تستمر الانتهاكات الإسرائيلية ضد الصحفيين والإعلاميين محاولة منهم لإخفاء جرائمهم المستمرة حيث تجاوز عدد الضحايا 85 صحفيًا وإعلاميًا فى فلسطين منذ أحداث «طوفان الأقصى» أما فى لبنان فقد تجاوز العدد 15 استهدافًا بينهم 5 شهداء.. ففى تصعيد متواصل ضد الإعلام شن جيش الاحتلال الإسرائيلى هجوما جويا على مقر إقامة الصحفيين فى حاصبيا جنوبلبنان، مما أدى إلى تدمير كامل للمبنى وإلحاق أضرار جسيمة بوحدات سكنية كانت تؤوى أطقم قنوات القاهرة الإخبارية، الجزيرة، الجديد، MTV، الميادين، والمنار. سلط هذا الهجوم الضوء على استمرار استهداف جيش الاحتلال للصحفيين فى محاولة واضحة لإسكات الأصوات الحرة وطمس الحقائق بشأن اعتداءاته المتواصلة. على الرغم من القوانين الدولية الإنسانية، التى تنص بوضوح على ضرورة حماية الصحفيين خلال النزاعات المسلحة، تتكرر الانتهاكات بحق الصحفيين والإعلاميين، حيث تصاعدت الهجمات والاعتداءات دون محاسبة. ويبرز فى هذا السياق مقتل الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة أثناء تغطيتها لاقتحام مدينة جنين فى مايو 2022، والتى أكدت التحقيقات أنها استهدفت برصاص قوات الاحتلال رغم ارتدائها سترة الصحافة ولم تكن شيرين أولى الضحايا ولا آخرهم. ورغم أن القانون الدولى يحمى الصحفيين من خلال اتفاقيات ومعاهدات عديدة، من بينها اتفاقيات جنيف والبروتوكول الإضافى الأول، اللذان يجرمان استهداف الصحفيين ويعتبرانه جريمة حرب. وقد شدد مجلس الأمن فى قراره رقم 1738 لعام 2006 على ضرورة حماية الصحفيين فى مناطق النزاعات، مدينًا كل الاعتداءات التى تستهدفهم.. فى ظل هذه القوانين، تبقى التحديات أمام حماية الصحفيين كبيرة، إذ يزداد القلق الدولى بشأن تكرار استهداف الإعلاميين، خاصة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، سواء فى فلسطين أو لبنان. يقول د. سامى عبد العزيز، عميد كلية الإعلام السابق بجامعة القاهرة، إنه ليس متفاجئًا على الإطلاق من تصرفات إسرائيل، حيث إن إسرائيل واليهود عامة عرفوا عبر التاريخ بازدواجية المعايير والقيم.. فى الماضى ومع غياب وسائل التواصل الاجتماعي، كانوا يمارسون أساليب لطمس الحقائق وإخفاء المعلومات وتشويهها، وكان من الصعب كشف هذا التزييف. لكن مع ظهور السوشيال ميديا وانتشار القنوات الفضائية والمراسلين، أصبح من الصعب على أى دولة إخفاء الحقائق والمعلومات. اليوم، يمكن لفيديو أو منشور على وسائل التواصل أن يحدث تأثيرًا كبيرًا، كما حدث مع الطلاب الأمريكيين الذين انتفضوا بسبب فيديو واحد. وسط هذا الكم الهائل من الحقائق التى يصعب تزييفها، أظهرت إسرائيل وجهها الحقيقي، وتطور الأمر من تشويه الأخبار إلى اغتيال ناقليها فى محاولات متكررة لطمس أى أدلة على ممارساتها الإرهابية، متحدية بذلك كل الأعراف والمواثيق.. وأضاف عبد العزيز متسائلاً: «أين المنظمات الدولية مما يحدث؟ أليست الحقائق واضحة؟ ألا تفضح الأخبار الجرائم التى يرتكبها هذا الكيان؟ أين هم من يدّعون الدفاع عن حريات الصحافة والمؤسسات الدولية التى تدعو إلى احترام حقوق الصحفيين وأمنهم؟ إننى أستغرب صمت هذه المؤسسات أمام هذه الانتهاكات الصارخة». وأوضح د. أيمن سلامة خبير القانون الدولى، أن إسرائيل اعتادت اختراق كل القوانين والمواثيق الدولية التى تنص على حماية الصحفيين وقد دأبت على استهداف الإعلاميين لطمس أى حقيقة تحاول نقل جرائمها دون تزييف. إن استهداف الصحفيين يهدف إلى إخفاء جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التى ترتكب بحق المدنيين، سواء فى فلسطين أو لبنان، وتخشى إسرائيل من أن يؤدى عمل هؤلاء الصحفيين إلى مساءلتها دوليًا فى المستقبل، أو أن يشكل تعاطفًا ودعمًا شعبيًا دوليًا للقضية الفلسطينية.