قدم رونالد ريجان الرئيس الأمريكى وقتها الغطاء لإسرائيل فى هجومها، حيث أعطى لإسرائيل الضوء الأخضر لتدمير منظمة التحرير تعتقد إسرائيل أنها سوف تنعم بالأمن والاستقرار بعد غزوها لبنان.. نفس المشهد يتكرر بعد 42 عامًا.. ففى عام 1982 اجتاح الجيش الإسرائيلى لبنان فى عملية سميت باسم «كرة الثلج» أو «اصطياد العصفور» والعصفور هنا هو منظمة التحرير الفلسطينية ودخل إلى بيروت وبعد حرب مستعرة استمرت نحو 3 سنوات انسحب من كل لبنان ولم يحقق أى نجاح يذكر وبقيت الأمور على حالها ليعيد الكرة من جديد باجتياح جديد قبل أيام قليلة لكن العصفور تغير من منظمة التحرير إلى حزب الله. ربما كان أكبر نجاح لإسرائيل فى رأيى هو إجبار المقاتلين الفلسطينيين على مغادرة لبنان إلى تونس وعدة بلدان عربية. وبالمنطق لن ينجحوا هذه المرة فى إجبار مقاتلى حزب الله على مغادرة بلدهم! لن تنعم إسرائيل بالسلام والاستقرار طالما استمرت فى احتلال الأراضى العربية.. وعلى الرغم من توقيع اتفاقية سلام مع لبنان بعد خروجها من الجنوباللبنانى عام 1978وإقامتها شريطًا حدوديًا فى محاولة لمنع المقاتلين من التسلل إلى شمال إسرائيل. كان الوضع فى لبنان فى بداية عام 1982 يشكل امتدادًا لأوضاع الحرب الأهلية اللبنانية التى بدأت عام 1975 وهى صراع مستمر بين كتلة اليسار اللبنانى والمقاتلين الفلسطينيين ومنظمة التحرير الفلسطينية والحزب التقدمى الاشتراكى من جهة واللبنانيين اليمينيين من المسيحيين وحزب الكتائب اللبنانية وإسرائيل من جهة أخرى واستمر خلال النصف الأول من عام 1982 على شكل صراعات عنيفة بين هذه الأطراف. فى يوليو 1981، تم إبرام وقف إطلاق نار بين إسرائيل وقوات منظمة التحرير الفلسطينية بإشراف فيليب حبيب المبعوث الأمريكى إلا أن الإسرائيليين كانوا قلقين من تجمع قوات منظمة التحرير الفلسطينية فى جنوبلبنان منذ وقف إطلاق النار والذى اعتبرته تهديدًا لأمن حدودها الشمالية. فى 21 أبريل 1982 قصف سلاح الجو الإسرائيلى موقعا لمنظمة التحرير فى جنوبلبنان وفى 9 مايو 1982 قامت منظمة التحرير الفلسطينية بالرد بقصف صاروخى لشمال إسرائيل وتلى هذا القصف المتبادل محاولة لاغتيال سفير إسرائيل فى بريطانيا شلومو أرجوف فى 3 يونيو 1982 فقامت إسرائيل، وكردٍّ على عملية الاغتيال بقصفٍ لمنشآت ومواقع تابعة لمنظمة التحرير فى قلب بيروت. فى 5 يونيو 1982 بدأت إسرائيل قصفا جويا ومدفعيًا كثيفًا على مدينة صيدا وقرى النبطية والدامور وتبنين وعرنون وقلعة الشقيف الاستراتيجية. ودخل الجيش الإسرائيلى الأراضى اللبنانية فى 6 يونيو 1982. قدم رونالد ريجان الرئيس الأمريكى وقتها الغطاء لإسرائيل فى هجومها، حيث أعطى لإسرائيل الضوء الأخضر لتدمير منظمة التحرير وأكدت إسرائيل للأمريكيين أنها ستدخل لبنان لمسافة لا تتجاوز 30 كيلومترا لتحقيق أمنها والدفاع عن نفسها. كان ريجان لا يمانع فى القيام بعملية سريعة تكون بمثابة درس قوى لمنظمة التحرير الفلسطينية وقال الكسندر هيج وزير الخارجية الأمريكى «إننا نفهم أهدافكم ولا نستطيع أن نقول لكم لا تدافعوا عن مصالحكم». قاد العمليات الإسرائيلية أرئيل شارون وزير الدفاع الإسرائيلى فى ذلك الوقت فى الحكومة التى رأسها مناحيم بيجين. أعلن وقتها أن السبب هو دفع منظمة التحرير الفلسطينية وصواريخ الكاتيوشا إلى مسافة 40 كيلو مترا عن حدود إسرائيل. تعدلت الأهداف فيما بعد حيث أعلن الناطق الرسمى للحكومة الإسرائيلية إن أهداف إسرائيل هى إجلاء كل القوات الغريبة عن لبنان ومن ضمن ذلك الجيش السورى وتدمير منظمة التحرير الفلسطينية. نفس المشهد يتكرر وسيخرج الجيش الإسرائيلى من لبنان وسيتعرض لخسائر كبيرة فى جنوده مثلما حدث فى غزو 1982، حيث خسر نحو 1169 جنديًا وستظل المقاومة موجودة مهما فقدت أعدادا كبيرة من مقاتليها وأسلحتها ومهما تعرض لبنان لخسائر فى البنية التحتية. ما لم يحدث سلام حقيقى بالعودة إلى حدود الخامس من يونيو 1967 وإقامة دولة فلسطينية كاملة عاصمتها القدس وعودة الجولان إلى سوريا فلن يكون هناك سلام.