في ظاهرة باتت متكررة في المشهد السياسي الأمريكي عبر دورات انتخابية متعاقبة، يستعد فريق نائبة الرئيس كامالا هاريس لمواجهة احتمالية إعلان الرئيس السابق دونالد ترامب فوزه مبكراً في انتخابات أمريكا 2024، إذ أن هذا النمط من الإعلانات المبكرة، الذي شهدته الولاياتالمتحدة في محطات انتخابية سابقة، من أبرزها إعلان جورج دبليو بوش فوزه في 2000 قبل حسم معركة فلوريدا، وصولاً إلى إعلان ترامب نفسه في 2020، يعود اليوم ليلقي بظلاله على المشهد الانتخابي. خطة المواجهة يعكف فريق هاريس على تطوير استراتيجية شاملة للرد السريع والحاسم على أي إعلان مبكر للنصر، إذ في تصريحات لشبكة CNN، أكد مستشاران بارزان أن الحملة تتبنى نهجاً "عدوانياً للغاية" في مواجهة أي ادعاءات غير مؤكدة في انتخابات أمريكا 2024. تتضمن الاستراتيجية حضوراً إعلامياً مكثفاً، وتواصلاً مباشراً مع الناخبين عبر منصات التواصل الاجتماعي، وتنسيقاً مع الخبراء القانونيين والمراقبين المستقلين لضمان شفافية العملية الانتخابية. وتشمل الاستعدادات تشكيل فريق استجابة سريعة يضم خبراء في القانون الدستوري والاتصالات السياسية، مع تجهيز غرفة عمليات مركزية لمراقبة تطورات الموقف على مدار الساعة، في انتخابات أمريكا 2024، كما تم تخصيص فريق قانوني متخصص للتعامل مع أي تحديات قضائية محتملة قد تنشأ عن الادعاءات المبكرة للفوز. الأجواء في مقر ترامب وسط أجواء مشحونة بالترقب، تكتمل الاستعدادات في القاعة المخصصة لمتابعة نتائج انتخابات أمريكا 2024 في مقر دونالد ترامب، إذ تم تجهيز المنصة الرئيسية لخطابه المرتقب أمام أنصاره والأمة الأمريكية. وتتصدر لافتة كبيرة تحمل شعار حملته المتكرر "ترامب سيصلح الأمر" واجهة القاعة، في حين تعرض شاشات عملاقة تغطية مختلف الشبكات التلفزيونية للحدث، وبينما يستعد الضيوف المدعوون للتوافد لمتابعة تطورات الليلة الانتخابية، يقضي ترامب الساعات الأولى في مقر إقامته بماراي لاجو، متناولاً العشاء في أجواء حميمية مع أفراد عائلته المقربين وأصدقائه وكبار المتبرعين لحملته، من بينهم رجل الأعمال المثير للجدل إيلون ماسك. ويأتي هذا المشهد ليضيف بُعداً جديداً للتوتر المتصاعد، خاصة مع التوقعات المتزايدة بإمكانية إعلان ترامب فوزه مبكراً في انتخابات أمريكا 2024 من على هذه المنصة، في خطوة قد تزيد من حدة المواجهة المرتقبة مع معسكر هاريس. دروس 2020 تستند استعدادات فريق هاريس إلى تجربة انتخابات 2020، التي شهدت إعلاناً مبكراً من ترامب عن فوزه قبل اكتمال فرز الأصوات. أدى ذلك الإعلان إلى سلسلة من الأحداث المضطربة، بدءاً من التشكيك في نزاهة الانتخابات، مروراً بالطعون القضائية المتعددة، وصولاً إلى أحداث 6 يناير 2021. وتظهر الوثائق والتقارير الداخلية أن فريق هاريس قام بتحليل دقيق لتلك الأحداث، مستخلصاً دروساً مهمة في كيفية التعامل مع مثل هذه السيناريوهات. ويشير محللون سياسيون إلى أن الديمقراطيين استفادوا من دروس الماضي، حيث يتبنون هذه المرة استراتيجية استباقية بدلاً من الاكتفاء برد الفعل في انتخابات أمريكا 2024، وتتضمن هذه الاستراتيجية تثقيف الناخبين مسبقاً حول إجراءات فرز الأصوات وأهمية انتظار النتائج الرسمية. سجل حافل من إعلانات النصر المبكرة شهدت الولاياتالمتحدة سلسلة من إعلانات النصر المبكرة في الانتخابات الأمريكية التي هزت المشهد السياسي على مدار العقدين الماضيين، ففي عام 2000، أثار إعلان جورج دبليو بوش فوزه قبل حسم معركة فلوريدا أزمة دستورية استمرت 36 يوماً، انتهت بتدخل المحكمة