توافد كبير على كنائس الغردقة للاحتفال بأحد الشعانين    تأجيل محاكمة 11 متهمًا بنشر أخبار كاذبة في قضية «طالبة العريش» ل 4 مايو    انتظام توريد القمح بالبحيرة    رئيس الشورى البحريني يشيد بالتجربة البرلمانية المصرية    خسائر حريق السجل المدني بشبرا الخيمة.. "ماس كهربائي" المتهم الأول    ضبط مواد غذائية وأسماك فاسدة ومخابز مخالفة بالبحيرة    الطقس في الإسكندرية اليوم.. انخفاض درجات الحرارة واعتدال حركة الرياح    بنك QNB الأهلي وصناع الخير للتنمية يقدمان منح دراسية للطلاب المتفوقين في الجامعات التكنولوجية    رئيس هيئة الدواء يجتمع مع مسؤولي السياسات التجارية في السفارة البريطانية بالقاهرة    بتداولات تتجاوز 1.3 مليار جنيه.. البورصة تهبط 3.3% منتصف تداولات اليوم    29 جامعة مصرية تشارك في مهرجان الأنشطة الطلابية في ذكرى عيد تحرير سيناء    صندوق النقد: ندعم مصر فيما تتخذه من إجراءات تستهدف الإصلاح الهيكلي للاقتصاد    الدفاعات الأوكرانية تسقط خمس طائرات بدون طيار خلال الساعات الماضية    الرئيس الفلسطيني: اجتياح الاحتلال لرفح سيؤدي لأكبر كارثة في تاريخ الفلسطينيين    سفير روسيا بالقاهرة: موسكو تقف بجوار الفلسطينيين على مدار التاريخ    المصري الديمقراطي الاجتماعي يشارك في منتدى العالم العربي بعمان    الليلة.. الأهلى أمام الزمالك فى نهائي كأس مصر للكرة الطائرة رجال    نجم الأهلي: أكرم توفيق انقذ كولر لهذا السبب    أبرزهم ديربي إنجليزي.. مواعيد مباريات اليوم الأحد    تشكيل إنتر ميلان الرسمي ضد تورينو    إدارة الأهلي تتعجل الحصول على تكاليف إصابة محمد الشناوي وإمام عاشور من «فيفا»    جدول امتحانات التيرم الثاني 2024 لصفوف النقل والشهادة الإعدادية (القاهرة)    4 برامج ب«آداب القاهرة» تحصل على الاعتماد البرامجي من هيئة الجودة والاعتماد    ضعف المياه لمدة 8 ساعات عن سكان هذه المناطق.. تفاصيل    مراجعة مادة علم النفس والاجتماع ثانوية عامة 2024.. لطلاب الصف الثالث الثانوي من "هنا"    اعرف مواعيد قطارات الإسكندرية اليوم الأحد 28 أبريل 2024    غدا.. "ضد الجمال.. في نقد أساطير الجمال الشخصية" على مائدة مكتبة مصر الجديدة    البنية الأساسية والاهتمام بالتكنولوجيا.. أبرز رسائل الرئيس السيسي اليوم    فيلم ينجح في تحقيق 57.4 مليون جنيه في 18 يومًا.. تعَرّف على أبطاله وقصته    أحمد مراد: الخيال يحتاج إلى إمكانيات جبارة لتحويله إلى عمل سينمائي    أول تعليق من مها الصغير على أنباء طلاقها من أحمد السقا    "مع كل راجل ليلتين".. ميار الببلاوي ترد على اتهامات داعية شهير وتتعرض للإغماء على الهواء    "اتصال" و"رجال الأعمال المصريين" يطلقان شراكة جديدة مع مؤسسات هندية لتعزيز التعاون في تكنولوجيا المعلومات    الصحة: تقديم الخدمات الطبية لأكثر من مليون مواطن لمن تخطوا سن ال65 عاما    وزير الصحة: «العاصمة الإدارية» أول مستشفى يشهد تطبيق الخدمات الصحية من الجيل الرابع    ضبط وإعدام 1.25 طن من الأغذية غير المطابقة للمواصفات    المصري والداخلية.. مباراة القمة والقاع    الرئيس السيسى: مراكز البيانات والحوسبة السحابية تكلف مليارات الدولارات    ما هي شروط الاستطاعة في الحج للرجال؟.. "الإفتاء" تُجيب    بسبب وراثة غير طبيعية.. سيدة تلد طفلا ب 12 إصبعا    ألفا طالبة.. 