الرئاسة الفرنسية: تشكيل فريق عمل أمريكي - أوروبي لتعزيز السلام والأمن في أوكرانيا    الهلال الأحمر الإماراتي يطلق حملة مساعدات شتوية لدعم 1.8 مليون شخص في 24 دولة    كاريراس يؤكد جاهزية ريال مدريد قبل مواجهة أولمبياكوس في دوري الأبطال    محمد صبحي يكشف تفاصيل وعكته الصحية: ضغط على المخ و12 يوما من العلاج القاسي    تشيلسي يدخل المواجهة بقوة.. تشكيل ناري بقيادة إستيفاو وإنزو لإسقاط برشلونة    الدباغ والجزيرى على رأس قائمة الزمالك لمباراة كايزر تشيفز في كأس الكونفيدرالية الأفريقية    انتخابات مجلس النواب 2025.. بدء عملية فرز أصوات الناخبين في الغربية (صور)    "الوطنية للانتخابات": تلقينا 221 شكوى على مدار يومي التصويت بانتخابات النواب 2025    إطلاق مشروع الطريق الأخضر لعالم أكثر أمانًا بقنا بتعاون بين الإنجيلية والبيئة و"GIZ"    بدء عملية فرز أصوات الناخبين بانتخابات النواب فى الغربية.. فيديو وصور    غدا.. غلق المخرج أسفل كوبرى سيدى جابر بالإسكندرية للقادم من شارع المشير    وزير السياحة: 24% زيادة في حركة الطيران خلال الفترة من مايو حتي سبتمبر 2025    مراسل إكسترا نيوز: ما رأيناه باللجان عكس حرص المواطنين على الإدلاء بأصواتهم    الصحة: ضعف المناعة أمام الفيروسات الموسمية وراء زيادة حدة الأعراض    تطوير 5 عيادات صحية ومركز كُلى وتفعيل نظام "النداء الآلي" بعيادة الهرم في الجيزة    محافظ الإسماعيلية يتفقد المقار الانتخابية بمدرستيِّ الشهيد جواد حسني الابتدائية وفاطمة الزهراء الإعدادية    رماد بركان إثيوبيا يشل حركة الطيران في الهند ويتمدّد نحو الصين    الكرة النسائية.. منتخب الشابات بالأبيض وتونس بالأحمر في بطولة شمال أفريقيا    محافظ الدقهلية يتفقد جاهزية اللجنة العامة للانتخابات في السنبلاوين    انتخابات مجلس النواب.. إقبال كثيف على لجان الغربية    إدريسا جايي: أعتذر عن صفعي زميلي في إيفرتون    «النقل» تكشف حقيقة نزع ملكيات لتنفيذ مشروع امتداد الخط الأول لمترو الأنفاق    فى حضور 2000 من الجمهور بلندن.. ليلة استثنائية لأعمال عبد الوهاب بصوت فاطمة سعيد    أعمال محمد عبد الوهاب بقيادة علاء عبد السلام فى أوبرا الإسكندرية    خصوصية الزوجين خط أحمر.. الأزهر يحذر: الابتزاز والتشهير محرم شرعا وقانونا    ما حكم عمل عَضَّامة فى التربة ونقل رفات الموتى إليها؟ أمين الفتوى يجيب    مدبولي يلتقي نائب رئيس "المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني".. صور    انعقاد جولة مشاورات سياسية بين مصر واليونان    استمرار حبس رمضان صبحي حتى 30 ديسمبر للنطق بالحكم    يلا شوت بث مباشر.. الهلال × الشرطة العراقي على تويتر بث مباشر مجانًا دون تشفير أو اشتراك | دوري أبطال آسيا 2025-2026    محامية فضل شاكر ل اليوم السابع: حالة المطرب الصحية جيدة ومعنوياته مرتفعة    منتخب الكويت يهزم موريتانيا ويتأهل لمجموعة مصر في كأس العرب 2025    تامر هجرس يكشف تفاصيل دوره في فيلم "عائلة دياب ع الباب" مع محمد سعد    الصفدي: الاحتلال سجل 500 خرق لاتفاق وقف النار في غزة.. ولن ننشر قوات بالقطاع    نائب رئيس حزب المؤتمر: وعي الشعب أسقط حملات الإخوان لتشويه الانتخابات    منح جائزة صلاح القصب للتونسى فاضل الجعايبى فى أيام قرطاج المسرحية    وكيل توفيق محمد يفجر مفاجأة بشأن انتقاله للأهلي في يناير    تأجيل محاكمة الصغير المتهم بإنهاء حياة صديقه بالمنشار في الإسماعيلية    الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق