تزامنا مع حلول عيد الاضحى.. الزراعة توافق على استيراد 145 ألف رأس عجول للذبيح الفوري    رسميًا.. بدء صرف معاش تكافل وكرامة يونيو 2024 (رابط الاستعلام و طريقة التسجيل )    بلينكن يلتقي نتنياهو وسط استمرار مساعي وقف إطلاق النار في غزة    رسائل بوتين.. استراتيجيات جديدة لتأجيج التوترات الإقليمية في أوروبا    طبيب منتخب مصر يكشف حجم إصابة مصطفى محمد    وزير الرياضة يشهد نهائي بطولة الجمهورية للفروسية    الأرصاد تصدر بياناً عاجلاً بشأن الموجة شديدة الحرارة وتكشف موعد ذروتها    مستشفى 57357 تستقبل أنشطة أتوبيس الفن الجميل    "جدو مرجان وحكاوي زمان".. عرض مسرحي للأطفال ضمن موسم قصور الثقافة    أول تعليق من نقابة الأطباء على رفض طبيبة علاج مريضة بالسرطان في الإسكندرية    تفاصيل قافلة لجامعة القاهرة في الصف تقدم العلاج والخدمات الطبية مجانا    الرئيس التنفيذي لآبل يعلن إطلاق Apple Intelligence    العاهل الأردني يؤكد أهمية انعقاد مؤتمر الاستجابة الطارئة في البحر الميت    تزامنا مع احتفالات الكنيسة، قصة القديسة مرثا المصرية الناسكة    العرض الخاص اليوم.. خالد النبوي يروج لفيلم "أهل الكهف"    قيادى بفتح: الرئيس محمود عباس يتمتع بصحة جيدة وسيشارك غدا فى مؤتمر البحر الميت    الإفتاء: النبي لم يصم العشر من ذي الحجة ولم يدع لصيامها    وزير التجارة ونظيره التركي يبحثان سبل تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين    الرئيس التشيكي يعرب عن قلقه إزاء صعود الأحزاب الهامشية في أوروبا    لفقدان الوزن- تناول الليمون بهذه الطرق    محمد ممدوح يروج لدوره في فيلم ولاد رزق 3    منطقة سوهاج الأزهرية تنظم ندوة للتوعية بترشيد استهلاك المياه    تعرف على الأضحية وأحكامها الشرعية في الإسلام    الدعم العينى.. أم الدعم النقدى؟    لميس الحديدي تكشف عن سبب إخفائها خبر إصابتها بالسرطان    إيرادات الأحد.. "شقو" الثاني و"تاني تاني" في المركز الأخير    أمين الفتوى: الخروف أو سبع العجل يجزئ عن البيت كله في الأضحية    عزة مصطفى عن واقعة مدرس الجيولوجيا: شكله شاطر    تطورات جديدة حول اختفاء طائرة نائب رئيس مالاوي ومسؤولين آخرين    "وطني الوحيد".. جريدة المصري اليوم تكرم الكاتب مجدي الجلاد رئيس تحريرها الأسبق    مشروب بسيط يخلصك من الصداع والدوخة أثناء الحر.. جسمك هيرجع لطبيعته في دقايق    موعد محاكمة ميكانيكي متهم بقتل ابن لاعب سابق شهير بالزمالك    رشا كمال عن حكم صلاة المرأة العيد بالمساجد والساحات: يجوز والأولى بالمنزل    «الصحة» تنظم برنامج تدريبي للإعلاميين حول تغطية الشؤون الصحية والعلمية    مصر تتربع على عرش جدول ميداليات البطولة الأفريقية للسلاح للكبار    «المصريين الأحرار» يُشارك احتفالات الكنيسة بعيد الأنبا أبرآم بحضور البابا تواضروس    10 صور ترصد استطلاع محافظ الجيزة أراء المواطنين بالتخطيط المروري لمحور المريوطية فيصل    سفر آخر أفواج حُجاج النقابة العامة للمهندسين    المرصد المصري للصحافة والإعلام يُطلق حملة تدوين في "يوم الصحفي المصري"    الرئيس الأوكراني يكشف حقيقة استيلاء روسيا على بلدة ريجيفكا    غدًا.. ولي عهد الكويت يتوجه إلى السعودية في زيارة رسمية    ليونيل ميسي يشارك في فوز الأرجنتين على الإكوادور    "بايونيرز للتنمية" تحقق أرباح 1.17 مليار جنيه خلال الربع الأول من العام    وزارة الأوقاف: أحكام وصيغ التكبير في عيد الأضحى    مستشفيات جامعة أسوان يعلن خطة الاستعداد لاستقبال عيد الأضحى    اسكواش - مصطفى عسل يصعد للمركز الثاني عالميا.. ونور الطيب تتقدم ثلاثة مراكز    مفاجأة مثيرة في تحقيقات سفاح التجمع: مصدر ثقة وينظم حفلات مدرسية    تشكيل الحكومة الجديد.. 