4 محافظات تحصد المراكز الأولى ببطولة الجمهورية لألعاب القوى للمدارس -تفاصيل    قضايا عملة ب 16 مليون جنيه في يوم.. ماذا ينتظر تُجار السوق السوداء؟    الرئيس الفلسطيني يحذر: إسرائيل دمرت ثلاثة أرباع قطاع غزة ولن نقبل التهجير    غدًا.. تطوير أسطول النقل البحري وصناعة السفن على مائدة لجان الشيوخ    خلال افتتاح مؤتمر كلية الشريعة والقانون بالقاهرة.. نائب رئيس جامعة الأزهر: الإسلام حرم قتل الأطفال والنساء والشيوخ    شكوك حول مشاركة ثنائي بايرن أمام ريال مدريد    أقباط الأقصر يحتفلون بأحد الشعانين في كاتدرائية الأنبا متاؤس الفاخوري.. صور    إصابة جندي إسرائيلي في هجوم صاروخي على منطقة ميرون    إعلان اسم الرواية الفائزة بجائزة البوكر العربية 2024 اليوم    العودة في نفس اليوم.. تفاصيل قيام رحلة اليوم الواحد للاحتفال بشم النسيم    التصريح بدفن جثة شاب لقى مصرعه أسفل عجلات القطار بالقليوبية    سعر الدولار الأحد 28 أبريل 2024 في البنوك    تصفح هذه المواقع آثم.. أول تعليق من الأزهر على جريمة الDark Web    رفض الاعتذار.. حسام غالي يكشف كواليس خلافه مع كوبر    فضل الصلاة على النبي.. أفضل الصيغ لها    هل مرض الكبد وراثي؟.. اتخذ الاحتياطات اللازمة    ما حكم سجود التلاوة في أوقات النهي؟.. دار الإفتاء تجيب    هل يمكن لجسمك أن يقول «لا مزيد من الحديد»؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مكتبة نجيب محفوظ الخاصة تستقر فى مكتبة الإسكندرية

راودنى هذا الهاتف وأنا أشارك وأتابع قبل أيام إجراءات تسليم الأستاذة أم كلثوم كريمة أديبنا الكبيرالراحل نجيب محفوظ، مكتبة والدها الخاصة الى مكتبة الإسكندرية برئاسة الدكتور أحمد زايد، لتكون فى أيدٍ أمينة ولتلقى التقدير والرعاية المنشودة، التى تليق بأديب نوبل، وبأهم اسم عرفه العالم عن الأدب العربى، تمهيدًا بالطبع لإتاحتها لجمهور وزوار المكتبة، والأهم إتاحتها للباحثين والدارسين والمتخصصين فى أدب نجيب محفوظ.
هدى نجيب محفوظ،أو أم كلثوم، حسب اسم الشهرة الذى عُرفت به،الأمينة على إِرث والدها الثقافى ومشروعه الفكرى، دائمًا مشغولة بالحفاظ على هذا الإرث،الذى هو فى حقيقته ثروة قومية، لا تمتلكها وحدها باعتبارها ابنته،وأيضًا مهمومة بأداء الأمانة بأن يصل ابداع نجيب محفوظ لمن لم يقرأه بعد، ويرجع إليه مرة أخرى من سبق وقرأه.. هذا الأمر المسيطر على تفكيرها جعلها تتخذ قرارات من آن الى آخر لتحقيق ذلك من وجهة نظرها،منها قرارها بتغيير دار النشر الشهيرة التى كانت تمتلك حقوق النشر لسنواتٍ طويلة، لعدم رضاها – حسب وجهة نظرها التى قد نتفق أو نختلف عليها – عن مستوى تسويق وترويج كتب نجيب محفوظ.
