أصابت انفجارات أجهزة الاستدعاء (البيجر) العالم، بحالة من الذُعر والخوف من أن تكون بطاريات «الليثيوم أيون»، سواء استخدمت فى هاتف محمول أو سيارة كهربائية، عبارة عن قنبلة موقوتة تحملها معك، وهو ما يرفضه خبيران تحدثا ل «الأخبار»، عن أن تفاصيل الانفجارات وقوتها تستبعد انفجار البطارية. وبدأت الانفجارات الثلاثاء 17 سبتمبر، عندما تفاجأ العالم بانفجار مئات من أجهزة (البيجر) بالجنوب اللبناني، مسببة مقتل نحو 12 شخصًا، بينهم طفلان، إضافةً إلى إصابة ما يقرب من 3 آلاف شخص، لتشهد لبنان فى اليوم التالى مزيدًا من الانفجارات، مما أدى إلى مقتل 14 شخصًا، وإصابة ما يقرب من 500 شخص، لتتجه أصابع الاتهام مباشرةً إلى بطاريات «الليثيوم أيون» المُستخدمة بالأجهزة. وبطاريات»الليثيوم أيون»، بطاريات قابلة لإعادة الشحن تُستخدم على نِطاق واسع فى الأجهزة الإلكترونية المحمولة والمركبات الكهربائية وأنظمة تخزين الطاقة، وهى شائعة لأنها تتمتع بكثافة طاقة عالية، مما يعنى أنها يمكن أن تخزن الكثير من الطاقة فى مساحة صغيرة. وداخل البطارية، تتحرك أيونات الليثيوم بين قطبين، وهما قطب موجب (يتكون عادة من أكسيد الليثيوم والكوبالت أو فوسفات الحديد الليثيوم)، وقطب سالب (يتكون غالبًا من الجرافيت)، وعندما يتم شحن البطارية، تنتقل أيونات الليثيوم من القطب الموجب إلى القطب السالب، وعندما يتم تفريغها، تتحرك الأيونات للخلف، مُطلقةً الطاقة التى تغذى الأجهزة.. وهذه البطاريات مُفضلة لأنها خفيفة الوزن، وتدوم لفترة أطول من الأنواع الأخرى من البطاريات القابلة لإعادة الشحن، ويمكن إعادة شحنها عدة مرات دون فقدان الكثير من سعتها، ومع ذلك، فهى حساسة لارتفاع درجة الحرارة، وقد يؤدى الاستخدام غير السليم إلى مخاطر تتعلق بالسلامة مثل الحرائق أو الانفجارات. اقرأ أيضًا| إيطاليا تفتتح منشأة لإنتاج بطاريات الليثيوم للغواصات المستقبلية «NFS» استبعاد التجسس وذهبت بعض التحليلات إلى أن أجهزة (البيجر) كانت مخترقة ببرامج تجسس رفعت من درجة حرارة الجهاز، الأمر الذى أدى لانفجار تلك البطاريات الحساسة لارتفاع درجات الحرارة، وهو ما يرفضه ماهر القاضي، الأستاذ المساعد بقسم الكيمياء والكيمياء الحيوية بجامعة كاليفورنيا-لوس أنجلوس الأمريكية، والمتخصص فى تصنيع البطاريات. ويقول القاضى إن»برامج التجسس، والتى يمكن بالفعل اختراق الأجهزة بها، تؤدى لارتفاع درجة الحرارة، لكن ليس للدرجة التى تتسبب فى انفجار البطارية». وتكون درجة حرارة الجهاز المُخترق ببرامج تجسس ما بين ال 40 و ال 50 درجة، حتى فى حال عدم استخدامه، وهذه ليست كافية للتسبب فى انفجار تلك البطاريات، والتى تخضع لاختبار (الصندوق الساخن) قبل خروجها للمستهلك. وفى هذا الاختبار يتم وضع البطارية فى صندوق درجة حرارته 150 درجة لمدة ساعة، للتأكد من أنها ستتحمل هذا القدر من الحرارة، لذلك فإن انفجار بطاريات الليثيوم أيون يحتاج إلى درجة حرارة تزيد على 170 درجة مئوية، وهى حالة لا يمكن أن تتحقق مع استخدام برامج تجسس أو إرسال رسائل نصية، كما ذهبت تحليلات أخرى، بحسب القاضي. انفجار مضاعف والأسباب الأخرى التى يمكن أن تؤدى لانفجار بطاريات الليثيوم أيون، هى أسباب ميكانيكية وأخرى مُتعلقة بالشحن الزائد، وهى لا تنطبق على انفجارات الثلاثاء، وفق القاضي. وتشمل الأسباب الميكانيكية، اختراق جزءٍ معدنى للبطارية، بما يؤدى لعمل دائرة مغلقة داخلها، يمكن أن تؤدى لسلسلة من التفاعلات الكيميائية المتواصلة، التى لا يمكن وقفها، وتؤدى لانفجار البطارية أو تعرض البطارية لضغطٍ عالٍ يؤدى لتلفها أو وقوعها من مكان مرتفع، أما السبب الآخر، فهو تعرضها لشحن زائد يؤدى لانفجارها، وهذا حدث غير متكرر واحتمالاته ضعيفة جدًا.. وبعد استعراض كل هذه الأسباب التى تؤدى لانفجار بطاريات الليثيوم أيون، خلص القاضى إلى أن السيناريو المرجح، زراعة مواد متفجرة داخل الجهاز، تم تفجيرها عن بُعد باستخدام شريحة اتصال وضعت مع تلك المواد، وهذا يفسر سر قوة الانفجارات، حيث كانت هناك مواد متفجرة بطبيعتها، وعندما انفجرت رفعت من درجة حرارة البطارية لتنفجر هى الأخرى، فأصبح هناك انفجار مُضاعف. ويرجح القاضى حدوث اختراق فى سلسلة إمداد حزب الله بهذه الأجهزة حدث خلاله وضع تلك المواد، حيث مرت تلك الأجهزة بمرحلة طويلة من التصنيع وصولًا إلى المستخدم، وتم وضع تلك المواد فى إحدى المراحل. الخيانة من داخل المصنع ويتفق د.مكى حبيب، أستاذ الميكاترونكس المتفرغ بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، مع ما ذهب إليه القاضي، من استبعاد فرضية انفجار بطاريات الليثيوم أيون، وقال: «حجم الجهاز صغير، وبالتالى حجم بطاريته صغير جدًا، ولا يتفق ذلك مع قوة الانفجارات التى وقعت». وتوجد ثلاثة أحجام لبطاريات الليثيوم أيون وهى «A ِA، AA A ،18650»، ومن المرجح أن أجهزة البيجر تستخدم أصغر الأحجام، وهى ( A ِ A)، والتى لا يمكن تسبب قوة تفجيرية كالتى تم رصدها.. ومثل القاضي، يرجح مكى زرع مواد متفجرة وشريحة اتصالات فى الجهاز، لكنه يرى أنه من الصعوبة وضعها فى المراحل الوسيطة بين التصنيع والاستهلاك. وقال: «من المرجح أن الخيانة وقعت فى مرحلة تصنيع الجهاز بوضع المواد المتفجرة والشريحة». ويدعم هذا السيناريو حالة الجدل التى أثيرت بعد تنصل الشركة التايوانية (غولد أبولو) المُصنعة لأجهزة البيجر من المسئولية، وتأكيدها على أنه تم تصنيع الأجهزة فى الشركة المجرية التى تملك حقوق التصنيع «بى إيه سى كونسلتينغ»، والتى تنصلت هى الأخرى.