من علمنى حرفا صرت له عبدا.. هذه المقولة كانت محفورة فى ذهن جيلى وما سبقونى من أجيال (ولكن نقولها مجازا فمعاذ الله نحن عباد لخالقنا فقط) وإنما كانت ترمز إلى مكانة المعلم الرفيعة فى أذهاننا واحترامنا له بل الخوف منه أكثر من والدينا فأنا أتذكر مس ليندا مدرستى فى التوفيق القبطية والتى كنت عندما أشاهدها أسرع الخطى وأغير مسارى فهى رغم رقتها معنا كانت حازمة وصارمة جدا.. حديثى هذا بمناسبة احتفالنا الأسبوع الماضى بعيد المعلم.. والحقيقة لا أدرى هل أقف ضده فالقلة منهم بتصرفاتهم المادية شوهت صورة المعلم لدى الطلبة وأولياء الأمور وتغيرت النظرة لهم فأصبحت صورة باهتة إلا من رحم ربى.. أما هذه الأيام وبعد قرارات الوزارة الأخيرة اكتسبوا تعاطفى فكيف لمدرس أن يتحمل عشرين حصة يوميا. بجانب إشراف مبنى وإشراف يوم فى الحوش وتكليف وكيل النشاط وكمان إعداد ملف الموهوبين ولا تنتهى المهام عند هذا الحد بل عليه العمل والشرح داخل الحصة وإعداد الواجبات والتقييم الأسبوعى والشهرى للطلبة وما سيضاف من أعمال السنة.. وإذا كان موجها لمادة فعليه إعداد ثلاثة نماذج للامتحانات الشهرية لكل المراحل أى أن يعكف فى منزله بعد انتهاء عمله أياما وليالى لإعداد ما لا يقل عن خمسين نموذجا للامتحانات شهريا أما إذا كانت مدرسة فبجانب كل هذا فبعد يوم شاق تذهب إلى بيتها للقيام بواجباتها المنزلية ويا حبذا لو لها أطفال فى مراحل التعليم فستجلس معهم لمراجعة دروسهم وسيسمع العالم كله صوت صراخها لأنها تريد أن تنهى تلك الواجبات لتلحق كورسات التدريب وممكن قوى ترجع المدرسة إذا كان فى جدولها الحصص الأخيرة. فين بقى المدرس كإنسان والأكتر من ذلك أين هذا الطالب الذى يتحمل كل هذا التطوير، أنا لست ضد التطوير ولكن قديما قالوا إذا أردت أن تطاع فاطلب ما يستطاع.