دبلومة صحافة الذكاء الاصطناعي    ملحمة انتخابية علي الحدود الشرقية .. شيوخ وقبائل سيناء يقودون الناخبين لصناديق الاقتراع | صور    وزير التعليم الإيطالى: أشكر مصر على الاهتمام بتعليم الإيطالية بالثانوية والإعدادية    الداخلية تكشف تفاصيل تعطيل شخص حركة المرور    ضبط 15 طن دقيق في حملات تموينية خلال 24 ساعة    ضبط 4 أشخاص يستقطبون الرجال عبر تطبيق هاتفي لممارسة الأعمال المنافية للآداب بالإسكندرية    رئيس الوزراء والوزير الأول للجزائر يترأسان غدا اجتماع اللجنة العليا المشتركة    إقبال كثيف على لجان شبين القناطر في اليوم الثاني لانتخابات النواب    وزير التعليم: أتوجه بالشكر للرئيس السيسى تقديرا على اهتمامه البالغ بالتعليم    مكتب الإعلام الحكومي يوثق بالأرقام: مؤسسة غزة تورطت في استدراج المُجوّعين إلى مصائد موت    الوفد الثالث من الملحقين الدبلوماسيين يزور ستديوهات ماسبيرو    الصين: أجواء المكالمة الهاتفية بين شي وترامب كانت "إيجابية وودية وبناءة"    وزير الصحة: مصر وتركيا شريكان استراتيجيان في بناء أمن صحي إقليمي قائم على التصنيع والتكامل    الافتاء توضح حكم الامتناع عن المشاركة في الانتخابات    بث مباشر| مؤتمر صحفي ل«الوطنية للانتخابات» لمتابعة انتخابات النواب 2025    باسل رحمي: نعمل على مساعدة المشروعات المتوسطة والصغيرة الصناعية على زيادة الإنتاجية والتصدير    الزراعة تطلق حملة لمواجهة مقاومة المضادات الحيوية في الثروة الحيوانية    «الصحة»: تقديم 21.9 ألف خدمة في طب نفس المسنين خلال 2025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 25-11-2025 في محافظة قنا    دعاء وبركة | أدعية ما قبل النوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معمارى عظيم
يوميات الأخبار

أكتب اليوم عن عبقرى من عباقرة مصر، لا يعرفه إلا القليل جداً من الناس. رجل عاش فى الظل منكراً ذاته رغم أعماله الجليلة. إنه المهندس الدكتور محمد كمال إسماعيل.
الاسم: محمد كمال إسماعيل، تاريخ الميلاد: 13 سبتمبر 1908، محل الميلاد: ميت غمر، المدرسة التى حصل منها على الشهادة: العباسية بالإسكندرية. وها هو محمد كمال يستعد لدخول المهندسخانة، ولأن المهندسخانة موجودة فى القاهرة، فقد فكرت أسرته كلها فى السفر معه للقاهرة.
العاشق
كان رأى الأساتذة فى مدرسة المهندسخانة أن هذا الطالب، خلق ليكون مهندساً. ورغم تفوقه الدراسى كان الولد مشغوفاً بالمساجد. بهرته عمارتها. فى أوقات فراغه كان يدور عليها. يتأمل تفاصيلها. تخطيطها الهندسي، زخارفها، منابرها. رخامها، أعمدتها. ووقف مبهوراً أمام مسجد السلطان حسن. كيف بنى المهندس المصرى هذه المبنى العبقرى. وأخذته مئذنة الجامع الأزهر. وراح يتأمل مسجد قايتباى بالروضة، وهو يتساءل: كيف صاغ المهندس هذه القطعة الفنية الرائعة؟ هل كان يمكن أن يأتى هو وغيره بهذه التحف الفنية دون حب؟ يا الله.. لقد وقع فتانا فى حب المساجد، وفتنته عمارتها، وأصبح من المؤمنين بأن عظمة المعمار فى مصر لم تقف عند الأهرامات، فالمهندس المعمارى المصرى قد أبدع إبداعاً عظيماً فى كل العصور.
أهلاً باريس
فى التاسعة عشرة من عمره تخرج محمد كمال من المهندسخانة. كان ترتيبه الأول كالعادة. وأرسلته الجامعة إلى أوروبا للحصول على درجة الدكتوراه. لكنه لم يكتف بدكتوراه واحدة. بل حصل على اثنتين. وحين عاد لمصر عينته الحكومة مهندساً فى مصلحة المبانى الأميرية، وترقى فى مناصبها حتى وصل فى عام 1948 إلى مديرها العام.
