تتصاعد حدة المواجهة السياسية بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وخصومه من اليمين المتطرف قبل أيام من الجولة الثانية للانتخابات البرلمانية الحاسمة. اقرأ أيضًا: فرنسا على مفترق طرق|سيناريوهات ما بعد الانتخابات المبكرة تهدد بأزمة سياسية «غير مسبوقة» ووسط أجواء مشحونة بالترقب والقلق، تكشفت تفاصيل مثيرة عما وصفته المعارضة ب "انقلاب إداري" يقوم به ماكرون في محاولة أخيرة لترسيخ نفوذه وتقييد خصومه السياسيين. تعيينات اللحظة الأخيرة في خطوة أثارت جدلاً واسعاً، كشفت مارين لوبان، الزعيمة السابقة لحزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، عن سلسلة من التعيينات الحكومية التي قام بها الرئيس ماكرون في الأيام الأخيرة قبل الانتخابات البرلمانية. ووفقاً لتصريحات لوبان لإذاعة فرانس إنتر، شملت هذه التعيينات مناصب حساسة في الدولة، بما في ذلك الحاكم العسكري الجديد لباريس، ورئيس جديد لهيئة أركان القوات الجوية الفرنسية، ومدير جديد للاتحاد الأوروبي في وزارة الخارجية، بالإضافة إلى ثلاثة سفراء جدد. كما أشارت لوبان إلى أن ماكرون اقترح في بروكسل إعادة تعيين تييري بريتون كمفوض فرنسي في الاتحاد الأوروبي. تداعيات "الانقلاب الإداري" المزعوم وصفت لوبان هذه الخطوات بأنها محاولة من ماكرون لإحكام قبضته على مفاصل الدولة قبل الانتخابات؛ مؤكدة أن الهدف الرئيسي من هذه التعيينات هو "منع جوردان بارديلا، الزعيم الحالي للتجمع الوطني، من حكم البلاد كما يرغب" في حال فوز حزبه بالأغلبية البرلمانية. وفي تصريح لافت، قالت لوبان: "عندما تحاول مواجهة إرادة الناخبين ونتائج الانتخابات من خلال تعيين أشخاص موالين لك لمنعك داخل الدولة من تنفيذ السياسة التي يريدها الفرنسيون... أسمي ذلك انقلاباً إدارياً". وأضافت أنه في حال وصول حزبها إلى السلطة، سيقوم بإلغاء هذه التعيينات للتمكن من "الحكم" بشكل فعال. الانتخابات المبكرة ولفهم أعمق لهذه التطورات، من المهم النظر إلى السياق السياسي؛ إذ دعا ماكرون إلى هذه الانتخابات البرلمانية المبكرة بعد الأداء القوي للتجمع الوطني في انتخابات البرلمان الأوروبي الشهر الماضي، حيث فاز الحزب ب 30 من أصل 81 مقعداً فرنسياً. هذا الأداء المتميز أثار مخاوف في أوساط الحكومة الفرنسية من تنامي شعبية اليمين المتطرف وتأثيره المحتمل على السياسة الفرنسية. نتائج الجولة الأولى وتوقعات الجولة الثانية جرت الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية المبكرة في 30 يونيو، وأسفرت عن نتائج مفاجئة للكثيرين. حصل التجمع الوطني وحلفاؤه على المركز الأول بنسبة 33.15% من الأصوات، متفوقاً على تحالف اليسار "الجبهة الشعبية الجديدة" الذي حصل على 27.99%، بينما تراجع تحالف "معاً" بقيادة ماكرون إلى المركز الثالث بنسبة 20.04% فقط. هذه النتائج أثارت توقعات بأن التجمع الوطني قد يحقق فوزاً تاريخياً في الجولة الثانية. تشير التقديرات في وسائل الإعلام الفرنسية إلى أن الحزب قد يفوز بما بين 230 و280 مقعداً في الجمعية الوطنية المكونة من 577 مقعداً. إن فوز التجمع الوطني بأغلبية برلمانية سيكون له تأثير عميق على السياسة الفرنسية والأوروبية؛ فالحزب المعروف بمواقفه المناهضة للهجرة والمشككة في الاتحاد الأوروبي، قد يسعى إلى تغييرات جذرية في السياسات الداخلية والخارجية لفرنسا. من جانبه، يبدو أن ماكرون يحاول استباق هذا السيناريو من خلال تعزيز وجود حلفائه في مواقع مؤثرة داخل أجهزة الدولة.