◄ براعة الأجداد الحقيقية بين العلم والأسطورة تُعَدُّ الحضارة المصرية القديمة من أعظم الحضارات الإنسانية التي أثرت في العالم بأسره، بفضل إنجازاتها الرائدة في مجالات الفلك، الطب، الهندسة، والفن. ومع ذلك، تتعرض هذه الحضارة، في بعض الأحيان، لسوء الفهم نتيجة التفسيرات المغلوطة والقصص غير الموثقة؛ كما أكده الطيب عبد الله حسن الخبير الاثري و مرشد سياحى بالأقصر. وأضاف الطيب ، أنه نجد مثلاً من يدّعي أن أجدادنا اخترعوا الطائرة اعتماداً على نقوش في معبد أبيدوس، أو غيره من الرموز التي تؤدي إلى استنتاجات مغلوطة، في الحقيقة، المصريون القدماء كانوا عباقرة في مختلف المجالات، لكنهم عبروا عن ذلك بطرق دقيقة تتطلب الدراسة العميقة للفهم الصحيح. في السنوات الأخيرة، ظهرت الكثير من المنشورات التي تتناول الحضارة المصرية القديمة، وتحديداً بعض الرسومات والنقوش التي تُعتبر دليلاً على تقدم هذه الحضارة في مجالات لم تكن معروفة من قبل، واحدة من هذه القصص هي ادعاء اختراع الطائرة على يد المصريين القدماء، مستندين إلى نقوش موجودة في معبد أبيدوس، والتي تظهر أشكالاً تبدو مثل الطائرات أو المركبات الحديثة. لكن الحقيقة التي يجهلها الكثيرون هي أن هذه النقوش تعرضت لتداخل في الكتابات الهيروغليفية نتيجة التغيرات الزمنية وترميم النقوش، ما أدى إلى ظهور هذه الأشكال الغريبة التي نراها اليوم، وقد تم تفسير هذه الأشكال بشكل خاطئ على أنها طائرات، بينما هي في الأصل مجرد رموز تقليدية تم تعديلها بمرور الزمن. ورغم أن أجدادنا المصريين القدماء لم يخترعوا الطائرة بمعناها الحديث، فإنهم بالفعل أبدعوا في مجالات أخرى بطريقة مذهلة، كانوا عباقرة في علم الفلك، حيث تمكنوا من تحديد مواقع النجوم والكواكب بدقة متناهية، واستخدموا هذه المعرفة في بناء المعابد والأهرامات، كما أبدعوا في الهندسة المعمارية، كما يظهر في الأهرامات العظيمة التي لا تزال تقف شاهداً على تقدمهم. اقرأ أيضًا| بين أكتوبر 1973 وأكتوبر 2024.. الدرس الأكبر أن يكون لديك جيش وطني قوي براعة المصريين القدماء في الفلك: يعتبر علم الفلك أحد المجالات التي تميز فيها المصريون القدماء، حيث قاموا بدراسة السماء بدقة واستخدموا هذه المعرفة في حساب التقويم وتنظيم الحياة اليومية، من خلال مراقبة النجوم، تمكن المصريون من تحديد أوقات الزراعة والحصاد، وكذلك تنظيم الأعياد الدينية، كما أن المعابد المصرية، مثل معبد الكرنك، تم تصميمها بحيث تتماشى مع حركة الشمس، وهو ما يعكس عبقرية المصريين في دمج العلم بالروحانية. إبداعهم في الهندسة المعمارية: الهندسة المعمارية المصرية القديمة تعتبر من أكثر المجالات التي شهدت إبداعًا لا مثيل له، فالأهرامات، والمعابد، والقبور الضخمة مثل تلك الموجودة في وادي الملوك، تعكس قدرة المصريين على بناء هياكل ضخمة باستخدام أدوات وتقنيات بسيطة نسبياً، كانت هذه الهياكل مخصصة ليس فقط للحياة اليومية ولكن للعبادة أيضاً، حيث كان المصريون يعتقدون أن الحياة بعد الموت تستحق الاهتمام بنفس القدر. على سبيل المثال، مقبرة الملك سابتاح في وادي الملوك هي مثال رائع على هذا الإبداع، حيث تظهر النقوش والتصميمات مدى التطور الفني والهندسي. التصوير والنقوش: الحقيقة من الوهم: عند زيارة وادي الملوك والتأمل في المقابر، مثل مقبرة الملك سابتاح، يمكنك أن ترى العديد من النقوش التي تصور مشاهد من الحياة اليومية أو العالم الآخر، ومن خلال الصور التي قمت بتصويرها شخصياً في هذه المقبرة، يمكن ملاحظة كيف أن النقوش الأصلية تكون في كثير من الأحيان معقدة ومتشابكة، إذا قمت بقص جزء من منظر معين، قد تبدو الصورة وكأنها تحكي قصة مختلفة تماماً، وهذا ما حدث في حالة معبد أبيدوس، حيث أدى التداخل في الكتابات إلى ظهور أشكال غريبة أساء البعض تفسيرها على أنها طائرات أو مركبات فضائية. الإبداع المصري بين الأسطورة والواقع: رغم أن المصريين القدماء لم يخترعوا الطائرات أو السيارات، فإن إبداعهم لم يكن أقل أهمية أو تأثيراً، بل على العكس، فقد تمكنوا من بناء واحدة من أعظم الحضارات الإنسانية التي استمرت آلاف السنين، من خلال فهمنا الصحيح لإنجازاتهم، يمكننا أن نقدّر بشكل أفضل براعتهم في مجالات العلم والفن والهندسة. ما يميز الحضارة المصرية القديمة هو قدرتها على الدمج بين الروحانية والعلم بطريقة مبتكرة، حيث انعكست هذه القدرة في كل جوانب حياتهم، من تصميم المعابد إلى دراسة النجوم، علينا أن نكون حذرين عند تفسير نقوشهم ورموزهم، وألا ننجرف وراء الأساطير غير الموثوقة، فالحقيقة في إنجازاتهم تكمن في التفاصيل، وليس في التفسيرات الخاطئة. من المهم أن نبحث دائماً عن الحقيقة فيما يخص حضارتنا المصرية العظيمة، وألا ننساق وراء الشائعات أو التفسيرات المغلوطة، أجدادنا حققوا إنجازات عظيمة، لكنها قد تختلف عما نتصوره من خلال الأساطير، براعتهم لم تقتصر على اختراعات قد لا تكون دقيقة، ولكن في استخدام مواردهم ومعارفهم بشكل مذهل لخلق حضارة ما زالت تؤثر على العالم حتى يومنا هذا.