دوائر أم كلثوم الإنسانية محدودة فهى قليلة الكلام، وقليلة الظهور إعلاميًا إلا لضرورة، وهذه الضرورة كانت دائمًا مرهونة بما تراه دفاعًا عن تراث نجيب محفوظ، ولم تتاجر يومًا بهذا التراث، ولم تدخل فيما اعتبرته مهاتراتٍ من بعض من ادعوا على غير الحقيقة أنهم كانوا من أصفياء وندماء والدها، وتكسبوا من المتاجرة باسمه أو بهذه العلاقة المزعومة، ولم ترد إلا على عندما روج أحدهم عنها وعن أختها أنهما «إخوانجية» أو انهما « داعشيتان « لا لشىء إلا لتحفظهما على نقل رفات والدهما من مقبرته الى متحف الوالد الذى لم يكن قد ظهر على أرض الواقع إلا فى سنوات لاحقة فى وكالة محمد أبو الدهب الأثرية، ووصل الأمر بالبعض بان استشهدوا بتبرع الأسرة لبناء مسجد باعتباره من دلائل الأخونة ! اضافة الى اختلاق واقعة رفضها الموافقة لوحيد حامد رحمه الله على تحويل أولاد حارتنا الى عمل فنى لأن الأسرة تراها حرامًا، فى حين الخلاف فى جوهره والذى أوقف اتمام الأمر، كان ماديًا ولم يكن لهذا السبب، ناهيك عن الاتهامات المعلبة بأن «أولاد حارتنا» هى سبب فوز والدها بنوبل.
اقرأ أيضاً |المؤتمر الأول ل«ملتقى القصة العربية» بالكويت
هذه المرة لجأت أم كلثوم الى صديقتها المقربة الإعلامية منى الشاذلى، تستفتيها فى أمر مكتبة والدها الخاصة التى سبق ومنحت جزءًا منها قبل سنوات للمتحف الذى خصصته وزارة الثقافة ليحمل اسم والدها فى وكالة محمد أبو الدهب مع 198 قطعة من مقتنياته الشخصية، وكانت النصيحة التى لاقت صدى لدى أم كلثوم أن المكان الأنسب لاستقبال هذا الكنز هو مكتبة الإسكندرية، عزز من ذلك أن أم كلثوم سبق وزارت المكتبة ورأت «كيف يتعاملون مع الكتب وحفظها وأرشفتها وإتاحتها للجمهور بصورة احترافية، وحضارية»، وبدأت الاتصالات مع الأستاذ الدكتور أحمد زايد مدير مكتبة الإسكندرية الذى لم يتردد فى الترحيب بعرض أم كلثوم، وتم تحديد يوم بعينه لاستلام الأمانة من منزل الأسرة فى حى العجوزة.
أعرف منى الشاذلى منذ سنواتٍ، وأتابع نجاحاتها على الشاشة، عبر برنامجها الشهير، وأرى أن سر نجاحها فى أنها صحفية «شاطرة» فى ثوب مذيعة، تعد جيدًا لحلقاتها، ولكن وجودها فى هذا الحدث كشريك ومنسق حسب تأكيدها لى يغلب عليه الصفة الإنسانية وعلاقة الصداقة التى تربطها بأم كلثوم، أكثر منه بحثًا عن انفراد لبرنامجها، إضافة الى أن تراث نجيب محفوظ ومكتبته والتعامل معها بما يليق بالتأكيد يهم كل مصرى وعربى، وكل إعلامى ومثقف مدرك لأهميته وقيمته.
جاء اليوم المُرتقب، وتقاطرنا أمام شقة أديب نوبل فى شارع النيل كورنيش حى العجوزة، أول ما يطالعك فى مدخل العقار يافطة «عاش هنا» لجهاز التنسيق الحضارى، التى تؤرخ للمكان الذى عاش فيه أديب نوبل، ها هى أم كلثوم تدخل بصحبة صديقتها المقربة الإعلامية منى الشاذلى، وهذا هو الأستاذ الدكتور أحمد زايد مدير مكتبة الإسكندرية يصل بنفسه احترامًا لاسم نجيب محفوظ، بصحبته الدكتور محمد سليمان رئيس قطاع التواصل الثقافى،ومن خلفه خبراء المكتبة تمهيدًا لبدء عملهم، أغلبنا يزور المكان للمرة الأولى، أول انطباعٍ يتبادر الى ذهنك هو سمة البساطة التى يتسم بها المكان، بساطة فى كل شىء، شقة لا تفرق كثيرًا عن أىِ من شقق الغالبية العظمى من المصريين المنتمين الى الطبقة الوسطى (سابقًا).
