمهرير الشتاء.. هذا هو حال قطاع غزة المحاصر، إذ شهد أمس الأربعاء واحدة من أشد الوقائع إيلاماً وأبلغها تعبيراً عن مأساة القطاع الإنسانية، حيث لفظ ثلاثة أطفال فلسطينيين أنفاسهم الأخيرة متجمدين من البرد القارس داخل خيام متهالكة جنوب القطاع، وسط قصف إسرائيلي متواصل وحصار مميت خانق. وفاة 3 أطفال رضع توفيت الطفلة حديثة الولادة "سيلا محمود الفصيح" يوم الأربعاء في منطقة المواصي، وفقاً لما أعلنه الدكتور منير البرش، مدير عام وزارة الصحة في غزة، عبر منصة "إكس". ولقي طفلان آخران، أحدهما بعمر ثلاثة أيام والآخر يبلغ شهرًا واحدًا، المصير ذاته خلال ال48 ساعة الماضية، بحسب تصريح الدكتور أحمد الفرا، رئيس قسم الأطفال والتوليد في مستشفى ناصر بخان يونس لشبكة "سي إن إن". نزوح ومعاناة المواصي الساحلية، التي صنفتها إسرائيل سابقاً ك"منطقة إنسانية"، أصبحت ملاذاً لآلاف النازحين الفلسطينيين. هؤلاء يعيشون منذ أشهر في ظروف بالغة القسوة داخل خيام مؤقتة مصنوعة من القماش والنايلون. وأظهرت لقطات بثتها "سي إن إن" مشاهد تقشعر لها الأبدان لجسد الطفلة سيلا ملفوفاً بأكفان بيضاء بين يدي والدها، فيما تجمعت عائلتها وأقاربها حول قبرها. "الحرب على الأطفال" الأزمة الإنسانية التي تفاقمت بفعل الحصار الإسرائيلي والقصف المتواصل حولت الأطفال الفلسطينيين إلى أكبر ضحايا هذا النزاع. ووفقاً لوزارة الصحة في غزة، قُتل أكثر من 17600 طفل منذ بدء الحرب، وأكدت الأممالمتحدة أن طفلاً يُقتل كل ساعة في القطاع. وأشار الدكتور الفرا إلى انهيار النظام الصحي، حيث لا تعمل سوى 20% من وحدات العناية بالأطفال حديثي الولادة. ويموت الأطفال الخدج نتيجة نقص الأجهزة الطبية الضرورية، ما يدفع الأطباء لاتخاذ قرارات مؤلمة بفرز الحالات. اليونيسيف تدق ناقوس الخطر حذرت منظمة الأممالمتحدة للطفولة (يونيسيف) من أن الأطفال النازحين يرتدون ملابس صيفية في خضم البرد القارس، بعدما أُجبروا على الفرار من منازلهم تحت القصف. وقالت روزاليا بولين، أخصائية الاتصالات في المنظمة: "الأطفال في غزة يعيشون كابوساً مستمراً، محرومين من الأمان والدفء، ويعانون معاناة لا يمكن تصورها". قالت بولين إن هذه الحرب تمثل انتهاكاً صارخاً لحقوق الأطفال وتدميراً لجيل بأكمله. وتظل الأوضاع الإنسانية الكارثية تذكيراً مؤلماً بمسؤولية العالم تجاه أطفال غزة. وفي هذا السياق، تواصلت "سي إن إن" مع قوات الدفاع الإسرائيلية للحصول على تعليق حول مقتل الأطفال الثلاثة في المواصي، لكن لم يصدر رد حتى الآن. إسرائيل تقتل طفلًا كل ساعة في غزة قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، اليوم الثلاثاء 24 ديسمبر، إن إسرائيل تقتل طفلًا كل ساعة في قطاع غزة، مؤكدةً عدم وجود مبرر لذلك. وأضافت الوكالة في بيان صادر عنها، اليوم الثلاثاء: "لا مكان للأطفال، فمنذ بداية الحرب تم الإبلاغ عن مقتل 14500 طفل في غزة بحسب منظمة (الأممالمتحدة للطفولة) اليونيسف". وتابعت: "يُقتل طفل كل ساعة، هذه ليست مجرد أرقام، إنها حياة قُطعت". وأكدت الأونروا، عدم وجود مبررات لقتل الأطفال في قطاع غزة، وأن كل من نجا "من الأطفال أصيب بندوب جسدية ونفسية". وأشارت إلى أن الأطفال محرومون من التعليم حيث يقضي "الفتيان والفتيات في غزة وقتهم في البحث بين ركام الأنقاض". وحذرت قائلة: "الوقت ينفد بسرعة لهؤلاء الأطفال، إنهم يخسرون حياتهم ومستقبلهم ومعظم آمالهم". وفي يوليو، قالت الأونروا إن "أطفال قطاع غزة يواجهون الفواجع والصدمات كل يوم". ويتواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لليوم ال445 منذ بدء الحرب الإسرائيلية على القطاع في السابع من أكتوبر لعام 2023. واسقطت الحرب الإسرائيلية حتى الآن أكثر من 45 ألف شهيد، معظمهم من الأطفال والنساء، إلى جانب أكثر من 107 آلاف جريح.