الرئيس الأمريكى «بايدن» جاء إلى الحكم على أمل أن تساعده خبرته الطويلة واعتداله على رأب الصدع فى المجتمع الأمريكي. لكن ها هو بعد أقل من عشرين شهرا يتخلى عن هدوئه الذى يصفه خصومه ب«البرود»، ويدخل فى سجال عنيف مع «ترامب»، متهما إياه بتهديد الأسس التى تقوم عليها أمريكا، وبأنه وأنصاره «لا يحترمون الدستور، ولا يؤمنون بسيادة القانون، ولا يعترفون بإرادة الشعب». قد يكون الاقتراب من الانتخابات النصفية فى نوفمبر عاملا فى اشتداد التنافس والصراع الحزبى بين الجمهوريين والديمقراطيين. لكن الواقع الأمريكى يبدو أخطر من ذلك فلم تكن أمريكا منقمسة على نفسها منذ نهاية الحرب الأهلية كما هى الآن. ولم يكن العنف يهدد العمل السياسى ويتربص بمؤسسات الدولة بمثل هذه الصورة من قبل. كان اقتحام الكونجرس ومحاولة منع تسليم السلطة لبايدن إنذارا بمدى خطورة الوضع. وكان الرهان بعد ذلك أن ما فعله ترامب التحريض على هذا العنف سينهى حياته السياسية، وأن الحزب الجمهورى سيستعيد هويته الأساسية بعيدا عن التطرف لكن ما حدث كان العكس على طول الخط!! شدد ترامب قبضته على الجمهوريين، واستغل المطاردات القضائية والبرلمانية له لادعاء المظلومية. ووقف اخيرا يتفاخر بأن اقتحام منزله من المباحث الفيدرالية بأمر قضائى قد زاد من سطوته بين جماهيره! وبالأمس كشفت المحكمة عن أن ما صادرته المباحث الفيدرالية من منزل ترامب بلغ 11 ألف وثيقة صنفت 54 وثيقة منها بأنها «سرية» و18 وثيقة على انها «سرية للغاية»، و31 وثيقة على انها خاصة.. وربما يكون الأخطر أنه كان هناك 90 ملفا فارغا منها 48 عليها علامة «سرية»، ويجرى البحث الآن لمعرفة أين ذهبت هذه الوثائق، وهل اختفت بسبب الاهمال أم لأسباب أخري!! ورغم ذلك يستمر إيمان أنصار «ترامب»، بأن كل ما يتعرض له هو من باب «المؤامرة»، ولا يتأخر زعماء جمهوريون عن التلويح بالعنف ويبدو «ترامب»، مصمما على خوض انتخابات الرئاسة بعد عامين. وتزداد خطورة الانتخابات التشريعية فى نوفمبر ولا يبدو مؤكدا إلا انقسام أمريكا والجنوح، اكثر من أى وقف مضي، إلى خطاب العنصرية والكراهية الذى يجعل انفجار العنف هو اخطر ما تخشاه أمريكا! فى آخر استطلاع رأى أمريكى قال 43٪ إنهم لا يستبعدون نشوب «حرب أهلية» خلال السنوات العشر القادمة!!
