وزير السياحة يبحث سبل تطوير منتج السياحة النيلية في مصر    البنك المركزي سحب 872 مليار جنيه سيولة من البنوك بعطاء اليوم    إسبانيا تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع الأرجنتين.. ما السبب؟    غياب راشفورد وهندرسون.. 33 لاعبا في قائمة إنجلترا الأولية ليورو 2024    مصراوي يكشف مصير 5 لاعبين من المشاركة مع الأهلي أمام الترجي    أول تحرك برلماني.. برلمانية تطالب بكشف ملابسات حادث سقوط "ميكروباص أبوغالب"    دعاء اشتداد الحر عن النبي.. اغتنمه في هذه الموجة الحارة    لجميع المراحل.. مصروفات الدراسة بالمدرسة المصرية الدولية في الشيخ زايد (مستند)    قناص إسرائيلي يطلق النار على كل من يتحرك قرب مستشفى بجنين    حزب الله يستهدف جنودًا إسرائيليين عند موقع "الراهب"    مصدر سعودي للقناة ال12 العبرية: لا تطبيع مع إسرائيل دون حل الدولتين    وزير الري: مبادرة حوض النيل بشكلها الحالي تعتمد على مبادئ غير تعاونية    محافظ أسيوط: مواصلة حملات نظافة وصيانة لكشافات الإنارة بحي شرق    جيلبرتو ليلا كورة: أتمنى أن يتعافى معلول سريعًا.. وهذه رسالتي للاعبي الأهلي قبل النهائي    الدوري المصري.. بلدية المحلة 0-0 الداخلية.. أصحاب الأرض الأكثر خطورة    التصفيات الآسيوية.. "الأبيض" يلتقي نظيره البحريني    برلمانية تطالب بوقف تراخيص تشغيل شركات النقل الذكي لحين التزامها بالضوابط    "الجو نار".. 11 صورة لتأثير الحرارة على المواطنين بشوارع القاهرة    زوجة المتهم ساعدته في ارتكاب الجريمة.. تفاصيل جديدة في فاجعة مقتل عروس المنيا    تأجيل محاكمة 12 متهمًا في قضية رشوة وزارة الري ل25 يونيو المقبل    جيفرى هينتون: الذكاء الاصطناعى سيزيد ثروة الأغنياء فقط    الإعدام لعامل رخام قطع سيدة 7 أجزاء بصاروخ لسرقتها فى الإسكندرية    أصالة ومايا دياب.. نجوم الفن ينعون مصفف الشعر اللبناني طوني    لمواليد برج الثور.. توقعات الأسبوع الأخير من شهر مايو 2024 (تفاصيل)    كيت بلانشيت.. أسترالية بقلب فلسطينى    جهاد الدينارى تشارك فى المحور الفكرى "مبدعات تحت القصف" بمهرجان إيزيس    وزارة الزراعة تطرح كرتونة البيض ب120 جنيها فى معرض المتحف الزراعى    أمين الفتوى: قائمة المنقولات الزوجية ليست واجبة    رئيس هيئة الشراء الموحد: توطين صناعة الكراسي المتحركة لذوي الهمم في مصر    «الرعاية الصحية» تدشن برنامجا تدريبيا بالمستشفيات حول الإصابات الجماعية    أفضل نظام غذائى للأطفال فى موجة الحر.. أطعمة ممنوعة    بعد إصابة زوجة الرئيس السوري- كيف يمكن علاج سرطان الدم؟    الحكم بإعدام مدرس الفيزياء المتهم بقتل طالب الستاموني    «غرفة الإسكندرية» تستقبل وفد سعودي لبحث سبل التعاون المشترك    السيسي: مكتبة الإسكندرية تكمل رسالة مصر في بناء الجسور بين الثقافات وإرساء السلام والتنمية    القبض على المتهم بإدارة كيان تعليمي وهمي بالإسكندرية    يوسف زيدان يرد على أسامة الأزهري.. هل وافق على إجراء المناظرة؟ (تفاصيل)    150 هزة ارتدادية تضرب غرب نابولي.. وزلزال الأمس هو الأقوى خلال العشرين عامًا الماضية    مكتب الإعلام الحكومي بغزة: الرصيف البحري لا يمكن أن يكون بديلا عن المنافذ البرية والمساعدات لم تصل حتى الآن إلى شمال القطاع والوضع كارثي    «بيطري المنيا»: تنفيذ 3 قوافل بيطرية مجانية بالقرى الأكثر احتياجًا    تفاصيل حجز أراضي الإسكان المتميز في 5 مدن جديدة (رابط مباشر)    في اليوم العالمي للشاي.. أهم فوائد المشروب الأشهر    للتوعية بحقوقهن وواجباتهن.. «الهجرة» تناقش ضوابط سفر الفتيات المصريات بالدول العربية    لهذا السبب.. عباس أبو الحسن يتصدر تريند "جوجل" بالسعودية    هالاند.. رقم قياسي جديد مع السيتي    "مستقبله في الهواء".. الصحف الإنجليزية تُعلق على تغريدة محمد صلاح المثيرة    أحمد الفيشاوي يحتفل بالعرض الأول لفيلمه «بنقدر ظروفك»    حفل تأبين الدكتور أحمد فتحي سرور بحضور أسرته.. 21 صورة تكشف التفاصيل    «القومي للمرأة» يوضح حق المرأة في «الكد والسعاية»: تعويض عادل وتقدير شرعي    «ختامها مسك».. طلاب الشهادة الإعدادية في البحيرة يؤدون امتحان اللغة الإنجليزية دون مشاكل أو تسريبات    صعود جماعي لمؤشرات البورصة في بداية تعاملات الثلاثاء    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-5-2024    لجان البرلمان تواصل مناقشة مشروع الموازنة.. التموين والطيران والهجرة وهيئة سلامة الغذاء الأبرز    حسام المندوه: الكونفدرالية جاءت للزمالك في وقت صعب.. وهذا ما سيحقق المزيد من الإنجازات    مندوب فلسطين أمام مجلس الأمن: إسرائيل تمنع إيصال المساعدات إلى غزة لتجويع القطاع    دعاء في جوف الليل: اللهم ابسط علينا من بركتك ورحمتك وجميل رزقك    بوتين: مجمع الوقود والطاقة الروسي يتطور ويلبي احتياجات البلاد رغم العقوبات    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر ورسائل قصيرة للتهنئة عند قدومه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ذكرى رحيله.. معركة «العقاد» مع «الرافعي» الأعنف في تاريخ الأدب العربي
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 12 - 03 - 2021

«إنّه لَيتفق لِهذا الكاتب من أساليب البيانِ ما لا يتفقُ مِثلُه لكاتب من كُتّاب العربية في صَدر أيامها»، ذلك كان رأي العقاد في أدب الرافعي عام 1917، في خصومة هي الأعنف والأشد في تاريخ الأدب العربي.
بداية الخصومة
نشبت الخصومة بين قطبي الأدب والفكر، الكاتب والمفكر الكبير الراحل عباس محمود العقاد، الذي يوافق اليوم 12 مارس ذكرى وفاته، مع الكاتب والمفكر الكبير الراحل مصطفى صادق الرافعي، منذ صدور كتاب "الديوان" للعقاد والمازني عام 1921، والذي وجه فيه العقاد للرافعي نقدًا واسعًا.
واستؤنفت المعركة بصدور كتاب "إعجاز القرآن" للرافعي، الذي سبق وأن امتدحه سعد باشا زغلول في "مسجد وصيف"، إذ يقول عنه: "كأنّه تنزيل من التنزيل، أو قبس من نور الذكر الحكيم"، ولا شك أن هذا القول قد أشعل النار في قلب العقاد تجاه الرافعي لاسيما وأنه كاتب الوفد الأول، وله على سعد مكارم كثيرة.