4 نواب في الوزارة الجديدة    مطلب برلماني بإعداد قانون خاص ينظم آليات استخدام الذكاء الاصطناعي    ضياء رشوان: لولا دور الإعلام في تغطية القضية الفلسطينية لسحقنا    سرقا هاتفه وتعديا عليه بالضرب.. المشدد 3 سنوات لسائقين تسببا في إصابة شخص بالقليوبية    صندوق مكافحة الإدمان يستعرض نتائج أكبر برنامج لحماية طلاب المدارس من المخدرات    وزير التعليم العالي يستقبل وفدًا من جنوب إفريقيا للتعرف على تجربة بنك المعرفة    رئيس منظمة مكافحة المنشطات: رمضان صبحي مهدد بالإيقاف لأربع سنوات حال إثبات مخالفته للقواعد    الدرندلي: أي مباراة للمنتخب الفترة المقبلة ستكون مهمة.. وتحفيز حسام حسن قبل مواجهة غينيا بيساو    جالانت يتجاهل جانتس بعد استقالته من الحكومة.. ما رأي نتنياهو؟    حالة الطقس المتوقعة غدًا الثلاثاء 11 يونيو 2024| إنفوجراف    عمر جابر يكشف كواليس حديثه مع لاعبي الزمالك قبل نهائي الكونفدرالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خاطرة
دمياط العريقة.. دمياط الجريحة!
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 09 - 06 - 2016

لا تستخفُّوا بما يمثله العامل الدمياطي حين يتضرر مما هو فيه.. بعدما كان يفخر بنفسه وتفخر به مصر كلها، إن خذلانه في هذه الحالة هو خذلان لوجه مصر الحقيقي الذي سعي الآن لنسترده مشرقاً معافي فليس حديثي الآن عن هموم دمياط ببعيد عن حديثي السابق عن المحروسة وسيري البعض بداية أنني سأسوق حديثاً متحيزاً! بالضرورة لمسقط رأسي ومتحاملاً علي الدولة التي (وهات يا طبل).. وأقول مهلاً.. فلا شك أن الدولة احست بوجود مشكلة هناك تتعلق بصناعة الموبيليا فطرحت فكرة مدينة الأثاث وهذا رد غير دقيق علي المشكلة اما المشكلة في حقيقتها فلا أظن أن مدينة الاثاث هي حل حقيقي.. وقد تكون باباً لتكرار المشكلة الحقيقية بشكل أشد قسوة.
- دعونا أولاً نستحضر دمياط وكيف كانت، مثلما استحضرت ما كانت عليه المحروسة أيام عزها وإشراقة وجهها الصبوح.
كانت دمياط تسمي في عصر الفراعنة (تام جيت) أي بلد الشمال أو (تام اتي) أي مدينة المياه الجارية وكانت المقاطعة السابقة ضمن عشرين مقاطعة في الوجه البحري كانت من الثغور التي تربط مصر بالعالم الخارجي وكان هذا سببا لاحتكاكها بحضارات مختلفة قديمة اكسبتها حيوية خاصة وقد أدي ذلك الي صقل خبرتها في التجارة وتفردها في عدد من الصناعات الهامة حتي أن كثيراً من اليونانيين نزحوا إليها وخاصة بعد دخولها تحت حكم الإغريق لمدة ٣٠٠ سنة وصار اسمها.. (تام ياتسي). غير أن الحكم الروماني حين صارت مصر إليه اساء معاملة أهلها وإعتبرها مجرد سلة غلال وكتان وكثير من المحاصيل وفرض الكثير من الضرائب.. مما أشعل الثورات ضدهم وكان منطلق بعضها من دمياط.. وعندما دخلت روما في المسيحية في عهد قسنطين عام ٣٢٥م.. فوجئوا برفض المصريين لما حاولت روما فرضه عليهم من مذهبهم في المسيحية وتمسكوا بما إرتضوه من فهم للمسيحية بما يتفق وطبيعتهم وثقافتهم.. ورغم نشر روما للكتابة في دمياط وجولها اسقفية إلا أنها كانت الأكثر تمسكا بمذهب المصريين في المسيحية ودفع المصريون ثمناً غالياً لهذه المقاومة حتي جاء الفتح العربي عام ٦٤٢م بقيادة (المقداد بن