مجمع التحرير
كانت ثكنات قصر النيل التى يحتلها جيش الاحتلال الإنجليزى تحتل موقع مجمع التحرير. لم يترك الإنجليز هذه المعسكرات إلا فى مارس 1947. وكان من الطبيعى أن يفكر المصريون فى إعادة تنظيم ميدان التحرير (كان يسمى ميدان الإسماعيلية/ نسبة للخديوى إسماعيل)، وخطرت فى ذهن المهندس محمد كمال المدير فكرة مدهشة، لماذا لاننشيء مجمعاً للخدمات الحكومية المختلفة، بحيث يتم إنجاز مصالح المواطنين فى أقصر وقت. فى الخارج يسمونها «الشباك الواحد»، نحن سنجعلها «المبنى الواحد».
تمت الموافقة على الفكرة، وبدأ البناء عام 1950، وانتهى بناؤه عام 1951، وقام بافتتاحه صاحب الجلالة الملك فاروق الأول.
موسوعة المساجد
خلال هذا كله لم ينس محمد كمال شغفه بالمساجد. وقرر أن يضع ثمرة هذا الشغف فى كتاب، فألف موسوعة كاملة عن مساجد مصر. استغرق تأليفها سنين عدداً. تناول فيها المساجد من النواحي: التاريخية، الهندسية، الزخرفية. كل شيء. ومنحه الملك فاروق البكوية ونيشان النيل مكافأة له على هذه الموسوعة.
علامات
إلى جانب هذا بنى محمد كمال عدة مبانٍ أخرى تعتبر علامات فى القاهرة، منها: دار القضاء العالي، ومصلحة الكيمياء، ومصلحة التليفونات، ومسجد صلاح الدين. وهى جميعاً تؤكد أن هذا الرجل معمارى من ورثة الفراعنة الذين عشقوا المبانى الضخمة، والمشروعات الهندسية الجبارة.
مشروع العمر
كان الملك فهد، ملك المملكة العربية السعودية، يمسك فى يده بكتاب لم يتمكن الأمير ماجد من قراءة عنوانه. التفت جلالته للأمير ماجد وقال له: كتاب مدهش.
أى كتاب هذا؟ - اسمه موسوعة مساجد مصر.
للأسف لم أقرأه. - صاحبه مهندس، لكن من الواضح أنه صاحب شأن عظيم فى العمارة. - للأسف، لا أعرف من يكون صاحبه. - رجل مصرى، اسمه محمد كمال. بنى فى مصر مبانى عظيمة. أتذكر مجمع المصالح فى ميدان التحرير؟ إنه أحد مشروعاته.
الذى يبنى مثل هذا المبنى لا بد أن يكون مهندساً كبيراً فعلاً. لكن ما سر اهتمامك به وبكتابه؟
أفكر فى مشروع عظيم يتعلق بالحرمين. أريد أن أقوم بتوسعة الحرمين بحيث يتسعان لملايين الزوار الذين يأتون للحج والعمرة كل عام. لذلك أقرأ فى كتب
المساجد، وأسأل عن المهندسين الذين يمكنهم أن يقوموا بهذا العمل.
وبعد؟ - واضح أنى وجدت المهندس المطلوب. إسمع، أريد أن ترسل لاستدعاء هذا المهندس من مصر. أطلب منه أن يأتى على وجه السرعة.
أمرك يا صاحب الجلالة.
بداية جديدة
تم اللقاء بين الملك فهد والمهندس المصرى محمد كمال إسماعيل سنة 1985 للميلاد، الموافقة 1405 للهجرة. وها هو محمد كمال فى حضرة صاحب الجلالة.
خيراً يا صاحب الجلالة؟
لقد سألت عنك جيداً، وقرأت كتابك عن المساجد الإسلامية، لذلك قررت أن أكلفك بعمل عظيم.
أى عمل إن شاء الله؟
توسعة الحرم النبوى الشريف.
هذا شرف عظيم لم أحلم به
وها قد جاءتك الفرصة، فما رأيك؟
أعدك أن أجتهد لأكون على قدر المسؤولية. لكن أخبرنى يا صاحب الجلالة، ما هى طلباتك من التوسعة؟
أريد أن يسع المسجد النبوى الزوار المتزايدين لعشرات السنبن القادمة.
