تاريخ السينما المصرية زاخر بالقصص الرومانسية والحب، في زمن الأبيض والأسود كانت القصص السينمائية أغلبها ثنائيات تحكي عن الحب والعشق، شادية وحليم، وفاتن حمامة وعمر الشريف، وسعاد حسني ورشدي أباظة، لا أحد ينسى أعمالا حفرت فى أذهاننا مثل «حبيبي دائما» بطولة نور الشريف وبوسي، و«الوسادة الخالية» بطولة عبد الحليم حافظ ولبنى عبد العزيز وزهرة العلا، و«رد قلبي» بطولة شكري سرحان ومريم فخر الدين، و«أغلى من حياتي» لشادية وصلاح ذور الفقار، و«نهر الحب» بطولة عمر الشريف وفاتن حمامة، و«القاهرة 30» و«غروب وشروق» و«الزوجة الثانية» و«لوعة الحب». فى الألفية الجديدة، اختفى الحب من الشاشة الفضية، ولا نعلم سر اختفائه هل بسبب نجاح الأكشن أم اختفاء الكتاب السينمائيين، وحتى مع وجود بعض المشاهد الرومانسية في بعض الافلام الحديثة مثل «عن العشق والهوى» لمنة شلبى والسقا، و«هبيتا» بطولة ماجد الكدواني، إلا أنها لم تحظ بنجاح كبير مع الجمهور، سألنا صناع الأعمال الفنية لمعرفة الأسباب، فماذا كان ردهم؟! تحدث المؤلف محمد صلاح العزب قائلاً: لا يمكن أن ننكر اختفاء الأفلام الرومانسية وضعف تواجدها مقارنة بباقى النوعيات من الأعمال الفنية، ولكن هذا ليس تقصيرا من المؤلفين أو المبدعين ولكنه ناتج عن العصر الذى نعيش فيه، بل إن تقديم عمل رومانسى كامل سواء سينمائيا أو تليفزيونيا أصبح لا يحظى باهتمام الجمهور، لذلك يلجأ صناع الأعمال الفنية إلى وضع الرومانسية فى خط من ضمن عدد من الخطوط الدرامية الموجودة داخل العمل الفنى، من أجل إرضاء المشاهد وجذبه للعمل. وأضاف: معظم التيمات الفنية المسيطرة حالياً على الأعمال الفنية هى الأكشن أو الكوميديا أو الإثارة والغموض أو الجريمة، يمكن أن يتخلل كل عمل منها جزء رومانسى بين البطل والبطلة، لكن لابد أن نعترف أن الرومانسية اختفت من حياتنا الواقعية ولذلك لا يمكن أن تتواجد فى الأعمال الفنية لأن الفن هو مرآة تعكس الواقع الذى نعيشه، فزمن العندليب عبد الحليم حافظ وكوكب الشرق أم كلثوم انتهى وأصبح هناك زمن آخر أسرع فى العلاقات الإنسانية. ◄ اقرأ أيضًا | ملامح تركية أصيلة.. تعرف على حياة «ليلى فوزي» في ذكرى ميلادها أما المخرج مجدى أحمد على فقال: الرومانسية القديمة اختفت، وهذا ليس فى مصر أو الشرق الأوسط فقط ولكن على مستوى العالم كله، وهذا على كافة المستويات سواء القصة أو الرقص والاستعراض والموسيقى، فكان هناك زمن يسمى بزمن الرومانسية، ساد بعد الحرب العالمية الثانية وظل حتى أوائل السبعينيات من القرن الماضى، حيث كان هناك رغبة بالعالم فى الهدوء وتهدئة الصراعات وتحقيق أحلام الشعوب فى بناء وطن مسالم، وساد السلام وتقبل الآخر والمواطنة. واستكمل حديثه: كل مظاهر الرومانسية بمعناها القديم انتهت وبالتالى انعكس ذلك على السينما والدراما التليفزيونية وحتى الأغانى، فمثلاً أخر فيلم رومانسى أتذكره هو «دعاء الكروان» بطولة فاتن حمامة، أما الأفلام الأخرى فمعظمها أجنبية وليست عربية. بينما اختلف المنتج صفوت غطاس مع تلك الآراء حيث أكد أن الأعمال الرومانسية ستعود مرة أخرى، وقال: أريد أن أؤكد أن الأعمال الرومانسية لا يمكن أن تختفى تماما من السينما أو الدراما التليفزيونية سواء بمصر أو بالعالم، بل إنها ستعود مرة أخرى قريباً. وأضاف: الفترة الحالية هناك تريند سائد فى الأعمال الفنية وهو الكوميديا والأكشن، وبمجرد أن ينتهى هذا التريند سيعود كل شىء لقواعده، خصوصا أننا فى عصر السوشيال ميديا الذى يسير على مبدأ قدم كل ما يرغبه الجمهور حتى تحقق النجاح. أما الناقدة ماجدة موريس فتقول: الرومانسية فى أفلام الأبيض والأسود كانت تعبر عن الرومانسية فى المجتمع نفسه وقتها، وسلوك الشخصيات وطريقة تعاملهم بتلك الحقبة الزمنية، فنحن الآن تغيرنا فى سلوكياتنا وأسلوب تعاملنا مع بعضنا البعض، والسينما لا يمكن أن تقدم إلا الموجود فى المجتمع حتى يصدقه الجمهور ويتعايش مع الفيلم على مدار فترة عرضه. وأوضحت: لا يوجد أى مقارنة بين الأفلام القديمة وبين الأعمال الفنية الجديدة التى تقدم وتناقش الحب، فعلى سبيل المثال فيلم «بحبك» بطولة الفنان تامر حسنى، لا يمكن مقارنته بأفلام عبد الحليم حافظ، وهذا ليس ذنب صناع الأعمال الفنية، على الرغم من أنهم عليهم جزء من اللوم فى أنهم اتجهوا إلى الأعمال التى تعتمد على السخرية والتنمر والإسفاف، وللأسف تلك النوعية من الأعمال تحقق إيرادات عالية، ولكنها لا يمكن أن تظل فى تاريخ السينما.