من جديد تثبت القاهرة أنها الملاذ الآمن للسودان وشعبه فهى الاكثر حرصا بحكم الجوار الجغرافى من ناحية والعلاقات التاريخية بين البلدين ولهذا لم يكن انعقاد مؤتمر أمس الذى شهدته القاهرة تحت عنوان (معاً لوقف الحرب فى السودان) استثناء للقاعدة أو خروج على السياق فمنذ اليوم الاول لاندلاع المعارك بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع فى ابريل قبل الماضى كانت القاهرة الاكثر وضوحا فى تقديم رؤية شاملة لحل الأزمة مع استمرارها وتداعياتها على الصعيد السياسى والعسكرى والانسانى بل والخوف على وحدة البلاد. وجاء ذلك عندما بادرت القاهرة فى استضافة مؤتمر دول الجوار السودانى فى يوليو الماضى عندما حدد الرئيس عبدالفتاح السيسى أربع ركائز للحل ولم تتوقف مصر عند هذا الحد فاستمرت فى المشاركة بفاعلية فى أى جهد دولى او إقليمى أو عربى ونجحت فى احتضان مؤتمر «القضايا الإنسانية فى السودان 2023»، بحضور أكثر من 400 ممثل عن قطاع كبير من منظمات المجتمع السوداني. اقرأ أيضًا | مصر الداعم الأول| رؤية القاهرة: تسوية سياسية دون تدخل خارجى ويأتى مؤتمر الأمس فى هذا السياق بحضور ممثلى تلك القوى والأممالمتحدة والاتحاد الإفريقى وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبى وعدد من الدول الفاعلة وذات الاهتمام بملف السودان وكانت البداية بكلمة د. بدر عبد العاطى وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج الذى أكد على خطورة الأزمة الراهنة التى يواجهها السودان الشقيق منذ ما يزيد عن عام كامل، وتداعياتها الكارثية التى تتطلب الوقف الفورى والمستدام للعمليات العسكرية حفاظاً على مقدرات الشعب السودانى الشقيق ومؤسسات الدولة، وبما يتيح الاستجابة الإنسانية الجادة والمنسقة والسريعة من كافة أطراف المجتمع الدولي، والتوصل لحل سياسى شامل يستجيب لآمال وتطلعات الشعب السودانى. وأوضح د. عبد العاطى، خلال كلمته ؛ بأن النزاع الراهن هو قضية سودانية بالأساس، وبأن أى عملية سياسية مستقبلية ينبغى أن تشمل كافة الأطراف الوطنية الفاعلة على الساحة السودانية، وفى إطار احترام مبادئ سيادة السودان ووحدة وسلامة أراضيه، وعدم التدخل فى شئونه الداخلية، والحفاظ على الدولة ومؤسساتها، مشدداً على أهمية وحدة القوات المسلحة السودانية لدورها فى حماية السودان والحفاظ على سلامة مواطنيه. دور مصرى مستمر وشدد وزير الخارجية على أن مصر ستستمر فى بذل كل ما فى وسعها بالتعاون مع كافة الأطراف لوقف نزيف الدم السودانى الغالي، والحفاظ على مكتسبات شعب السودان، والمساعدة فى تحقيق تطلعات شعبه، والعمل على تسهيل نفاذ المساعدات الإنسانية المقدمة من الدول المانحة للسودان عبر الأراضى المصرية. وأكد على أن أى حل سياسى حقيقى للأزمة فى السودان لابد وأن يستند إلى رؤية سودانية خالصة تنبع من السودانيين أنفسهم، ودون إملاءات أو ضغوط خارجية وبتسهيل من المؤسسات الدولية والإقليمية، وعلى رأسها الاتحاد الإفريقى وجامعة الدول العربية ومنظمة الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبى والدول الشقيقة والصديقة المهتمة بالسودان. وأشاد د. عبد العاطى بالجهد الكبير والموقف النبيل الذى اتخذته دول جوار السودان التى استقبلت الملايين من الأشقاء السودانيين، وشاركت مواردها المحدودة فى ظل وضع اقتصادى بالغ الصعوبة. كما طالب كافة أطراف المجتمع الدولى بالوفاء بتعهداتها التى أعلنت عن التزامها بها فى المؤتمر الإغاثى لدعم السودان، الذى عقد خلال شهر يونيو 2023 فى جنيف، وكذلك المؤتمر الدولى لدعم السودان ودول الجوار الذى عقد فى باريس منتصف أبريل 2024 لسد الفجوة التمويلية القائمة، والتى تناهز 75٪ من إجمالى الاحتياجات، مشيراً لتكثيف مصر لاتصالاتها مع كافة المنظمات الإنسانية متعددة الأطراف لدعم دول الجوار الأكثر تضرراً من التبعات السلبية للأزمة. 