وحينما التقى الرافعي العقاد صدفة، في مقر المقتطف، كان العقاد على غير طبيعته، متجهم الوجه عبوسًا، ولم يلبس الرافعي أن ينهي سؤاله عن رأيه في الكتاب، حتى فتح العقاد نارًا على الرافعي أشعلت بينهما الصراع الدائم.
شكك العقاد في الكتاب وامتد حديثه ليطول القرآن ذاته وإعجازه، حيث دار جزء من الموقف على هذا النحو كما يرويه العريان في كتابه "حياة الرّافعي"، حيث قال الرافعي للعقاد، وكان الحديث يدور بينهما على الورق لأن الرافعي ضعيف السمع: "أنت تجحد فضل كتابي، فهل تراك أحسن رأيًا من سعد؟"، قال العقاد: "وما سعد وما رأي سعد؟" قال الرافعي، وقد قبض يده على ورقة العقاد: "أفتراك تصرح برأيك هذا في سعد، وأنت تأكل الخبز في مدحه، والتعلق بذكراه!"، رد العقاد: " ما لك أنت وسعد! إن سعدًا لم يكتب هذا الخطاب، ولكنك أنت كاتبه، ومزوره، ثم نحلته إياه لتصدر به كتابك فيروج عند الشعب".
ومن هنا ثارت نفس الرافعي التي لم تكن ترضخ لمثل هذا إذ يقول الرافعي عن نفسه: "إنه يُخيل إلي دائمًا أني رسول لغوي بعثت للدفاع عن القرآن ولغته وبيانه، فأنا أبدًا في موقف الجيش تحت السلاح".
هجوم العقاد
أطلق العقاد رأيه في الرافعي فقال في الجزء الثاني من كتابه الديوان: "مصطفى أفندي الرافعي، رجلٌ ضيق الفكر، مُدرع الوجه، يركب رأسه مراكبًا يتريث دونها الحصفاء أحيانًا، وكثيرون ما يُخطئون السداد بتريثهم وطول أناتهم".
اقرأ أيضا|البيت الفني للمسرح يكرم الفنانين من ذوي الاحتياجات الخاصة الشهر الجاري
وأتبع أيضًا في الفصل ذاته قائلًا: "إيه يا خفافيش الأدب: أغثيتم نفوسنا أغثى الله نفوسكم الضئيلة، لا هوادة بعد اليوم، السوط في اليد وجلودكم لمثل هذا الصوت خُلقت، وسنفرغ لكم أيها الثقلان"، فكان ذلك أدعى أن يجعل الرافعي يقرر وضع العقاد على السفود، أضف إلى ذلك اقتراب العقاد من مي زيادة مُلهمة الرافعي الأولى.
مقالات الرافعي
كتب الرافعي مجموعة مقالات نقدية لاذعة، جرد فيها العقاد من كل عظيم وألبسه كل مهترئ لا يستر، فألصق معظم أعماله بالسرقة الأدبية منها ما يقول الرافعي في مقاله "العقاد اللص" الذي نشر في مجلة العصور عدد شهر نوفمبر عام 1929.
قال فيه "في الثامن والعشرين من أغسطس 1929 صدرت جريدة "الحال الأسبوعية" في القاهرة وفيها مقال عنوانه "لو..! تأثريها في تاريخ العالم"، وفي الثاني من سبتمبر صدرت مجلة "الجديد" مفتتحة بالمقال هذا عنوانه "لو" للكاتب القدير الأستاذ عباس محمود العقاد، وكلتا المقالتين مترجمة عن الأستاذ "هريتشو" مدرس التاريخ في جامعة لندن نقلًا عن مجلة "الأوتلاين" الإنجليزية".
