عندما بدأت روسيا حربها فى أوكرانيا فى فبراير من عام 2022، كنت أعتقد وغيرى أن روسيا ستحسم هذه الحرب خلال أسبوع على الأكثر، ستلحق فيه أوكرانيا بهزيمة فادحة، وحتى لما بدأت أمريكا والدول الأوروبية مساعدة أوكرانيا عسكريا، قلت ربما تزيد مدة الحرب قليلا، ولكن المسألة لن تستغرق شهورا ربما لا تزيد على عدد أصابع اليد الواحدة، وأجمع كثير من المراقبين على أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين عندما بدأ الحرب، هو ذاته كان فى يقينه أن روسيا قادرة على تحقيق انتصار ساحق على أوكرانيا فى أيام، ينتهى بسقوط العاصمة كييف والقبض على الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى ومساعديه أو فرارهم، ليتم تغيير الحكم واستبداله بحكم موالٍ لروسيا، وربما هذا ما وضح فى أول خطاب للرئيس بوتين مع بدء الحرب، حيث حرص على إطلاق مسمى «العملية العسكرية الخاصة» عليها، مشددا على أنها ليست حربًا، ولكن ما حدث كان عكس كل التوقعات، فلم تتمكن القوات الروسية من حسم الحرب، واستمر الصمود الأوكرانى، وبعد نحو العامين والنصف العام، حدث ما لم يكن فى الحسبان، ألا وهو انتقال الحرب التى بدأتها روسيا فى الأراضى الأوكرانية، إلى الأراضى الروسية، حدث ذلك بالاختراق الأوكرانى للأراضى الروسية عند إقليم كورسك أوائل الشهر الماضى، لتدخل قوات أجنبية للأراضى الروسية لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، وجاء دخولها لإقليم كورسك الذى له رمزية كبيرة فى ذاكرة التاريخ الروسى، ففيه دارت أكبر معركة للدبابات بين القوات السوفياتية والألمانية النازية فى الحرب العالمية الثانية، منحى جديد مختلف يغير البوصلة فى الحرب الروسية الأوكرانية ! فهل فشلت القوات الروسية فى هزيمة أوكرانيا ؟ مؤكدا أن روسيا قادرة على تحقيق الانتصار ولكنها حتى لو سحقت أوكرانيا، فسيكفى الأخيرة ما فعلته فى ثانى أكبر جيوش العالم. ويبقى أن كل النيران تنذر بنشوب حرب عالمية سيكون الجميع فيها خاسرًا.