كل الذين دخلوا الشقة ذابوا فى سحر اللحظة، وفى ذهن كلٍ منهم تساؤلات مشتركة عن هذا المكان الذى عاش بين جدرانه أشهر من أبدع أدبًا بالعربية، هنا اعتاد أن يجلس، ومن هذه الشرفة كان يطل على النيل، وهنا كان يجلس ليقرأ بالساعات، وفى هذه المساحة استقبل سفير السويد بالبيجامة لكى يزف إليه خبر فوزه بجائزة نوبل، قبل أن يستأذنه لكى يدخل غرفة نومه ويرتدى البذلة بعد أن تأكد أن الأمر ليس مجرد أمنياتٍ لزوجته التى تلقت الخبر من تلاميذ الأستاذ فى الأهرام.. أخيرًا نحن فى مكتبة نجيب محفوظ التى احتلت أكبر حجرة فى الشقة الصغيرة أصلًا، ولما فاضت وضاقت بالكتب، تغولت على البلكونة الملحقة بالغرفة، لتتحول الى امتدادٍ لها.
امتلأت الشقة بالمتخصصين الذين باشروا فحص المكتبة وممارسة إجراءات، التسليم والتسلم بعد أن استغرق أغلبنا لفترة فى هذه اللحظات الشخصية التى أخرت بدء العمل،جميعنا معذورون، نحن فى مكتبة أديب نوبل، والعربى الوحيد حتى الآن الذى حازها فى مجال الآدب وعن جدارة.
تجاوزت هذه اللحظات ورحت أقلب فى أرفف المكتبة، أتفحص كل كتابٍ تصل يدى إليه.. أستفيق من استغراقى على صوت الإعلامية منى الشاذلى تنادينى لكى ترينى بعض الكتب التى وقعت تحت يدها ممهورة بتوقيع نجيب محفوظ، أعرف خطه جيدًا، وأحفظه عن ظهر قلب، منذ أن قرر الأديب الكبير الراحل جمال الغيطانى مؤسس ورئيس تحرير أخبار الأدب أن يزين الصفحة الثالثة لأول عدد صدر لأخبار الأدب فى 18 يوليو 1993 برسالة وجهها أديب نوبل لقراء الصحيفة الوليدة، وأعدت نشر نص الرسالة وصورتها فى يوليو الماضى ونحن نحتفل بمضى ثلاثين عامًا على ميلاد أخبار الأدب.
أتابع الدكتور أحمد زايد وقد استغرق هو الآخر فى التنقل بين عناوين الكتب، ومحاولة قراءة بعض عناوينها بعدة لغات أجنبية: إنجليزية وفرنسية وألمانية، وها هى منى الشاذلى، مع حفظ الألقاب، تحاول مع الدكتور استنباط اللغة المكتوب بها بعض الكتب التى تضمنتها المكتبة، فبعضها لم يكن باللغات الأكثر انتشارًا مثل: الإنجليزية والفرنسية أو حتى الألمانية.
فجأة تنفرج أسارير الدكتور أحمد زايد عندما تضع منى الشاذلى، أمامه كتالوجًا وجدته بين أضابيرالمكتبة يتضمن برقيه تعزية ممهورة بتوقيع الدكتور زايد نفسه أرسلها الى الأسرة عقب وفاة نجيب محفوظ فى أغسطس 2006 وقتها كان زايد عميدًا لكلية الآداب جامعة القاهرة.
وها هى أم كلثوم تقع هى الأخرى على كنزٍ من الصور النادرة لوالدها وللأسرة والأصدقاء، موجودًا داخل أحد أرفف المكتبة، قلبت فيها سريعًا، واحتفظت لنفسها ببعض الصور التى رأت فيها خصوصية، ودفعت بالباقى الى يد الدكتور محمد سليمان رئيس قطاع التواصل الثقافى، الذى يقف على رأس خبراءٍ وفنيين من مكتبة الإسكندرية لمتابعة الأمر بما يستحق.