وتابع: "غير أن اللص الجبار، زعم لنفسه الشركة في علم أستاذ التاريخ، فساق الكتابة في أسلوب يوهم القارئ أنه هو صاحب البحث ومخترع العنوان، وأنه لم يأخذ من المؤرخ إلا ما يأخذه من "يفك قرشين"، يعطى بهما قطعة من الفضة، هي وهما سواء، فما أخذ إلا بقدر ما أعطى، وكان ذا مالٍ في قرشيه ولم يكن لصًا وهكذا يزيد العقاد على لصوص الأدب والكتابة، بما فيه من هذه الوقاحة العلمية الثقيلة التي هي سلاحه في كل ميادينه".
وغيره من النقد الصعب الشديد الذي لا يُحتمل، فقد تتبع الرافعي شعر العقاد معظمه بالنقد البلاغي واللغوي بغير رحمة، فقد فكك معظم أعماله، وأطاح بالعقاد أرضًا في هذا الكتاب.
منها ما يقول في نقد أحد أبياته: "وختام قصيدة المراحيضي -لقب أطلقه الرافعي على العقاد سخرية- تغنّوا بما شاءوا، وغنيتُ بالطلى وكل يغني في الأنام بليلاه وكتب (الطلى) بالياء وهي بالألف لا غير، إذ هي بالياء معناها الرقاب، والسرقة في هذا البيت ظاهرة من قولهم: "كل يغني على ليلاه"، ولكن يبقى أن التي انقلبت فرسًا أو براقًا من قبل، انقلبت هنا امرأة اسمها (ليلى)، ألا يغور هذا العقاد الآن والقراء جميعا يبصقون على شعره؟".
مرحلة الهدنة
ثم هدأت المعركة بين الرافعي والعقاد فترة إلى أن نُشر ديوان العقاد "وحي الأربعين" الذي لم يكن الرافعي يرغب قراءته إلا أنه ذات مساء كان جالسًا مع أحد أصدقائه، فسأله: "أي كتاب تقرأ هذه الأيام؟" فأجاب غامزًا: "وحي الأربعين"، فعزم الرافعي على قراءته ونقده بعد حين، وطلب من صديقه أن يشتريه لأجله، لأنه قد عزم منذ زمن ألا يدفع قرشًا في كتب العقاد، فقرأه الرافعي، وأملى مقاله النقدي عنه للعريان، ونشره الرافعي.
ورد عليه العقاد مُوبخًا، في مقال بعنوان "أصنام الأدب" ينتقص فيه من الرافعي وإسماعيل مظهر، ناشر كتاب "على السفود"، غير أن العقاد لم يرد على معظم ما عابه به الرافعي، واستعاض عن الرد بالسب والشتم، ودخل للرافعي من مكان لم يكن يحسبه، فطعن في وطنيته، وأوهم قراءه أن الرافعي ما كان لينتقده لولا أنه العقاد كاتب الوفد السياسي، كان العقاد كاتب بعقل سياسي يحمل المفاجآت دائمًا، فكتب عن الرافعي مقالًا شديدًا، عنيفًا غرضه السخرية والإيلام وقطع السبيل وتدعيم الدليل في نقده.
انسحاب العقاد
ثم يرد العقاد، ليُعلن انسحابه من المعركة شاكرًا للذين أيدوه، فكان النصر للرافعي عند طائفة، لكنه خسر عطف الآلاف من محبي العقاد، غير أن الرافعي لم يترك العقاد وشأنه وتحين الفرصة ليرد له كيده بنفس خبثه السياسي وعندما خرج العقاد من الوفد وكتب فيه ناقدًا، استغل الرافعي الموقف وكتب في العقاد مقالًا بعنوان "أحمق الدولة" فكان المقال ذا رنين وصدى واسع .
هكذا كانت المعركة الأعنف في تاريخ الأدب العربي، رغم شدتها إلا إنها توضح كيف كان الكتاب على علم وبصيرة في هذه الحقبة الأدبية الفريدة التي لن تتكرر، يغوصون في بحار اللغة، ويضعون بصمتهم الفريدة، فتكون القصص الممتعة، والاستفادة العظيمة، رحم الله الأديبين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.