منذ خروجها للنور، لم تكن الأميرة «مجلة آخر ساعة»، مجرد مطبوعة عادية، كانت الفكرة التى تدور فى أذهان المصريين، والحلم الذى لا يفارقهم، والأمل الذى يسعون إليه، والشخصيات العظيمة التى جعلتها ملكة متوجة فى بلاط صاحبة الجلالة، تلك الأميرة التى خرجت للوجود منذ 90 عاما بالتمام والكمال فى مثل تلك الأيام وبالتحديد فى 14 يوليو من عام 1934، كان ميلادها فى نفس يوم الثورة الفرنسية، وحملت نفس الشعار «الحرية والإخاء والمساواة»، وصنعت عبر السنوات موسوعة متكاملة لتاريخ مصر والمصريين عبر 90 عاما، فى كل المجالات من ما قبل ثورة 23 يوليو وحتى ثورة 30 يونيو، من عصر الملكية إلى عهد الجمهورية بكل مراحلها، كانت آخر ساعة صوت المصريين، وقبلة المثقفين، وحاضنة كل الفنانين فى كل المجالات . الأميرة التى بلغت من عمرها 90 عاما، مازالت فى عز شبابها، فأكثر ما يميزها هم شبابها، الذين يعملون فى مناخ وسياق مختلف وتحديات صعبة، من أجل مواصلة نفس المسيرة التى بدأها الشباب الأوائل تحت رعاية الأستاذ محمد التابعى أمير الصحافة العربية، فقد صنع الشباب نجاحها، وحفروا اسمها فى التاريخ، بداية من مصطفى أمين مرورا بمحمد حسنين هيكل ويوسف السباعى وأحمد بهاء الدين، وأنيس منصور، ومازالت الأجيال تتواصل، وتسلم الأمانة جيلا بعد جيل، وتؤديها على خير وجه، من أجل الوطن وذلك الشعب العظيم، الذى كان محور قصيدة «على باب مصر» التى غنتها كوكب الشرق أم كلثوم، بكلمات الشاعر الكبير كامل الشناوى أحد رؤساء تحرير «الأميرة»، ومن أبياتها «أنا الشعب لا أعرف المستحيلا .. ولا أرتضى بالخلود بديلا»، وهكذا كان المصريون، وهكذا كان فريق تحرير المجلة عبر السنين لا يرتضى سوى بالخلود، نجوما لامعة فى سماء صاحبة الجلالة، وفى سطور كتبة تاريخ الصحافة المصرية والعربية. تمر تلك السنوات الطويلة ومازالت «آخرساعة» تؤدى رسالتها، وتقدم للصحافة المصرية نجومها الذين زينوا سماء مصر، منذ بدأت وحتى اليوم، بداية من هيكل وأنيس منصور، مرورا بمصطفى شردى ووجيه أبو ذكرى وصلاح منتصر وسناء البيسي، ونهاية بآخر النجوم الكاتب الصحفى محمود بسيوني، رئيس تحرير جريدة «أخبار اليوم»، الشقيقة الكبرى للأميرة مجلة آخر ساعة، وكما كانت مقرا لكبار الصحفيين، كانت أيضا حاضنة لعمالقة الفن التشكيلى والكارتون، بداية من صاروخان ورخا وبيكار وكنعان ومصطفى حسين ، ونهاية بمحمد عمر . وفى كل عهودها كان أجمل ما فى الأميرة هم شبابها الذين كانوا وسيظلون على قدر التحديات فى بلاط تلك المهنة، وخاصة تلك التى تواجه الصحافة الورقية، وهى نفس التحديات التى واجهها التلغراف منذ ظهر الراديو، وحدثت عندما ظهر التلفزيون ثم الفضائيات وتطبيقات الإنترنت، وتظهر قيمة المضمون أو المحتوى الذى يجذب الجمهور والمعلن، وهكذا رأينا عودة صحف عالمية إلى إصدارها الورقي، وشاهدنا الراديو وهو يتفوق فى عدد المستمعين وسعر الإعلان على التلفزيون والفضائيات والمواقع، فقضيتنا هى قضية إيمان بقيمة المحتوى، وبمهمة الصحافة للمواطن والأوطان، وإيمان بدورها الهام فى تطبيق مبادئ آخرساعة الذهبية «الصدق والدقة والموضوعية»، التى أرساها المؤسس الأستاذ التابعى بقوله «يمكنك أن تفقد سبقا صحفيا مهما، ولكن لا تنشر أبدا خبرا بدون أن تتأكد منه مائة بالمائة»، وهو المبدأ الذى جعل الأميرة فى اهتمام القارئ والمصادر من نجوم السياسة والرياضة والفن والمال والأعمال، وهكذا كانت، ومازالت، الأميرة فى بلاط صاحبة الجلالة . يبقى رجاء بعد أن تمر الأعوام، ونصل إلى المائة عام الأولى، أن يقيم قيادات المستقبل الاحتفالية المناسبة بمرور قرن على الصدور، وأن يحكوا للأحفاد قصة الأميرة آخر ساعة، فربما تكون الظروف أفضل وقتها للصحافة الورقية، وأن تكون على القمة مع نسختها الرقمية، وكل عام وآخر ساعة بخير، وكل لحظة والصحافة المصرية بصحة وعافية . ودائما ودوما وأبدا .. تحيا مصر . ◄ بوكس القدوة هى القطار السريع للوصول إلى أى «محطة».