الجدل الدائر حول إعادة يحيى الفخرانى تقديم شخصية «الملك لير» للمرة الثالثة على المسرح.. لا يعنى الاعتراض على إعادة تقديم الأعمال الفنية مرة أخرى.. ولا التحفظ على «الريبورتوار» أو إعادة تقديم المسرحيات الكلاسيكية بنفس صورها السابقة (نصا وإخراجًا).. ولا إعادة تقديم المسرحيات بمعالجات جديدة ورؤى مختلفة.. ذلك جزء من مفهوم المسرح.. صيانة ذاكرته وتراثه وإنجازه، وأحد أشكال تطوره وتحديثه. الجدل الدائر حول يحيى الفخرانى (تحديدًا) وإصراره على تقديم شخصية الملك لير للمرة الثالثة (رغم تجاوزه ال80 من عمره)!!.. يراها البعض مغامرة بصحته وتاريخه، فلم يعد صالحا للوقوف على خشبة المسرح!! اعتراض هزيل وركيك.. لأن العمر ليس مقياسا للأداء والمستوى الفنى (قدمت أمينة رزق مسرحية «يا طالع الشجرة» على المسرح وهى فى عمر التسعين).. ولير ملك متهالك متداعٍ، يريد أن يتنازل عن الحكم ويقسم مملكته على بناته، لعدم قدرته على الحكم.. وهو يقارب عمر الفخرانى، أو العكس الفخرانى هو ما يقارب عمر لير!! لكن المعيار والنقاش والجدل الفنى محكوم أساسا بطريقة تقديم الشخصية وأسلوب الأداء والرؤية والإضافة الجمالية التى يقدمها العرض المسرحى. سبق وقدم الفخرانى شخصية لير مرتين على المسرح، ومرة أخرى من خلال معالجة درامية لعبدالرحيم كمال فى مسلسل (دهشة).. وعلى المسرح القومى قدم (الملك لير) 2001 من إخراج أحمد عبدالحليم.. وقدمها للمسرح الخاص 2019 من إخراج تامر كرم!! وسبق لى مشاهدة المسرحيتين أكثر من مرة، فى العرض الأول (إخراج أحمد عبدالحليم) رغم النجاح المدوى والحضور الجماهيرى، كانت الرؤية تقليدية تماما، اعتمد فقط على سطوع أداء أبطاله وحضورهم (الفخرانى، أحمد سلامة، أشرف عبدالغفور، سوسن بدر).. ولم يقدم العرض الثانى للملك لير، سوى الاستعراض الفخم لإنتاج القطاع الخاص.. وفى العرضين (القومى والخاص) كان الأداء لشخصية لير ميلودراميا ساذجا (لولا كاريزما وحضور الفخراني).. من هنا تأتى تجربة تقديم الفخرانى للملك لير مرة ثالثة (مسرحيا) مغامرة ومغامرة خطرة، ما لم تقدم جديدا واضحا.. رؤى مغايرة وإضافة جمالية، وهو بالأساس تحدى المخرج شادى سرور.