يواجه حلف شمال الأطلسي (الناتو) تحديًا كبيرًا في دفع أعضائه لزيادة إنفاقهم الدفاعي، فمنذ عقد من الزمان وضع الحلف هدفًا طموحًا لأعضائه بتخصيص 2% من ناتجهم المحلي الإجمالي للإنفاق الدفاعي. ورغم التقدم الملحوظ، لا يزال بعض الأعضاء متأخرين عن تحقيق هذا الهدف، مما يثير تساؤلات حول مستقبل التعاون الدفاعي في مواجهة التحديات الجيوسياسية المتزايدة. عقد من المساعي لتعزيز الإنفاق الدفاعي بدأت رحلة الناتو لزيادة الإنفاق الدفاعي في عام 2014، عقب ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، إذ أنه وفقًا لصحيفة بوليتيكو، في ذلك الوقت، كانت ثلاث دول فقط من أعضاء الحلف تحقق هدف ال 2%. وبحلول عام 2021، عشية الحرب الروسية الأوكرانية، ارتفع هذا العدد إلى ست دول فقط. أما اليوم، فإن ثماني دول فقط من أصل 32 دولة عضو في الحلف من المتوقع أن تفشل في تحقيق الهدف بحلول الموعد النهائي المحدد. ويشدد الناتو الضغط على الحلفاء الذين لم يفوا بوعودهم، مؤكدًا على ضرورة تقاسم العبء بشكل عادل مع الولاياتالمتحدة. وتشير الوثيقة إلى أن هذا الضغط مدفوع جزئيًا بالحاجة إلى "تحصين التحالف ضد ترامب"، إذ فقد صرح دونالد ترامب، المرشح الجمهوري المحتمل للرئاسة الأمريكية، بأنه سيشجع روسيا على "فعل ما تريد" ضد الدول "المتخلفة" عن تحقيق هدف الناتو. قائمة الدول "المتخلفة" تضم قائمة الدول التي لم تحقق هدف ال 2% حتى الآن كلًا من إسبانيا (1.28% من الناتج المحلي الإجمالي)، سلوفينيا (1.29%)، لوكسمبورغ (1.29%)، بلجيكا (1.3%)، كندا (1.37%)، إيطاليا (1.49%)، البرتغال (1.55%)، وكرواتيا (1.81%). وتجدر الإشارة إلى أن آيسلندا، العضو في الناتو، مستثناة من هذه القائمة لأنها لا تمتلك قوات مسلحة. وتواجه بعض الدول تحديات في الوفاء بالتزاماتها. فإسبانيا، على سبيل المثال، تعد بتحقيق الهدف بحلول عام 2029، أي بتأخير خمس سنوات عن الموعد المحدد. أما بلجيكا، مقر الناتو، فقد التزمت بتحقيق نسبة ال 2% دون تحديد إطار زمني واضح. وتبرز كندا كمتأخر بارز، حيث تلتزم فقط بإنفاق 1.76% من ناتجها المحلي الإجمالي بحلول عام 2030. الدوافع وراء زيادة الإنفاق يشير إدوارد هانتر كريستي، الباحث الأول في المعهد الفنلندي للشؤون الدولية، إلى أن التهديد الروسي يلعب دورًا رئيسيًا في فتح المحافظ. ويضيف: "الدول القريبة من مصدر الخطر لديها حافز واضح للإنفاق أكثر". وهذا ما يفسر إنفاق بولندا أكثر من 4% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع، متجاوزة حتى الولاياتالمتحدة. رغم التحديات، هناك مؤشرات إيجابية، إذ صرح الأمين العام المنتهية ولايته للناتو، ينس ستولتنبرج، أن الإنفاق الدفاعي عبر الحلفاء الأوروبيين وكندا ارتفع بنسبة 18% هذا العام وحده، وهي أكبر زيادة منذ عقود. ويضيف ستولتنبرج أن "الحلفاء يأخذون تقاسم الأعباء على محمل الجد".