شغلنى كثيرًا،كما شغل بالتأكيد كل من كنت بصحبتهم،فى مكتبة نجيب محفوظ، محاولة استحضار اللحظة، والعودة بعجلة الزمن الى الوراء وقت أن كانت أرفف المكتبة عامرة قبل نقل جزء منها قبل سنواتٍ الى متحفه فى وكالة محمد أبو الدهب الأثرية، كلُ منا يحاول أن يتخيل ما كان.. تساءلت واكتشفت أن السؤال لدى كل الحضور عن ترتيب أرفف المكتبة، فى محاولة لمعرفة أى الكتب كان يحرص نجيب محفوظ على أن تكون فى متناول يده يعود إليها كثيرًا، والسؤال الأهم: ماهى الكتب التى شكَلت وعيه وصنعته أديبًا، وفى أى فروع الأدب كان يقرأ أكثر، ولكن ابنته أم كلثوم قطعت علينا سيل الأسئلة الصامتة بقولها إنها أعادت ترتيب أرفف المكتبة أكثر من مرة بعد وفاة والدها !.
جثوت على ركبتى فى مكان قصى أقلب فى عناوين بعض الكتب: هذا كتاب البلاغة العصرية واللغة العربية لسلامة موسى، كان نجيب محفوظ يعتبره «الراعى والمربى الأدبى له» وهذه عناوين لبلزاك وطه حسين ويحيى حقى والعقاد، أقوم بوضعها بعد التقليب فى صفحاتها فى أيدى خبراء المكتبة، التقليب فى صفحات بعض الكتب أشبه بمن ينقب عن الذهب بين الصخور، داخل بعض الصفحات قد تجد تعليقًا بخط نجيب محفوظ أو أشارة، أو فى أحيان كثيرة ستجد قصاصاتٍ لأوراق مهمة تركها وسط الصفحات، مثل سلوك أغلبية من اعتادوا القراءة.
تتضمن المكتبة، بنظرة أولية، كتبًا كثيرة تحمل توقيع نجيب محفوظ،ويفسر الدكتور أحمد زايد بأن هذا الأمر كان معتادًا لدى مجايليه من طلبة كلية الآداب، وهناك كتب كثيرة تحمل توقيعاتٍ لأدباء ومفكرين أهدوه كتبهم، بكثير من لغات العالم.
المكتبة برؤية سريعة تضم روائع الأدب العالمى،حيث رأينا أعمالًا لسارتر وهمنجواى وتولستوى وديستويفسكى، وبلزاك وكان هناك وفرة لكتب التراث والفلسفة وعلم النفس والمنطق.
يخرج الدكتور محمد سليمان سعيدًا حاملاً فى يده تمثالًا نصفياً لنجيب محفوظ، ويعطيه بحذر لأحد الفنيين لتشوينه مع بروازين زجاجيين لشادتين وسامين حصل عليهما نجيب محفوظ، الأول وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى بتوقيع جمال عبد الناصر سنة 1962، والثانى وسام الجمهورية من الطبقة الأولى بتوقيع محمد أنور السادات عام 1972.
وأثناء أعمال «التنقيب» توصل الفنيون الى دولاب كامل يمتلىء عن آخره بأشرطة فيديو، قالت أم كلثوم أنها خاصة بكل الأعمال الفنية التى استندت الى روايات والدها، فتم تشوينها، تمهيدًا لرقمنتها، ولمكتبة الإسكندرية باع طويل فى هذا الأمر.
يقلب الدكتور أحمد زايد فى نسخة طبق الأصل مُهداة للقصيدة الملحمية « الشاهنامة « لشاعر الفارسية الأكبر أبوالقاسم الفردوس، ويضع أمامه أحد الفنيين عناوين كتب لابن عربى والحلاج، تعقب أم كلثوم التى كانت تتابع ما يحدث : كان يقرأ فى كل شىء، يخدم كتاباته الروائية، وقرأ لكثير من المتصوفة ولدىّ تلخيص لرؤيته للصوفية بخط يده.
لفت انتباه الدكتور زايد كتالوجًا كبير الحجم، نسخة محدودة الطبعات لعمل من أعمال نجيب محفوظ، تصاحبه رسومات أصلية من إبداع الفنانة نازلى مدكور، وبالبحث اكتشفت أن الفنانة نازلى مدكور كانت قد نفذت رسومات طبعة فاخرة لكتاب «ألف ليلة وليلة» لنجيب محفوظ، وصدرت فى نيويورك فى 2005.
