جاءت تقنيات الألياف الضوئية بمثابة ثورة في عالم الاتصالات، مع بداية القرن الحادي والعشرين، وهي التقنية التي مكنت الملايين حول العالم من الحصول على خدمات متميزة من خلالها، كما حملت الإنترنت عبر البحار والمحيطات، من قارة إلى قارة وبسرعات مذهلة. ومؤخرا افتتح المهندس ياسر القاضي وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، المرحلة الأولى من مصنع كابلات للألياف الضوئية بمدينة بدر، باستثمارات صينية مصرية مشتركة تبلغ حوالي 30 مليون دولار خلال 3 سنوات بين شركتي هايتكنوفل المصرية، وشركة هانج تونج جروب Hengtong Group الصينية.
وبهذه الخطوة، تضع مصر قدمها على الطريق الصحيح لتصنيع الإلكترونيات، وهي الاستراتيجية التي تتبناها الدولة ضمن خطتها للتحول نحو المجتمع الرقمي، وتعد كابلات الألياف الضوئية، هي العنصر الرئيسي في تنفيذ تلك الاستراتيجية، مع تطوير البنية التحتية للاتصالات لتقديم خدمات إنترنت أسرع، وتفعيل استخدامات أوسع للتطبيقات التكنولوجيا المختلفة مثل الحوسبة السحابية، وتخزين البيانات العملاقة ونقلها وتطبيقات إنترنت الأشياء المختلفة، فجاءت مبادرة افتتاح مصنع لإنتاج الكابلات الضوئية بهدف تلبية احتياجات السوق المحلي، وايضا التوجه إلى التصدير إلى أفريقيا والشرق الأوسط.
وتتميز الألياف الضوئية بأنها أكثر كفاءة من الأسلاك النحاسية، فهي على عكس أنواع الكابلات والأسلاك النحاسية التي تعتمد في نقل البيانات على الذبذبات الكهربائية، أما كابلات الألياف الضوئية تنقل البيانات عبر نبضات ضوئية، مصنوعة من الزجاج النقي ، طويلة ورفيعة لا تتعدى سمكها سمك الشعرة ، وتستخدم في نقل الإشارات الضوئية لمسافات بعيدة جدا وبسرعات عالية .
ويعتمد كابل الألياف الضوئية في طريقة عمله، كأنبوبة مرنة طويلة جدرانها الداخلي مغطى بطبقة مثل المرايا، وعند إرسال نبضات ضوئية من مصباح و ليزر، يصل الضوء بسرعته المعروفة، بغض النظر عما إذا كان الأنبوب منحني أو ملتف حول نفسه أو مستقيم، هذا لأن الضوء سوف ينعكس على المرايا الجانبية للسطح الداخلي للأنبوبة بدون أي تشتيت.
ومن هم المميزات التي تتمتع بها أيضا كابلات الألياف الضوئية، عرض النطاق التردد Bandwidth، أي أنها تستطيع ان تحمل معلومات أكثر بكفاءة عالية تفوق كفاءة الأسلاك النحاسية بكثير، كذلك مدى الارسال Range of transmission، حيث أن البيانات تنتقل في صورة نبضات ضوئية، ويكون الفقد في الإشارة أثناء النقل قليل جدا مما يجعل نقل البيانات بسرعة كبيرة ولمسافات طويلة، هذا بالإضافة إلى أن الكابل غير عرضة للتشويش بسبب التداخل، كما لا تتأثر الألياف البصرية بالضجيج والتداخلات الكهرومغناطيسية مثل اسلاك النحاس.
وهذا إلى جانب أن كابلات الألياف الضوئية تتميز بأنها أرفع وأخف بكثير من كابل النحاس، كذلك التكلفة فإن العناصر المستخدمة في تصنيع وإنتاج الألياف الضوئية أكثر تكلفة من نظيرتها النحاسية، ولكن مع الاستخدام وتعرض الكابلات النحاسية لعمليات السرقة باستمرار، فإن جدوى استخدام الكابلات الفايبر فضل بكثير، مع الأخذ في الاعتبار عنصر المتانة، خاصة وأن كابل الألياف مقاوم للعوامل البيئية المختلفة.
لاشك أن دخول مصر مجال تصنيع الإلكترونيات، وعلى رأسها صناعة كابلات الألياف الضوئية، التي تعد أحد ركائز صناعة تكنولوجيا الاتصالات، قفزة جديدة على طريق مصر لتصبح بلدا مصنعا للإلكترونيات، وتكون مركزا لتصدير التكنولوجيا لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا.
