عالم بلا عدالة.. كيف يواجه الوباء

فى الصميم

اللقاحات التى اعتمدتها الهيئات الدولية هى أفضل ما توصل إليه العلم حتى الآن فى مواجهة وباء كورونا. بالتأكيد سيكون هناك فى المستقبل لقاحات أفضل وعلاج حاسم، ولكن -حتى ذلك الوقت- لا بديل عن استخدام اللقاحات المعتمدة بجانب الإجراءات الاحترازية من كمامة وتباعد مجتمعى وتجنب الزحام والأماكن المغلقة.
للأسف الشديد فإن إنتاج العالم من جرعات اللقاحات المعتمدة لا يفى -حتى الآن- إلا بثلث الاحتياجات الفعلية. وللأسف أيضا مازالت الدول الأغنى والأقوى تستحوذ على غالبية ما ينتج. وبالأمس كتب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جويتريش «على تويتر» عن عدم العدالة فى توزيع اللقاحات قائلا: أشعر بقلق عميق لأن العديد من الدول منخفضة الدخل لم تتلق بعد جرعة واحدة من لقاح كوفيد 19. إن اللقاحات يجب أن تكون ذات فائدة للجميع - وعلى العالم أن يتحد لجعل هذا حقيقة واقعة».
ويأتى ذلك بعد إجهاض الدول الغنية لمحاولات فى إطار الأمم المتحدة لفرض التنازل المؤقت عن حقوق الملكية الفكرية بالنسبة للقاحات ضد كورونا، والسماح للمصانع المؤهلة والقادرة بإنتاج اللقاحات تحت الإشراف العلمى من الشركات العالمية صاحبة اللقاح وبمساعدتها، لكى يتم توفير الكميات المطلوبة عالميا لمواجهة الوباء فى أسرع وقت وبأقل تكلفة.
أجهضت الدول الغنية هذه المحاولات حتى الان حفاظا على مصالح الشركات التابعة لها والمنتجة الأساسية للقاحات التى انفقت الكثير لكى تصل إلى انتاج اللقاح فى فترة زمنية قياسية وغير مسبوقة، ومع الاعتراف بهذا الجهد فإن تعويضا مناسبا ومجزيا لهذه الشركات العملاقة يمكن أن يكون الحل الذى يكافئها على جهدها، والذى يضمن استمرار الأبحاث العلمية فى هذا المجال.. لكن يبدو أن الدول الأغنى لا تريد حلا تعرف أنها ستدفع معظم تكاليفه، ولا تريد أن تتخلى عن وضع يحقق لها الأولوية فى الحصول على اللقاحات، ويتيح لها فرصة استغلاله ماديا وسياسيا.
لكن الحقيقة تبقى فى أنه لا مناعة مؤكدة لدولة إلا بمناعة عامة لكل الدول، ولا نتيجة لمحاولة الاغنياء الاستحواذ على اللقاحات إلا انتظار سلالات من كورونا أكثر شراسة وأوسع انتشارا.. فهل يدرك أغنياء العالم أن عدالة توزيع اللقاحات ليست تفضلا منهم، وأن استحواذهم على معظم الانتاج لن يوفر لهم الأمان؟!