بعد 25 عاماً من إقامته فى القاهرة عاد أحمد الأسد إلى مسقط رأسه بمحافظة قنا، ليولد هناك من جديد كفنان باستطاعته تحويل جدران البيوت الفقيرة إلى معارض مفتوحة غنية بتفاصيل البيئة الصعيدية، ما جذب إليها الأنظار، وجعل المحافظ يلتقى به من أجل تجميل شوارع قنا.. بعد أن أنهى دراسته الثانوية، شد أحمد الرحال إلى العاصمة، ليلتحق بكلية الفنون الجميلة بالزمالك، وعقب تخرجه عمل فى كل شيء له علاقة بالفن والرسم والديكورات وإقامة المعارض. تزوج ابنة عمه واصطحبها معه، ليعيشا سوياً فى القاهرة، ومع انتشار «كورونا» قررا الرجوع إلى موطنهما بقرية المخادمة (الأشراف البحرية) لقضاء إجازة لمدة شهر واحد!. اقرأ أيضًا | «جاك شيراك» للبيع! وبعد مرور ثلاثة أيام شعر أحمد بالملل، نتيجة عدم قيامه بأى نشاط، ومنع الزيارات العائلية والتجمعات فى المنازل، ففكر فى الرسم على بيت والده!.. اشترى الخامات المطلوبة على نفقته الخاصة، وبعد الانتهاء من اللوحة التى ساعده فيها أطفال القرية، انبهر أهل القرية، واقترحوا عليه أن يشتروا له الخامات، ويرسم بيوتهم.. رسم 25 بيتاً، لتصبح الشوارع معرضاً مفتوحاً، تتحدث عنه القرى المجاورة، وتحدث ضجة يسمع بها محافظ قنا السابق اللواء أشرف الداوودى الذى حضر بنفسه ليشاهد ما يحدث على الطبيعة، أعجب باللوحات ورصد له وللأطفال مكافأة، وطلب منه البقاء فى قنا ليستكمل المشروع الضخم الذى بدأه. ومنذ شهر تقريباً تواصل مع بعض سكان جزيرة دندرة لأن كل شبابها - تقريباً - يعملون فى النقاشة، ولكن رسوماتهم تقتصر على أشكال بسيطة، ساعدوه، ووصفوا له ما يحبون أن يشاهدوه على بيوتهم ليقوم برسمه، وعاش معهم لفترة حتى عرف ما يرغبن فيه بالضبط، ونقله فى لوحات على جدران منازلهم.. حتى الآن انتهى من 4 لوحات: القدس والسيارة والمعابد التى تجمع معبد الأقصر ودندرة وفيلة فى مشهد واحد على النيل كأنهم فى مكان واحد. ويقول أحمد: «اللوحة التى كانت فاتحة الخير ولفتت إلى الأنظار، لوحة بيت «حزينة» الذى يقع فى مدخل القرية، وهو بيت مبنى بالطوب الأحمر ومهجور منذ أكثر من 60 سنة، أطلق على صاحبته اسم حزينة لأن والدها توفى يوم ولادتها منذ أكثر من 90 عاماً، وهذا البيت يقسم القرية نصفين، ولم يكن لدى الإمكانيات لأقوم بعمل محارة له قبل الرسم عليه، فرسمنا على الطوب الأحمر مباشرة، وكانت اللوحة عبارة عن قرية المخادمة بالكامل على حائط المنزل الذى يبلغ عرضه ما يقرب من 20أو 25 متراً، فنقلت عليه القرية كلها بيوتها ونخيلها ومقاماتها ومآذنها ونيلها، فقد صعدت فوق الجبل والتقطت صورة كاملة للقرية من فوقه، ونقلتها بالرسم على الحائط».. يستخدم أحمد الألوان البلاستيك والأبيض والصبغات السكيب والورنيش، فهى التى تتناسب مع طبيعة حوائط القرى الخشنة، وبعد الانتهاء من اللوحة يقوم بطلائها بالكامل بورنيش مائى، وهى خطوة فى منتهى الأهمية، فهو الذى يحافظ على اللوحة ويحميها من العوامل المناخية التى قد تؤثر عليها سواء الحرارة الشديدة أو مياه الأمطار فى الشتاء. ويحكى أحمد عن أغلى حائط فى حياته، وهو ما يطلق عليه حائط التجارب الموجود فى منزل والده، وهو الذى يقوم بعمل كل تجارب الألوان عليه، ويقول: «بدأت الرسم وأنا فى الرابعة من عمرى بتشجيع من والدي، الذى أحضر لى الألوان عندما شاهدنى أحاول الرسم على الحوائط، وضع لى ألواحاً من الأبلكاش على حوائط منزل جدى، وجعلنى انطلق، وكان له الفضل فى تنمية موهبتى».