اليوم احتدت الأزمة بين عملاق التكنولوجيا فيسبوك والحكومة الأسترالية، في أعقاب تصعيد قانون المساومة الإعلامية المقترح، الذي يطالب فيسبوك وجوجل، بالوصول إلى صفقات تجارية مع المنافذ الإخبارية التي تؤدي روابطها إلى حركة المرور إلى منصاتها، ودفع أموال لشركات الإعلام الأسترالية، مقابل استخدام محتواها الإعلامي. وفي خطوة مباغتة، قامت فيسبوك بحظر العديد من صفحات المؤسسات الخيرية، وخدمات الصحة، والأرصاد الجوية، والطوارئ الرسمية، إلى جانب مقدمي محتوى أصغر متخصصًا، لتعلن بذلك رفضها فرض أي رسوم على المحتوى المنشور على منصتها، أو عقد أي صفقات مع شركات إعلام استرالية، تدفع بموجبها أمولا مقابل استخدامها للمحتوى الإعلامي الخاص بتلك الشركات. وبشكل عام، يعتمد نموذج أعمال فيسبوك Facebook بشكل كبير على الإعلانات، حيث تأتي غالبية عائدات الشبكات الاجتماعية من الإعلانات. وفي عام 2020، تم ضخ حوالي 97.9 % من الإيرادات العالمية من الإعلانات لفيسبوك وحدها، وبلغت إيرادات إعلانات فيسبوك Facebook ما يقرب من 86 مليار دولار أمريكي في عام 2020، وهو رقم قياسي، و بزيادة كبيرة مقارنة بالسنوات السابقة. وعلى سبيل المثال، أنتجت الشبكة الاجتماعية ما يقرب من سبعة مليارات دولار أمريكي من عائدات الإعلانات في عام 2013، أي أقل بحوالي 10 مليارات دولار من رقم 2015. وكما زاد متوسط إيرادات فيسبوك Facebook لكل مستخدم بشكل كبير في نفس الفترة الزمنية، حيث ارتفع من 6.81 دولار أمريكي في عام 2013 إلى 32.03 دولار أمريكي في عام 2020. وتعد الولاياتالمتحدةالأمريكيةوكندا من الأسواق المهمة لفيسبوك Facebook، مع الأخذ في الاعتبار متوسط الإيرادات لكل مستخدم (ARPU) في هذين البلدين، فقد بلغ متوسط العائد لكل مستخدم في فيسبوك Facebook في الولاياتالمتحدةوكندا 41.41 دولارًا أمريكيًا في الربع الأخير من عام 2019، في حين كان المتوسط العالمي 8.52 دولارًا أمريكيًا، وفي أوروبا بلغ متوسط أرباح فيسبوك Facebook لكل مستخدم 13.21 دولار أمريكي خلال نفس الفترة الزمنية. أما عن القطاعات الأخرى، فيعتبر الهاتف المحمول هو الشكل الإعلاني الواعد للشركة، ففي عام 2018، شكلت إيرادات إعلانات الهاتف المحمول على فيسبوك Facebook نحو 92 % من إجمالي عائدات الإعلانات على الشبكة الاجتماعية. ونمت عائدات إعلانات الهاتف المحمول على فيسبوك Facebook من تقدير قدره 13 مليار دولار أمريكي في عام 2015 إلى 50.6 مليار دولار أمريكي في عام 2018. وكانت هناك مناقشات ساخنة بين فيسبوك والكونجرس الأمريكي، ركزت على شركات التكنولوجيا الأمريكية، وكيف تستفيد من محتوى الأخبار على خدماتها، وردت فيسبوك بأن منصاتها لها علاقات مختلفة جذريًا مع الأخبار، فيرتبط بحث جوجل Google ارتباطًا وثيقًا بالأخبار، ولا يقدم الناشرون محتواهم طواعية، ومن ناحية أخرى، يختار الناشرون عن طيب خاطر نشر الأخبار على Facebook، حيث يتيح لهم ذلك بيع المزيد من الاشتراكات، وزيادة جمهورهم، وزيادة عائدات الإعلانات، بحسب ما قالت الشركة. وأكدت فيسبوك Facebook أنها أنتجت ما يقرب من 5.1 مليار محتوى مجانا لناشرين أستراليين، تقدر قيمتها بنحو 407 ملايين دولار أسترالي. وزعمت فيسبوك، أن مكاسب الأعمال من الأخبار ضئيلة، وتشكل الأخبار أقل من 4٪ من المحتوى الذي يراه الأشخاص في "آخر الأخبار"، مضيفة أن الصحافة مهمة لأي مجتمع ديمقراطي، وهذا هو السبب في أنها تبني أدوات مخصصة ومجانية لدعم المؤسسات الإخبارية حول العالم في ابتكار محتواها للجمهور عبر الإنترنت. كما قالت فيسبوك، إنها ليست شركة إعلامية، مريحة: شركة التواصل الاجتماعي هي في الواقع شركة إعلامية، وهذا ما أصر عليه مارك زوكربيرج أمام الكونجرس، مؤكدا على أنه لا يدير شركة إعلامية، على الرغم من أن الشبكة الاجتماعية أعلنت عن خطتها التي طال انتظارها لإطلاق قائمة من البرامج الإخبارية لبوابة الفيديو الخاصة بها في Facebook Watch. ولم تتوقف طموحات شركة فيسبوك Facebook عند هذا الحد فقد ظهرت تقارير أيضًا تفيد بأن انستجرام Instagram المملوك لشركة فيسبوك Facebook يستعد ايضا لإطلاق مركز وسائط يشبه Snapchat Discover، حيث سيقوم التطبيق برعاية محتوى فيديو طويل، من المؤثرين والناشرين على الشبكة الاجتماعية. وعلى الرغم من ذلك كله، يواصل المسؤولون التنفيذيون في فيسبوك Facebook الإصرار على أن الشركة ليست شركة إعلامية، لأنها تدفع فقط مقابل المحتوى، وليس إنشائه بنفسها، وهو عذر اعتمدت عليه الشركة لسنوات طويلة. وقالت كارولين إيفرسون، نائبة رئيس حلول التسويق العالمية في فيسبوك Facebook ، في عام 2012: "نحن في الواقع نعرّف أنفسنا كشركة تكنولوجيا، وتشتهر شركات الإعلام بالمحتوى الذي تنشئه"، وبالمثل، أخبر زوكربيرج أعضاء الكونجرس في أبريل أن فيسبوك شركة تكنولوجية "لأن الشيء الأساسي الذي نقوم به هو أن يكون لدينا مهندسون يكتبون الأكواد ويبنون المنتجات والخدمات لأشخاص آخرين." ومع المكاسب الهائلة والأرباح التي تحققها على الرغم من مزاعمها، فقد انتفضت استراليا في خطوة هي الاولى من نوعها على مستوى العالم، ليكون لشركاتها الإعلامية وناشريها نصيب من تلك الإيرادات الخيالية التي تحققها فيسبوك من نشر المحتوى الإعلامي والإخباري. وفي ترقب لمعركة يتابعها العالم عن كثب، ستراقب الدول والحكومات الأخرى نتائج التشريع الأسترالي، لا سيما في كندا، التي شهدت مؤخرًا جهودًا لإصلاح وسائل الإعلام، وكما يقول جيمس ميس من جامعة RMIT في ملبورن: "إنها تجربة مفتوحة جدًا لما تعنيه المعلومات المضللة، لاستهلاك الأخبار، وقد أصبح العالم ينظر إلى أستراليا الآن على أنها أكبر حالة اختبار يتعرض لها عملاق التواصل الاجتماعي فيسبوك".