شئ ما فى الأفق ينطفئ، وظلمة دامسة كئيبة تجثم على المجال ،وصمت رهيب مهيب يلف الأمكنة، ووحشة مضنية مفزعة تخيم على الساحات، فالصوت الصادح قد مات ،غاب الإحساس المرهف، ولم يعد الوميض الباهر المؤنس يشد من أزر الآفاق المتعبة، ويبدد وحشتها، فالشاعر المهموم بأوجاعنا، والمواسى فى جراحنا غادر عالمنا ،وغابت كلماته المداوية، ونغماته المعزية وسواء كان الشاعر اسمه «المتنبى»، أو «أبو تمام»، أو، «أبو نواس»، أو «أبو العتاهية»، أو «البحترى»، أو «ابن برد»، أو «زهير»، أو «جرير»، أو «الفرزدق» ،أو» البارودى»، أو «أحمد شوقى»، أو ا»لعقاد» ،أو «صلاح عبد الصبور» ،أو «الجواهرى» ،أو «البياتى»، أو» نزار قبانى» ،أو «أدونيس» ،أو «أحمد عبد المعطى حجازى» أو «أمل» ،أو «فؤاد حداد»، أو «صلاح جاهين»، أو «عبد الرحمن الأبنودى»، أو «فاروق شوشة»، أو «سيد حجاب»، أو» محمد إبراهيم أبو سنة»، فالخسارة فادحة، والمصاب جلل، فقد انطفأ مصباح وهاج بالإحساس يشق جانبا من الظلمة، ويبدده، وجزء من الضمير الإنسانى الحى قد توقف عن النبض ،وإرسال إشعاعه إلى الأرض الموحشة القاحلة، ومنارة فوق مرافئ العربية الدافئة.. أجمل لغات الدنيا قد انطمس ضوؤها، كالنجم اذا هوى، وهكذا شعرت حيث إبلغونى بوفاة شاعرنا الفذ عبد الرحمن الأبنودى، ونفس المشاعر انتابتنى حين أتانى نعى الصديق الشاعر الكبير محمد إبراهيم أبو سنة مؤخرا،حيث شعرت بأن شيئا فى الأفق قد انطفأ، وعزائى أننا على هذه الصفحة التى أشرف بالإشراف عليها قد احتفلنا به، وبتجربته الفذة مرارا، ونشرنا قصائد عديدة له، وعزائى الآخر أن كلمات الشعراء ونغماتهم تعيش بعدهم على مر الأجيال ،وكر الدهور.