لم يتوقف الجدل الدائر بشأن القرارات التى اتخذها وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، محمد عبداللطيف، التى طالت جميع مراحل التعليم، وتصدرت الثانوية العامة اهتمامات الرأى العام قبل أن تطفو إلى السطح القرارات الخاصة بالمرحلة الابتدائية مع الانتقال بشكل كامل من نظام كان يقوم بالأساس على أن متعة التعلم هى الأساس دون الاعتماد على اختبارات التقييم، وهو ما ترتب عليه عدم وجود أى اختبارات حتى الصف الرابع الابتدائي، إلى نظام التقييم المستمر لطلاب هذه المرحلة على مدار العام مع عودة امتحانات نهاية العامة بدءاً من الصف الثالث الابتدائى. ◄ خبراء يرحبون.. وأولياء الأمور متخوفون من سطوة المعلمين يظل أولياء الأمور والطلاب في حيرة من أمرهم بين الأسلوب الأجدى مع الطلاب فى هذه المرحلة وما إذا كان الاتجاه نحو تعزيز الاهتمام بالتقييم قد يؤدى لأن تكون الامتحانات هدفَا رئيسيًا للأسرة والطلاب وليس التعليم القائم على المعرفة، وما إذا كان سيؤدى ذلك لعودة تحكم المعلمين فى الطلاب وأولياء أمورهم بعد أن أضحى ما يقرب من نصف درجات الامتحانات بيد مدرس الفصل الذى سيكون عليه إجراء اختبارات الشهر والواجبات المدرسية الأسبوعية وتقييمات النشاط وتقييم درجات المواظبة والسلوك. ◄ القرارات تستهدف ضمان زيادة الارتباط بالمدرسة ◄ القرارات وتضمنت القرارات الخاصة بالمرحلة الابتدائية، اعتبار الصف الثالث سنة نجاح ورسوب على غرار الصفوف الرابع والخامس والسادس الابتدائى، وكذلك عودة الامتحانات الشهرية «تحريرية وشفوية» لطلاب الصفين الأول والثانى، واشتراط حضور التلميذ تلك الامتحانات ونسبة لا تقل عن 60% من عدد أيام الدراسة كشرط أساسى لنقل الطالب، وفى حالة عدم استيفاء ذلك يخضع التلميذ لامتحان تقييم على مستوى المدرسة تحت إشراف الإدارة إما أن ينجح الطالب أو يرسب. كما تضمنت القرارات تقييم تلاميذ المدارس من الصف الثالث حتى السادس وفقًا لامتحان نهاية الترم ويقدر ب60 درجة والمهام الأدائية 10 درجات وكراسة الواجب 5 درجات وكراسة الأنشطة 5 درجات والتقييم الأسبوعى 5 درجات والتقييم الشهرى 10 درجات والمواظبة والسلوك 5 درجات، وكذلك اعتماد قائمة أوائل لتلك الصفوف على مستوى المدرسة والإدارة والمديرية التعليمية. تواصلنا مع الدكتور أيمن بهاء الدين البصال، نائب وزير التربية والتعليم لشئون التعليم الفنى، حيث أكد أن التعليم تحديداً فى المرحلة الابتدائية منظومة معرفية ينتقل بها الطالب من المرحلة الابتدائية إلى الإعدادية وضمان تحقق ذلك يكون بحاجة لإجراء تقويم مستمر لضمان استفادة الطلاب، وهو أمر كانت منظومة التعليم تفتقده خلال الفترة الماضية نتيجة زيادة الكثافات وعجز المعلمين، ومع إيجاد حلول متبكرة لمشكلة الكثافات تمثلت فى استغلال الفراغات الموجودة فى المدارس وكذلك فتح الباب بشكل أكبر للاستعانة بمعلمى الحصة وتعيين معلمين جدد، أصبح هناك فرصة للعودة إلى الأصل، إذ إن ما كان يطبق خلال السنوات الماضية منذ تطوير المنظومة التعليمية كان استثناءً وترتب عليه ضعف متابعة وتقييم الطلاب ومن ثم تراجع مستوياتهم. ◄ اقرأ أيضًا | التعليم: توزيع خريطة التدريس ونماذج التقييمات على المديريات قبل بدء الدراسة ◄ الأشكال مختلفة وأضاف