تناقلت كل الصحف والمواقع العالمية والعربية خبر انتحار روبوت فى كوريا الجنوبية بسبب ضغوط العمل مع وصفها بأنها الحادثة الأولى من نوعها فى العالم. وبقدر المراجعات والمتابعات التى أجريتها لقراءة التغطية والمعالجة التى قدمت للحديث عن الخبر، بقدر حالة التعجب التى أصابتنى من عدم المهنية لدى الصحفى الذى كتب الخبر للمرة الأولى فى كوريا الجنوبية مرورًا بكل من تناقلوه دون تفكير بحثا عن القراءات الكثيرة وتحقيق المشاهدات العالية. اخترع الإنسان الروبوت بوصفه جهاز جماد، ورغم تطور صناعة الروبوتات، مازالت أجهزة جماد لا تشعر، بمعنى أنها لن يصيبها إجهاد أو إحباط أو اكتئاب أو فرح أو حزن كى تقدم على الانتحار. فتوصيف الخبر ربما يشير لتوصيف حالة الصحفى الذى كتبه وشعوره هو بإرهاق العمل، ولكن ليس الروبوت. والأدق هو حدوث خلل تقنى فى الروبوت جعله يسير دون توقف حتى سقط من على الدرج. ربما تكون هذه هى الحالة الأولى التى أرى فيها الإنسان يحاول «أنسنة» روبوت ويروج لصورة ذهنية ليست حقيقية بأن الآلة تشعر وتحس مثل البشر. وإن كان الموضوع محل بحث ودراسة، حيث ظهر هذا الجدل منذ سنوات حول إمكانية أن تمتلك الروبوتات الأحاسيس والشعور مع فهم معانيها، إلا أنه حتى الآن لم يستطع الإنسان أن «يؤنسن» الروبوت ويعلمه أى شىء عن المشاعر سوى الكلمات التى تقال دون إدراك لمعناها أو الشعور بما تعنيه. وأتذكر هنا حوارا أجريته مع أليكس الروبوت فى دبى عام 2021 وأنهيته بالقول «أنا أحبك» ليرد علىّ «وأنا أحبك أيضا» مع قلب أحمر على شاشته.