الحوار الوطنى نقلة كبرى ولا خطوط حمراء بالقضايا المطروحة تحولات كبيرة طرأت على خريطة الأحزاب المصرية وعلى الساحة السياسية بشكل عام خلال السنوات العشر الأخيرة، إذ أفرز هذا العقد مشهدا جديدا للحياة الحزبية والنيابية وأوجد كيانات ومنتديات سياسية دعمتها القيادة السياسية لخلق واقع يعتمد فى فلسفته على التشاركية السياسية وإعداد الكوادر والنخب الشبابية، التى تساهم فى تطوير كبير للعملية السياسية، ويساعد ويرسخ لمفهوم التعددية الحزبية، ويعد حزب الإصلاح والنهضة أحد الأحزاب التى برزت بعد ثورة 25 يناير فى وسط سياسى جديد يؤثر فى فاعليته الحوار الوطنى وتنسيقية شباب الأحزاب واستراتيجيات دعم حقوق الإنسان وتعزيز كرامة المواطن، وحول هذا التطور السياسى الكبير. تحدث د. هشام عبدالعزيز، رئيس الحزب فى حوار مع الأخبار، حول العديد من الملفات المطروحة ورؤيته حول التطور الحادث والحراك الديناميكى فى العملية السياسية وجلسات الحوار الوطنى ونجاح التجربة الحزبية والمنجزات التى تحققت فى ملف الحريات، كما تحدث عن دور مصر وتحركاتها فى محيطيها الإقليمى والدولى، فى ظل الأزمات ونذر الحرب المشتعلة على حدودها باتجاهاتها الأربعة، وأوضح أن حزبه يصنف «بالإصلاحى» فهو يعتنق الإيدلوجية الليبرالية الاجتماعية ولكنه يحافظ على ثوابت الأمن القومى والدولة المصرية ومواجهة الإرهاب والتحرك فى السياسة الخارجية وفق أجندة الدولة المصرية، وإلى نص الحوار. كيف تنظر للتطور الكبير الذى تشهده الحياة السياسية والحزبية؟ بالتأكيد هناك تطور كبير فى الحياة السياسية والحزبية فى مصر منذ عدة سنوات، لعدة أسباب هامة، أولها إيمان القيادة السياسية بأهمية الحياة الحزبية والمشاركة السياسية بشكل عام، ربما حجر الأساس فى ذلك بدأ بمؤتمرات الشباب ثم منتدى شباب العالم، وإيمان راسخ من القيادة السياسية بأن الأمل الحقيقى فى الشباب المصرى، وانبثق عن أحد تلك المؤتمرات كيان سياسى هام كان له أثر بالغ فى تحريك المياه الراكدة فى الحياة السياسية وهو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين. اقرأ أيضًا| الإصلاح والنهضة: زيارة الرئيس السيسي إلى تركيا حدثًا تاريخيًا والسبب الثانى يرجع بصورة كبيرة جدًا للحوار الوطنى، الذى يعد «نقلة كبيرة» للحياة السياسية، وترسيخ لمبدأين هامين، أولهما «الحياة السياسية المبنية على الحوار وليس الصراع» وكذلك مبدأ «الديمقراطية التشاركية»، وأهمية الحوار الوطنى تنبع من «احترافية الإدارة» القائمة على الحوار من جهة، و«هيكلة ملفات الدولة» من جهة أخرى، لأول مرة فى تاريخ مصر يكون لدى كافة الأطراف ملفات واضحة تحت مسمى لجان، وقضايا محددة تحت كل لجنة. والسبب الثالث بالتأكيد كان الانتخابات الرئاسية الأخيرة، أول انتخابات تعددية «برامجية»، وبنسبة تاريخية فى التصويت داخل وخارج مصر، والسبب الرابع يرجع إلى «نضج» و»تطور» فى أداء بعض القوى السياسية، التى شاركت بفاعلية فى الأحداث الثلاثة السابقة، سواء فى التنسيقية أو الحوار الوطنى أو الانتخابات الرئاسية. هل لديكم تصورعن كيفية تفعيل دور الأحزاب؟ بداية اعترض بشدة على انتقاد البعض لزيادة أعداد الأحزاب السياسية، نحن لدينا فى مصر مثلًا أكثر من 50 ألف مؤسسة مجتمع مدنى، فطبيعى فى بلد بها 115 مليون مواطن ولديها ميراث نيابى يعتبر من الأقدم فى المنطقة العربية والشرق الأوسط أن يكون لديها أعداد كبيرة من الأحزاب وطبيعة الحياة السياسية المنفتحة أن تفرز أعدادًا كبيرة من الأحزاب، ثم الواقع يرتب تلك الأحزاب إلى «نخبة حزبية» قد لا تتجاوز ال 10 أحزاب على الأكثر وهى الأحزاب الأكثر فاعلية ومشاركة، ثم مجموعة حزبية متوسطة المشاركة، وأخرى ضعيفة المشاركة، ولابد من تشجيع الحياة الحزبية وليس «إجهاض» محاولات جادة متعددة، والأفضل أن يتم تحفيز المصريين على الانخراط فى الحياة الحزبية. بماذا تقيمون الحوار الوطنى، والتوصيات التى يخرج بها؟ الحوار الوطنى هو حدث فارق فى تاريخ مصر الحديث وليس فقط فى السنوات العشر الاخيرة، نحن أمام حوار بلا أسقف، ولا خطوط حمراء، ليس هناك قضية يحلم أى فاعل سياسى أو مشتغل بالشأن العام بمناقشتها إلا وتم إفساح المجال لها، تم الحديث فى قضايا حقوق الإنسان والحبس الاحتياطى ومكافحة التمييز والمشاركة السياسية وقانون المحليات والأحزاب السياسية. ولم يتوقف الأمر عند القضايا السياسية ولكن أيضًا القضايا المجتمعية الهامة والشائكة. برأيك، هل التغيرات السياسية خلقت منابر جديدة، بعيدا عن اليمين واليسار والوسط؟ دعونا فى البداية نتفق على أننا أمام ظرف عالمى جديد، ونظام عالمى يتشكل، ولم تعد ثنائية «الرأسمالية فى مقابل الاشتراكية» أو «اليسار فى مقابل اليمين» كما كانت فى أعقاب الحرب العالمية الثانية أو إبان الحرب الباردة مثلًا، ولكننا أمام أحداث وسياقات لم تمر على العالم من قبل، وقد أصبح طبيعيًا أن نرى «قلعة الليبرالية» كالولايات المتحدةالأمريكية تتدخل فيها الدولة لإنقاذ الاقتصاد «الحر»، بينما أحد أهم قلاع الشيوعية وهى دولة الصين مثلًا أو روسيا «ورثية الاتحاد السوفيتى» تتبنى اقتصادًا «حرًا».. ومن هناك فإننا نرى بأن الأوفق للحالة العالمية والحالة المصرية على وجه الخصوص ما يمكننا تسميته ب «السياسة البرامجية» وهى التى تتعامل مع كل حدث وفق سياقه، وتبحث فى الأسباب وسبل الحل الأوفق والأكثر فاعلية. ما تقييمك للتطور الحادث فى هذا الملف؟ بداية نحن أمام أول مرة فى تاريخ مصر يكون لدى الدولة المصرية والقيادة السياسية تصور كامل وشامل عن حقوق الإنسان، سواء الحقوق المدنية والسياسية أو الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وكذلك حقوق الفئات المختلفة مثل الشباب والمرأة وذوى الهمم، وهى المحاور الثلاثة الرئيسية فى الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان بجانب اهتمام غير مسبوق من الدولة المصرية فى تعزيز ثقافة حقوق الإنسان وتدريب وتأهيل كافة الأطراف المعنية فى الدولة لتحقيق ذلك وهو المحور الرابع للاستراتيجية. للمرة الأولى منذ عقود تعيش مصر فترات طويلة دون قانون طوارئ، ولدينا