أن نظم تقويم الطلاب لديها أشكال مختلفة وقد لا تتناسب مع الحالة المصرية ولذلك وقع الاختيار على التقويم الشامل، ولكن الذى لا يضمن البقاء فى المدرسة طوال اليوم كما هو مطبق فى الخارج وأن الهدف الرئيسى يبقى فى تدريب الطلاب على الكتابة التى تعد مكتسبة بالأساس، وليس من المنطقى أن يظل حتى الوصول إلى الصف الرابع الابتدائى دون أى تقييم يختبر قدرته على الكتابة وترتب على وجود مشكلات كبيرة فى القرائية. وأشار إلى أن الكثافات فى المرحلة الابتدائية لن تصل إلى 70 و80 طالبا كما كان ذلك فى السابق، ونستهدف الوصول إلى 47 طالبا فى الفصل الواحد، وأن الوزارة قررت أولاً سد عجز المعلمين والاستفادة من كل الفراغات وزيادة زمن الحصة الواحدة فى مقابل انخفاض عدد نصاب الحصص فى المادة الواحدة أسبوعيَا، وهو ما أتاح إمكانية توزيع المعلمين على عدد أكبر من الفصول، مشيراً إلى أن التعليم واجه مشكلات تتعلق بالاستسلام للواقع دون البحث عن حلول يمكن أن تساهم فى تخفيف الأزمة وتضمن الارتقاء بمستويات الطلاب. ◄ أصحاب رسالة ورد البصال على مخاوف أولياء الأمور بشأن استغلال المعلمين للطلاب وإجبارهم على الدروس الخصوصية قائلا: «لا يمكن توجيه اتهامات عامة لأكثر من 900 ألف معلم مسئولين عن إدارة المنظومة التعليمية، وهؤلاء لديهم رسالة يقدمونها من خلال المدرسة وهناك جزء كبير منهم لا يعملون كمدرسين خصوصيين، وفى المقابل هناك آليات قوية للمتابعة من جانب وزارة التربية والتعليم ستكون مختلفة عن السنوات الماضية من خلال موجهى المواد وهناك خطط مفتوحة لضمان تفعيلها لكى يكون هناك متابعة يومية داخل المدرسة». وتابع: «فى عصر السوشيال ميديا من الصعب أن يبتز المعلم أيًا من الطلاب دون أن يكون ذلك محل جدل واسعا، مع انتشار جروبات الماميز ووجود رقابة مجتمعية قوية، ونطالب أولياء الأمور بإبلاغنا عن أى مخالفات تحدث مع أبنائهم والتواصل معها عبر وسائل الاتصالات المختلفة مع الوزارة». ونفى نائب وزير التربية والتعليم، إقرار اختبارات مركزية من جانب وزارة التربية والتعليم على جميع مدارس الجمهورية فى المرحلة الابتدائية، مشيراً إلى أن الوزارة تشجع مركزية القرار ولكل مدرسة ظروفها الخاصة التى تحدد على أساسها محتوى. كما نفى أيضًا تطبيق جدول حصص مركزى على جميع مدارس الجمهورية فى مراحل التعليم المختلفة، مشيراً إلى أن الوزارة قد تصدر جداول استرشادية لكنها لا تكون ملزمة للالتزام بها، وأن لكل مدرسة طبيعتها أيضًا التى تحدد على أساسها توزيع جداول الحصص بين المعلمين. ◄ تعزز ثقة الطلاب بأنفسهم وتنمى لديهم قيمة العمل ◄ مطلوب جدًا وقال الدكتور حسني السيد، الخبير التربوى، إن التقويم المستمر طول فترة المرحلة الابتدائية مطلوب للغاية وهو الأكثر إيجابية بالنسبة للطلاب، لكن يجب أن تكون له أشكال وأوجه مختلفة على حسب مستويات الطلاب، والمرحلة العمرية ومعدلات ذكائهم، مشيراً إلى أنه قد يكون هناك تقييم للطالب من خلال الأنشطة وقد يكون شفويًا أو تحريريًا والمهم أن يتحقق التنوع المطلوب. وأضاف أن الاختبارات بمثابة تعزيز لثقة الطلاب فى أنفسهم وأن يحصل الطالب فى المرحلة الابتدائية على إشادة تعزز لديه قيمة العمل، كما أن وجود معدلات أمية وصلت من قبل إلى 80% لطلاب