العليا. وفي 2004، أعلن جون كيري رفضه الاعتراف بخسارته في ولاية أوهايو لساعات قبل أن يتراجع، أما في 2016، فرغم إعلان هيلاري كلينتون هزيمتها مبكراً، إلا أن فريقها شكك لاحقاً في نتائج بعض الولايات المتأرجحة. هذا التاريخ المضطرب يجعل من استعدادات فريق هاريس اليوم خطوة استباقية تستند إلى دروس الماضي القريب. خطاب هاريس المرتقب كشفت المصادر أن نائبة الرئيس هاريس تستعد لإلقاء خطاب حاسم الليلة، بغض النظر عن إعلان نتائج السباق الانتخابي. ويعمل فريق من كتّاب الخطابات على صياغة رسائل متعددة تتناسب مع مختلف السيناريوهات المحتملة، وتركز هذه الرسائل على أهمية احترام العملية الديمقراطية وضرورة انتظار النتائج الرسمية النهائية. وتشير التقارير الداخلية إلى أن خطاب هاريس سيركز على ثلاثة محاور رئيسية، وهي التأكيد على نزاهة العملية الانتخابية، وأهمية احترام إرادة الناخبين، والدعوة إلى الوحدة الوطنية في مواجهة التحديات. كما سيتضمن الخطاب إشارات واضحة إلى الإجراءات القانونية والدستورية التي تحكم عملية إعلان النتائج. انتخابات أمريكا 2024 وانطلق اليوم الثلاثاء 5 نوفمبر التصويت في انتخابات أمريكا 2024، والتي يتنافس بها كلا من المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، نائبة الرئيس الحالي، والمرشح الجمهوري دونالد ترامب الطامح في العودة من جديد للبيت الأبيض. ونالت كامالا هاريس بطاقة الترشح للانتخابات ممثلة عن الحزب الديمقراطي، بعد الانتقادات الشديدة التي وجهت إلى الرئيس الحالي جو بايدن، بسبب آداءه الضعيف أمام منافسه دونالد ترامب في المناظرة الرئاسية، مما دفع بايدن لاحقا لإعلان انسحابه من الانتخابات ودعم كامالا هاريس. وتسعى هاريس لكتابة التاريخ في انتخابات أمريكا 2024 بأن تصبح أو امرأة تتولى منصب الرئيس في أمريكا، مثلما كانت أول امرأة تتولى منصب نائب الرئيس خلال انتخابات 2020 الماضية، حيث لم تصل أي سيدة للمنصب من قبل لرئاسة الولاياتالمتحدة. بينما يريد ترامب بأن يكتب التاريخ هو الآخر وأن يصبح ثاني رئيس في تاريخ أمريكا ينجح في العودة إلى البيت الأبيض بعد خسارة انتخابات الولاية الثانية، وهو الأمر الذي لم يسبقه إليه سوى جروفر كليفلاند في انتخابات عام 1892. وكانت ترامب قد خسر الانتخابات الأمريكية في عام 2020 لصالح جو بايدن ونائبته وقتها كامالا هاريس مما أحدث حالة من الفوضى في الولاياتالمتحدة وقادها عدد من مؤيدي الرئيس السابق. وستعرف الولاياتالمتحدة خلال الانتخابات الحالية الرئيس السابع والأربعين في تاريخها منذ جورج واشنطن، أول رئيس في تاريخ أمريكا. وعلى منصب نائب الرئيس تخوض كامالا هاريس الانتخابات بصحبة السياسي المُخضرم تيم والز، بينما يخوض دونالد ترامب السباق الرئاسي بصحبة السياسي الشاب جيه دي فانس. وتعرف الولاياتالمتحدة نظامًا خاصًا يتعلق بانتخابات الرئاسة الأمريكية، حيث لا تعتمد نتائج الانتخابات على التصويت الشعبي بل على نظام المجمع الانتخابي المكون من 538 صوتًا، حيث يلزم حصول الفائز على 270 صوتًا على الأقل في المجمع الانتخابي (نسبة ال"50%+1")، كي يفوز برئاسة الولاياتالمتحدة. ويعتمد توزيع أصوات الناخبين في المجمع الانتخابي على الكتلة السكانية لكل ولاية من الولايات الخمسين، وأكبر عدد من الصوات في المجمع الانتخابي لولاية كاليفورنيا ب54 صوتًا، تليها ولاية تكساس ب40 صوتًا، بينما أقل عدد من الأصوات لأي ولاية هو 3 أصوات، وهو في ولايات ديلاوير ومونتانا وفيرمونت ومقاطعة كولومبيا (واشنطن العاصمة) وألاسكا.