تضمن الحصر الأولى بالنظر وجود أكثر من أطلس، وأكثر من معجم، بأحجامٍٍٍٍٍٍ وطبعات مختلفة، وهذه نسخة من « كتالوج مصور ل «ناشيونال جيوجرافيك» محدود الطبعات مهدى الى أديب نوبل، أعجبنى الكتالوج ورحت أقلب صفحاته باستمتاع، على الأرض وجدت عددًا من إبداعات نجيب محفوظ طبعات مختلفة، وبعدة لغات، بعضها لم نعرفها، واستعنت بكاميرا جوجل لمحاولة معرفتها.
تنهمك أم كلثوم بصحبة منى الشاذلى فى جرد بعض الأوراق التى رأوها مهمة، لتسليمها لخبراء المكتبة، بعضها مكاتبات رسمية، وبعضها دعوات موجهة له فى أوقاتٍ مختلفة من جهاتٍ متعددة.
يمضى الوقت سريعاً، واسمع الدكتور أحمد زايد وهو يُطمئن أم كلثوم على» الأمانة « وبأن كل شىء سيسيرعلى أفضل ما يكون،لأن مكتبة نجيب محفوظ تُعد إضافة حقيقية لمكتبة الإسكندرية،وفور انتهاء خبراء المكتبة من الحصرالدقيق للكتب وفرزها، سوف يُعلن عن موعد لاحتفالية ثقافية تليق بالحدث بحضورها ولفيفٍ من المثقفين وكبار الإعلاميين، وعلى رأسهم الإعلامية منى الشاذلى لدورها فى إنجاز هذا الأمر، وخلال ذلك سوف نبحث فى عدة تصورات نختار أفضلها لإنشاء جناح أو ركن لأديب نوبل داخل مكتبة الإسكندرية، ليكون متاحًا لزوارها من المصريين والأجانب. ويضيف:»عظمة أدب نجيب محفوظ تتبدى فى أن أعماله تجعلنا أكثر وعيًا بالتاريخ، وبأنفسنا، وبهويتنا المصرية، حيث لم يكن مجرد روائى فقط، بل كان فيلسوفًا، نلمس ذلك متناثرًا فى أعماله، ونراه جليًا وواضحًا فى كتابه البديع «أصداء السيرة الذاتية».
هنا يعقب الدكتور محمد سليمان بقوله: إن الكتب التى تم تشوينها تمهيدًا لنقلها الى المكتبة، سوف يتم عزلها فى غرفة لمدة لا تقل عن أسبوعين لتبخيرها للتأكد من خلوها من الفطريات والحشرات التى عادة توجد فى الكتب القديمة، ثم يقوم خبراء المكتبة برفع القوائم على قاعدة بيانات المكتبة وتصنيفها حسب الفرع، ولكن هناك تصنيف أهم يتعلق بحصر الكتب التى عليها توقيعات لنجيب محفوظ، أو الكتب التى أهُديت الى نجيب محفوظ بتوقيع أصحابها، وتحديد تلك الشخصيات، كذلك الأمر بالنسبة لأية قصاصات أو أوراق، فمع شخصية فى قيمة وقامة نجيب محفوظ يبقى كل شىء له قيمته، يمكن أن نقول ببساطة إنه يمكن التأريخ لمصر من خلال تلك القصاصات.
وسوف يُضاف هذا الجزء من مكتبة نجيب محفوظ الى قائمة المجموعات الخاصة التى تتفرد وتتميز بها لمكتبات كثير من رموز مصر وكبار مفكريها وسياسيها وفنانيها أمثال: عبد الرحمن والسنهورى وهيكل والفنان نور الشريف وغيرهم، وسوف تحمل مكتبة محفوظ رقم 57 بين تلك المجموعات الخاصة.
تأتى بعد ذلك الخطوة الأهم فى إعداد مكانٍ يليق بمكتبة نجيب محفوظ، وكلنا أمل فى أن تمنحنا الأستاذة أم كلثوم بعضًا من مقتنيات والدها الخاصة التى ما زالت تحتفظ بها لإثراء سيناريو العرض.. فى نفس اللحظة استاذن الدكتور أحمد زايد من أم كلثوم فى نقل خشب مكتبة والدها أو جزء منه لكى يتم إدخالها ضمن سيناريو العرض، فرحبت.
هاهى أم كلثوم تؤرخ للحظة مع قناة مكتبة الإسكندرية، وتعبر عن سعادتها وتمنياتها بأن تقرأ الأجيال الجديدة أدب والدها .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.