لجنة عفو رئاسية يتم تشكيلها بشكل طوعى من القيادة السياسية، وتسهم فى الإفراج عن الآلاف من المحبوسين احتياطيًا أو المحكوم عليها ومستحقين للعفو، بجانب لجان لدمجهم، بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدنى والتيارات السياسية خاصة الدور الريادى لتنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين من خلال لجنة دمج المفرج عنهم. ولعقود متعددة تطالب القوى السياسية بإعادة النظر فى قانون الإجراءات الجنائية خاصة فى المواد الخاصة بالحبس الاحتياطى ونحن ننتظر الآن التوصيات النهائية بهذا الصدد التى سيتم رفعها من قبل الحوار الوطنى إلى رئيس الجمهورية لاتخاذ ما يراه مناسبًا بصددها. لا يمكننا القول بأن ذلك سقف الطموحات فى حقوق الإنسان، فالمواطن المصرى يستحق المزيد والمزيد، ولكن نحن نسير بخطى ثابتة وبمنحنى تصاعدى فى ملف حقوق الإنسان بفلسفته العامة والشاملة. حدثنا عن التقييم الحزبى لدور مصر الإقليمى والدولى؟ هذا الملف تحديدًا يمثل إعجازًا حقيقيًا للدولة المصرية، فمن مشارف الحرب الأهلية وحالة شبه الدولة إلى دولة مستقرة وقوية تنمو وتزدهر فى ظل حالة إقليمية شديدة التعقيد، هذا الأمر ينظر إليه البعض كأنه أمر عادى، والحقيقة أن ذلك أمر استثنائى، فإذا ما نظرنا لحدود مصر الشرقية والغربية والجنوبية وحتى الحدود الشمالية، كلها ملتهبة، بينما مصر فى حالة استقرار، هذا الأمر ليس مصادفة ولكنه نتاج عمل مستمر وخطة استراتيجية واضحة للدولة المصرية بكافة أجهزتها. بجانب قدرة مصر على لعب دور الوسيط فى العدوان الدائر على غزة، وسعيها الدائم على كافة الأصعدة لضمان محاسبة الاحتلال الإسرائيلى على جرائم الإبادة الجماعية من خلال الجهد القانونى لمصر فى المحافل الدولية، بالإضافة إلى العمل على محاولة إعادة الاستقرار إلى السودان والسعى فى إعادة إعمار ليبيا، بالإضافة إلى استعادة مصر للمكانة اللائقة بها إفريقيًا وعربيًا وعلى مستوى العالم فى كافة المنظمات الدولية والإقليمية. ماهى رؤية الحزب للنظام الانتخابى الأنسب الخاص بالقوائم الانتخابية؟ رؤية الحزب فى هذا الصدد قد تم إعلانها بوضوح وإرفاقها ضمن ملف مقدم لأمانة الحوار الوطنى فى جلسة النظام الانتخابى فى ظل الضوابط الدستورية، وهو أن النظام الأنسب هو خليط بين النظام الفردى «25%» ونظام القوائم المغلقة «50%» والنسبية «25%» لأن هذا النظام يمثل الاستفادة من فوائد الأنظمة المختلفة والدمج بينها والتقليل من الآثار السلبية لكل نظام على حدى.. أما عن استعداد الحزب للانتخابات التشريعية فى العام القادم، فإن الحزب يعمل على أكثر من صعيد، أولها هو جذب العضويات الجديدة على كافة المستويات، خاصة على مستوى المرشحين المحتملين الذى يمكن للحزب أن يدفع بهم فى الانتخابات القادمة، وكذلك قام الحزب بالتوسع فيما يقارب نصف المحافظات المصرية كمرحلة أولى للتوسع تمهيدًا للاستعداد لخوض الانتخابات التشريعية السنة القادمة على عدد أكبر من المقاعد بجانب الاستعداد للانتخابات المحلية المنتظرة.