الضرورة تفرض علينا جميعا فى مصر وفى غيرها من الدول والشعوب، الاعتراف بأننا أصبحنا أسرى لتأثيرات المتغيرات المناخية الحادة والقاسية، التى تعصف الآن بالكرة الأرضية كلها شمالا وجنوبا وشرقا وغربا. تلك حقيقة لا يمكن تجاهلها أو إنكارها.. وهذه الحقيقة أصبحت واقعا نعايشه ونعانى منه فى الآونة الأخيرة، من خلال موجة البرد التى هبطت علينا دون تحسب، وموجات الحر اللافح والملتهب التى تعرضنا لها طوال الصيف الذى انقضى،..، هذا بالإضافة إلى موجات الفيضانات والأعاصير والعواصف المدمرة التى تعرضت لها أجزاء عديدة من الكرة الأرضية. وفى هذا السياق، علينا ان ندرك اننا والعالم معنا، اصبحنا بالفعل فى قلب دائرة التغير المناخى، الذى احاط بالعالم كله، وشمل جميع ارجاء كوكب الارض الذى يؤوينا جميعا. وأى عاقل لابد أن يدرك أن المتغيرات المناخية المحسوسة والظاهرة التى طرأت علينا وعلى العالم كله تقتضى ان نتعامل معها نحن والعالم بكل الجدية، حتى لا نقع ضحية الأخطار والتهديدات الناجمة عنها. والجدية هنا تعنى أن نتعامل معها من جانبنا وكل الدول بالأسلوب والمنهج العلمى، وفى الإطار الذى خلص إليه الخبراء فى كل مؤتمرات المناخ التى عقدت فى باريس وجلاسجو وشرم الشيخ ودبى وأخيرا فى اذربيجان. وقد أكدت كل هذه المؤتمرات على ضرورة وقف كل الممارسات الإنسانية الملوثة للبيئة، وخفض الانبعاثات الكربونية والتوقف عن حرق وتدمير الغابات. والجدية تعنى أيضا ضرورة قيام الدول الصناعية الكبرى بواجبها تجاه تعويض الدول الفقيرة والنامية، وخاصة فى افريقيا، عن الأضرار والمخاطر التى تعرضت لها، ومازلنا نتعرض لها من خلال ما تقوم به الدول الكبرى من تلويث مستمر للبيئة، وما يؤدى إليه ذلك من احتباس لحرارة الارض طوال السنوات الماضية وحتى الآن، وهو ما أدى الى اختلال المناخ وحدوث المتغيرات الخطيرة التى يشهدها ويتعرض لها العالم حاليا.