5 مليون سودانى فى مصر وأوضح السفير أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمى ومدير إدارة الدبلوماسية العامة بوزارة الخارجية والهجرة، ، أن الدكتور عبد العاطى استعرض جهود مصر الإنسانية مند بدء الأزمة، حيث استقبلت مئات الآلاف من الأشقاء السودانيين الذين انضموا إلى ما يقرب من خمسة ملايين مواطن سودانى يعيشون فى مصر منذ سنين عديدة. كما قدمت الحكومة المصرية مساعدات إغاثية عاجلة تضمنت مواد غذائية وإعاشية ومستلزمات طبية للأشقاء السودانيين المتضررين من النزاع داخل الأراضى السودانية، بالإضافة إلى استمرارها فى عدد من المشروعات التنموية لتوفير الخدمات الأساسية لهم، كمشروع الربط الكهربائى، وإعادة بناء وتطوير ميناء وادى حلفا. كما حرص وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج فى كلمته على تأكيد أن إستضافة مصر لهذا المؤتمر تعد استكمالاً لجهودها ومساعيها لوقف الحرب فى السودان، وفى إطار من التعاون والتكامل مع جهود الشركاء الإقليميين والدوليين، لاسيما دول جوار السودان، وأطراف مباحثات جدة، والأممالمتحدة، والإتحاد الإفريقي، وجامعة الدول العربية، ومنظمة الإيجاد، معرباً عن تمنياته بالتوفيق لكافة المشاركين فى مساعيهم الرامية لتوحيد الرؤى والجهود للخروج بالسودان الشقيق من أزمته الراهنة، داعياً إياهم جميعاً لإعلاء المصلحة الوطنية للسودان، ومؤكداً أن مصر ستظل دائماً وأبداً داعمة لكافة الجهود الساعية لعودة الاستقرار والتقدم والازدهار للسودان الشقيق. حوار وطنى سودانى وفى السياق ذاته، أكد د. عبدالله حمدوك، رئيس الوزراء السودانى السابق، ورئيس تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية السودانية «تقدم» إن السودان وشعبه يعولون على مصر فى المساعدة لحل الأزمة السودانية، حيث تمتلك القاهرة كل الإمكانات والقدرات وتحرص وتهتم دائما بمعالجة قضايا بلادنا. وأعرب حمدوك عن سعادته فى أن تلتقى مختلف القوى السودانية على أرض مصر فى أول اجتماع من هذا النوع ليظل علامة فارقة وبداية يمكن البناء عليها للدفع نحو وضع حلول جذرية للأزمة الراهنة».وشدد على أن «مؤتمر القاهرة» ينعقد فى توقيت مفصلى بالنسبة للدولة السودانية التى تواجه أزمة وجودية أودت بحياة الكثير من أبناء شعب السودان. وأوضح أن المؤتمر يعالج ثلاث قضايا رئيسية: الأولى تتعلق بوقف الحرب التى لابد أن تتوقف اليوم قبل غداً، والثانية تخص الأزمة الإنسانية التى تعد الأكبر فى العالم اليوم، والثالثة والأخيرة والمهمة للغاية هى بحث العملية السياسية وأجندتها والمبادئ العملية الأساسية. من جانبه، أكد الفريق أول عماد الدين مصطفى عدوى سفير السودان لدى القاهرة، أن السودان تثمن عالياً جهود مصر من أجل وقف الحرب ودعم الحل السياسى والمساعدة على بناء السلام الشامل والدائم فى السودان، عبر حوار وطنى سودانى - سودانى.وأضاف السفير عدوى أن مصر تضطلع بمسئولياتها الإنسانية والجغرافيا والتاريخية تجاه السودان وتعمل على الدفع نحو حل سياسى يوقف الحرب ونزيف الدم بالبلاد. وثمن المساعدات الإغاثيّة العاجلة التى تقدمها مصر للشعب السودانى، فضلاً عن فتح أبوابها أمام أبناء السودان اللاجئين إليها، علاوة على استمرار جهودها السياسية والدبلوماسية من أجل التوصل إلى حل للأزمة وإنهاء الصراع السوداني. وخلال كلمتها فى المؤتمر، أكدت نايلة حجار كبير مستشارى مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان، إن الحوار السياسى السودانى الشامل سيكون العامل المؤثر فى عملية صنع السلام، وأضافت أن هذا الحوار يرتكز على قبول الرأى الآخر ويهدف إلى ترسيخ البناء التوافقى وإجماع الشعب السودانى على إنهاء الحرب والاتجاه إلى بناء المؤسسات الديمقراطية. كما أكدت دعم الأممالمتحدة الكامل لكافة هذه المبادرات الواعدة، والتزامها فى مواصلة انخراطها النشط فى كل الجوانب المتعلقة بعملية السلام وعلى وجه الخصوص إنهاء كافة أشكال العدائيات وتشجيع اتخاذ الترتيبات اللازمة لحماية المدنيين ولإيصال المساعدات الإنسانية إلى كافة المواطنين المتضررين. معولة على جهود القوى المدنية السودانية ووحدتها لتخطى المصاعب، والتطلع إلى بناء مستقبل يحمى الشعب السودانى. وأعربت المسؤولة الأممية ،عن أملها فى أن يشكل حوار اليوم لبنة أساسية فى صرح تشييد الحل السلمى والتوافقى للخروج من الأزمة وإنهاء التفرقة والاقتتال. موجهة الشكر لمصر رئيسا وحكومة وشعبا على المساعى الطيبة لترقية السلام فى السودان..