هذا يحتاج لمبالغ طائلة
الميزانية مفتوحة
عظيم. أعطنى فرصة إذن للدراسة وتصميم الرسومات اللازمة
بعد شهور من الدراسات والعمل جاء الدكتور محمد كمال لمقابلة صاحب الجلالة، وقدم له تصميماته المقترحة:
اشرح لى يا دكتور محمد هذه التصميمات
ستزيد مساحة المسجد النبوى ثمانى مرات، من أربعة عشر ألف متر إلى مائة وأربعة آلاف متر مربع، أى ستكون هذه التوسعة أكبر توسعة تمت منذ قرون
عظيم
سنضيف عدداً من المآذن والقباب والأبواب. ونكيف المبنى كله. وسنغطى الأرض برخام معين يأتون به من أعماق البحار، لأن من خصائصه ألا يتأثر بالبرد أو الشمس، وسنأتى بمظلات كبيرة لم يرمثلها أحد من قبل لتظلل المصلين وقت سطوع الشمس
رائع. وستكون أنت المشرف على التنفيذ.
شيئاً فشيئاً ظهرت الصورة الجديدة. كانت الصورة مبهرة. المسجد لا نظير له فى اتساعه، وجماله، ومآذنه، وقبابه، ورخامه، ومظلاته. مما دفع خادم الحرمين لتكليف الدكتور محمد كمال بمشروعه الجبار الثاني.
فى بيت الله الحرام
قال خادم الحرمين للدكتور محمد: بعد نجاحك فى المسجد النبوى آن لك أن تدخل الامتحان الأصعب. أريد توسعة بيت الله الحرام. أنت تعلم أن الناس تأتى إلى مكة للحج، والمسلمون فى العالم يزيدون عاماً بعد عام. أريد توسعة تيسر للحجيج زيارة بيت الله الحرام، وتسع الملايين المتزايدة.
هذا هو حلم العمر. لقد كنت أعمل فى توسعة المسجد النبوى وأقول لنفسى لا بد أن يفكر خادم الحرمين الشريفين فى توسعة الحرم المكي.
إذن فقد التقت أحلامنا
فعلاً يا سيدى.
كان الدكتور محمد فى قمة السعادة. لم يفكر فى شيء سوى أنه سيقدم خدمة لبيت الله ولزوار بيت الله. وراح يجرى الدراسات اللازمة، ثم بدأ فى وضع التصميمات، وأخيراً اكتمل التصور الشامل للمشروع.
وها هو يعرض التصميمات على خادم الحرمين الشريفين:
ستزيد مساحة الحرم المكى من مائتين وخمسة وستين متراً مربعاً إلى ثلاثمائة وخمسة عشر ألفاً. أى سنضيف مساحة قدرها خمسون ألف متر.
مساحة صغيرة. أريد مساحة أكبر. الحجيج الآن بالملايين - سنزيد هذه المساحة عن طريق التوسع الرأسي. سيكون الحرم المكى ثلاثة طوابق: قبو، وطابق أرضي، وطابق أول - لكن أكثر الحجيج يكونون مسنين ولا قدرة لهم على الصعود أو الهبوط - هذا أمر يسير. سنزود الطوابق بسلالم كهربائية تجعل الصعود والهبوط أمراً هيناً.
اقتراح جيد. أكمل
سنضيف مدخلاً رئيسياً جديداً، وثمانية عشر باباً عادياً، بحيث نيسر على الناس الدخول من كل مكان. وسنضيف مئذنتين جديدتين. وسيكون المبنى كله مكيفاً. وسنضع رخاماً لا يتأثر بالحرارة، مثل رخام الحرم النبوى. ونضع مظلات من النوع نفسه. وسيكون الحرم كله مكيفاً، وننشيء جراجاً للسيارات يتسع لخمسة آلاف سيارة. ونقوم بإنشاء بعض الأنفاق لتيسير المرور فى منطقة الحرم.
ستكون أنت المشرف على التنفيذ.
واكتمل البناء. صارت سعة المسجد الحرام ثلاثة أرباع مليون مصلٍ فى الظروف العادية، وتصل لمليون مصلٍ أيام الحج. وصار المسجد الحرام بهجة تسر الناظرين.
المكافأة
سأل خادم الحرمين الشريفين المهندس محمد كمال: كم تريد يا دكتور مقابل هذا العمل الجبار؟
قال الرجل ببساطة: أريد وجه الله
نعم؟! لقد عملت معنا سنوات، وقضيت الليل والنهار فى العمل، وقمت بعمل عظيم شهدت له الدنيا.
ياسيدى خادم الحرمين، كيف أتقاضى أجراً عن عملى فى الحرمين الشريفين؟ «أودى وشى من ربنا فين»؟
هذا هو الرجل الذى تجاهلناه، والذى يستحق منا كل تقدير واحترام. أما آن الأوان لأن نحتفى بهذا الرجل؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.