الدبلومات الفنية يتطلب التعامل إيجابًا وبشكل أكثر فاعلية على طلاب المرحلة الابتدائية، وأن ذلك لا يمكن أن يحدث بدون تقييم مستمر للمهارات التى يكتسبها الطلاب. وأشارت وزارة التربية والتعليم، إلى أن مجمل الفترات الدراسية أسبوعيا 15 فترة، بالإضافة إلى فترتين خاصتين بمنهج اللغة الإنجليزية (Connect Plus) الخاص بالمدارس الرسمية اللغات والمدارس الخاصة التى تدرس باللغة الإنجليزية، إلى جانب زيادة مدة الفترة الدراسية وهى حصتان، وتصل ل100 دقيقة، مشيرة إلى منهج القيم واحترام الآخر للصفين الأول والثانى من حلقة التعليم الابتدائى، ويقوم بتدريسه معلم الفصل، بواقع نصف فترة من فترات التربية الدينية أسبوعيا. وتنقسم التقييمات - فى الفصل الدراسى الواحد - إلى ثلاثة، على النحو التالى:- تقييم شهرى أول: يستهدف أجزاء المقرر التى تم تدريسها من بداية العام الدراسى، وحتى نهاية شهر أكتوبر، ويقيس نواتج التعلم المستهدفة، فى تلك الفترة الزمنية فقط، بواقع 5 درجات تقييم شهرى ثانٍ يستهدف أجزاء المقرر التى تم تدريسها، من نهاية شهر أكتوبر، وحتى نهاية شهر نوفمبر، ويقيس نواتج التعلم المستهدفة، فى تلك الفترة الزمنية فقط بواقع 5 درجات. ◄ التخوفات وأكد الدكتور محسن فراج، أستاذ المناهج وطرق التدريس بجامعة عين شمس، أن ما أقرته وزارة التربية والتعليم من قرارات تخص المرحلة الابتدائية يتماشى مع المفاهيم التربوية وتحقق مفهومين رئيسيين، الأول يرتبط بالتقييم الشامل الذى يتضمن التنوع فى التعرف على قدرات وشخصية المتعلم يكون ذلك من خلال الاعتماد على المهام الأدائية القصيرة، إلى جانب هدف آخر يرتبط بالتقويم المستمر من خلال إقرار امتحانات متتالية فى كل فترة زمنية تستهدف تقييم الطلاب على نواتج التعلم فى تلك الفترة، ثم الانتقال إلى الفترة التى تليها. وأوضح أن التخوف يبقى من إساءة تطبيق هذه القرارات تحديداً ما يتعلق بعودة أعمال السنة وارتباطها بمزيد من الدروس الخصوصية، وأن القصد من وضع الامتحانات ليس تخويف الطلاب أو خلق فوبيا لديهم، إذ إن تجزئة المادة الدراسية وتوالى الاختبارات يساهم فى أن يكون ذلك أمراً معتاداً وسهلاً عليهم، وهو أمر إيجابى ما لم يشكل عبئَا على أولياء الأمور لأنه فى تلك الحالة قد يواجه تذمراً من جانب أرباب الأسر. ◄ العودة للمدرسة وأشار إلى أن عودة امتحانات نصف ونهاية العام لطلاب الصف الثالث الابتدائى ترجع لأن مرحلة التعليم الأساسى تنقسم إلى ثلاثة أقسام، الأول حتى الصف الثالث الابتدائى والثانى حتى الصف السادس والثالث وصولاً إلى شهادة المرحلة الإعدادية، وهى مراحل يبقى فيها التعليم إلزاميًا، وبالتالى من الضرورى التعرف على مستويات الطلاب مع نهاية كل مرحلة من هذه المراحل والتأكيد على أن الانتقال لمرحلة مختلفة جاء وفقًا للتأكد من مستويات الطلاب التى تؤهلهم إلى ذلك. وأكد أن ما أقرته الوزارة مسألة مجهدة ومكلفة ولكنها قرارات تساهم فى عودة الطلاب إلى المدرسة، وأن وجود اختبارات تقويم متعددة يجعل الطلاب أكثر انجذابًا نحو سناتر الدروس الخصوصية التى تفعل ذلك بشكل مستمر، لافتًا إلى أنه كان يأمل فى أن تبقى معدلات الحضور لطلاب الصفين الأول والثانى الابتدائى لتصل إلى 75% بدلاً من 60% كما هى قائمة حاليًا.