قائلة «يشرفنى أن أنقل إلى جمهورية مصر العربية رئيسا وحكومة وشعبا تهانى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش على مساعيها الطيبة لترقية السلام فى السودان». تقريب وجهات النظر ومن جانبها، أكدت نائب رئيس لجنة الاتحاد الأفريقية المعنية بالسودان «سبيسيوزا وانديرا»، أن مؤتمر القوى السياسية المدنية السودانية الذى تستضيفه القاهرة، يهدف إلى تقريب وجهات النظر بين كافة الأطراف من أجل إنهاء الأزمة السودانية، كما أكدت أن نساء السودان يناشدن بوقف الاقتتال، وشددت على ضرورة تضافر الجهود الدولية والتنسيق بين كافة الأطراف المعنية من أجل إرساء السلام فى السودان واستعادة الاستقرار فى هذا البلد. وأشارت إلى ان هذا المؤتمر ينعقد فى إطار رغبة دول جوار السودان والدول الصديقة من أجل إنهاء الأزمة لوقف معاناة الشعب السوداني. وأضافت أن هناك عملا مضنيا تقوم به لجنة الاتحاد الأفريقى المعنية بالسودان بالتنسيق مع الأممالمتحدة وكافة الدول المعنية من أجل تقارب الرؤى والتوصل إلى تفاهمات مشتركة بين كافة الأطراف، مضيفة أن اللجنة استمعت لكافة الأطراف السودانية وتؤكد إمكانية التوصل إلى اتفاق لوقف الاقتتال . وأضافت أن الحوار السودانى السياسى ينظم على مرحلتين تقوم على أساس والحوار والتخطيط، فهناك الكثير من الموضوعات التى تم تحديدها لمناقشة حل الأزمة الراهنة إلى جانب الاتفاق على الخطوات المستقبلية من خلال الحوار المشترك . وأوضحت وانديرا « نحن على دارية أن هذا اللقاء الذى يتناول العديد من الموضوعات على مدار الأسابيع القادمة لن يكون نهاية المطاف وسوف يكون بداية الجهود السياسية لتمكين السودانيين للتنسيق والتخطيط لحل الأزمة الراهنة. وفى ذات السياق، أشاد سفير الاتحاد الأوروبى بالخرطوم إيدان أوهارا، بكافة الأدوار الفاعلة التى تبذلها مصر من أجل إنهاء الأزمة فى السودان، مؤكدا على ضرورة وقف إطلاق النار فى السودان وتجنب إصابة المدنيين، ودعا إلى تخصيص 2 مليار دولار لسد احتياجات الأزمة الإنسانية فى السودان . توفير الحماية للمدنيين وأعرب أوهارا، خلال كلمته فى المؤتمر، عن أمله فى تحقيق نتائج مثمرة خلال المؤتمر الحالى والتوصل إلى حل نهائى للأزمة فى السودان، وأضاف أنه لا يمكن تجاهل الآثار السلبية للأزمة فى السودان على دول الجوار، مشددا على ضرورة توفير الحماية للمدنيين وسبل الأمن والسلام لكافة العمليات الإنسانية، ومطالبا جميع أطراف النزاع بالالتزام بالقانون الدولى ووقف الاقتتال. وأشار المسئول الأوروبى إلى أن المؤتمر يتناول الاحتياجات والمساعدات الملحة للأزمة الإنسانية فى السودان، مشددا على ضرورة إنشاء مسار آمن لتوصيل المساعدات الإنسانية للشعب السوداني. وأوضح أوهارا أن الأزمة التى تشهدها السودان أدت إلى أوضاع كارثية لكافة الأطراف المتضررة من النزاع فى السودان، مؤكدا أن كافة الوفود من الاتحاد الأوروبى والدول الأعضاء للاتحاد تعمل على مدار الساعة من أجل ضمان التعاون الفعال لإنهاء النزاع فى السودان. وشدد على أهمية التعاون الفعال بين كافة الأطراف الدولية لإنهاء الأزمة الراهنة فى السودان، وأوضح استمرار الاتحاد الأوروبى فى العمل مع كافة الشركاء والأصدقاء من أجل إنهاء هذه الحرب بشكل عاجل. وأعرب المسؤول الأوروبى عن سعادته بهذا الاهتمام البالغ من جميع الأطراف لتحقيق الأمن والاستقرار فى جمهورية السودان من خلال وقف إطلاق النار والعمل على إحلال السلام، مشيرا إلى أن جميع الأطراف تتفق على ضرورة وقف إطلاق النار من أجل الحفاظ على وحدة وسيادة الأراضى السودانية. وأكد أهمية أن تكون هناك مؤسسات تعمل على خدمة الشعب السودانى بشكل ملائم وعاجل، مما يحقق الاستقرار والسلام فى البلاد، معربا عن تمنياته بإنهاء هذه الحرب فى القريب العاجل خاصة بعد المأساة الكبيرة التى تعرض لها الشعب السودانى، داعيا لضرورة تنفيذ جميع الحلول على أرض الواقع.