الأسود)من قبل عمرو بن العاص وكان علي دمياط رجل يدعي (الهاموك) من أقارب المقوقس إحتشد لمواجهة الفتح العربي ومقاومته لكنه هزم في النهاية.. حتي إطمأن المصريون لهذا الفتح وتوافق أغلبهم مع هذه الديانة عكس ما كان الحال مع الرومان غير أن روح المقاومة في طبيعة المصريين مثلها ما جري في دمياط من مقاومة بعض الولاة ومظالمهم حتي تدخل الخليفة واستبعد من بغي.. من وقتها باتت دمياط قلعة لمصر في مواجهة اي بغي أو عدوان ويؤكد ذلك بجلاء المواجهات بين شعب دمياط والحملات الصليبية التي بدأت مبكراً عام ٧٢٠م وعام ٧٢٨م.. أما الحملة الصليبية الثالثة فقد حققت دمياط معها انتصاراً سجل تاريخياً بعون من صلاح الدين الأيوبي وكان مازال وزيرا.. ثم الحملة الخامسة وانتصرت فيها مصر بدمياط بدعم من الملك الكامل اما الحملة السابعة فقد ضربت دمياط المثل في التصدي خلال معارك ضارية انتهت بهزيمة الحملة وأسر (لويس التاسع) بدار ابن لقمان حيث تقيم (شجر الدر) بالمنصورة لتدير وتراقب المعركة بعد موت الملك الصالح
- الغرض من هذا الحديث أننا نريد أن ندلل علي أن الصبي الذي تربي علي الصلابة والجلد والتفوق يتحدد مستقبله وفقاً لذلك.. وهكذا تاريخ المدن والأمم.. هكذا صيغت الشخصية الدمياطية علي الصلابة والجلد والتفوق.. وبهذا تميز العامل الدمياطي بالذات.. لتكون له هذه السمعة أو (الصيت) في العالم كله.. ونذكر أن (سليم الأول) العثمانيحين فتح مصر كان أهم ما حرص عليه تجميع أكبر عدد من الصناع الدمايطة لتتألق بمهاراتهم عاصمة الخلافة العثمانية.
- ظلت دمياط زمناً طويلاً تتباهي بمهارة ابنائها في صناعات شتي أهمها الاثاث أو (الموبيليا) وظلت العائلات بكل مستوياتها في مصر وخارجها تفخر وتتفاخر بأن (شوار) عروسهم من دمياط.
صارت دمياط قلعة صناعية شهيرة تتصدر شهرتها الموبيليا وتنمو حولها في طموح صناعات أخري كالأحذية والحلويات وغيرها - تصنع وتصدر - حتي جاء زمن الانفتاح ونمت معه طبقات طفيلية جعلت الهيمنة علي المدينة ونشاطها لكبار التجار.. مما أتاح استغلال الصناع الصغار وورشهم وتفاقم ذلك إلي ماهو أدهي حين فتح الباب لاستيراد الاثاث الصيني والتركي بأدني سعر وبخامات أدني.. ما زاد من الانكسار اصاب صناعة الدمايطة والتي حاولوا التمسك بجودتها رغم أن الكبار تمادوا في بخس أثمانها إعتماداً علي ما تم استيراده من أثاث اجنبي رديء الخامات رخيص الثمن زاد الطين بلة ما دخل السوق من خامات في الأخشاب وغيرها ذات مستوي سييء لا يقبل به الصانع الدمياطي لأن أي تنازل من جانبه فيما تميز به يعتبر هدماً لسمعته وإهانة له ولمهنته وهذا أكثر ما يؤلمه وأفدح من تدهور أحوال المعيشة وما يتهدد أكثر من ١٥٠٠ ورشة صغيرة بالاغلاق الان بعضها أغلق فعلاً وتحول إلي محل بقالة. أو خضراوات.. والبعض في طريقه إلي الإغلاق!
لا ننكر أن فكرة مدينة للأثاث تنطوي علي إحساس الدولة بوجود مشكلة. لكن الحقيقة أنها فكرة لم تعتمد علي دراسة حقيقية للواقع وإعتماداً علي حوار مع أصحاب المهنة الحقيقيين.. فمن الخطأ أن نفكر في فتح مدينة للأثاث.. في ظل الفساد الذي مازال يقاوم بشراسة أي محاولة للتغيير.. إذ سنجد كبار التجاره يسيطرون علي هذه المدينة باساليبهم وبغرف التجارة والصناعة أو غيرها وربما تتكرر المأساة علي نحو أدهي - وفي ظل الفساد المتغلغل في مفاصيل الدولة - يقام علي اطلال المأساة القديمة صرح جديد للفساد لا قلعة شامخة للصناعة كما نريد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.