يقول لنا السلف الصالح أن صحف سيدنا ابراهيم نزلت من السماء في أول ليلة من رمضان وأنزلت التوراه لستة أيام من رمضان وانزل الانجيل لثلاثة عشر خلت من شهر رمضان وأنزل الزبور لثمانية عشر خلت من رمضان وانزل القرآن لاربعة وعشرين خلت من رمضان. كل هذه الرسائل هي نور أنزله الله من السماء ليضيء للناس حياتهم ويرشدهم الي الحلال والحرام.. وقد طلب منا الله ان نقرأ القرآن وأن نتدبر آياته ويسر الله لنا تلاوته وقراءته وحفظه وفهمه والاتعاظ به.. وقد اجتهدت في اختيار بعض آياته لعلها توقظ الضمائر والقلوب وتجعلنا نراقب الله في كل أعمالنا فمثلاً يقول الله لنا في سورة البقرة «وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ» ان الله يبشر المؤمنين الذين استقاموا علي أمر الله وقدموا الأعمال الصالحة بأن لهم جنات تجري من تحت أشجارها الانهار ولهم في الجنة نعيم دائم وظل وخيرات لا تعد وثمار الجنة متشابهة في اللون مع ما نعرفه ولكنها مختلفة في الطعم والمذاق وتقدم هذه الثمار لأهل الجنة في الصباح والعشي ويقول أهل الجنة إذا نظروا إلي رزقهم ووجدوه متشابه الألوان هذا الذي رزقنا به من قبل فإذا أكلوا منه وجدوا طعمه غير الذي اتوه من قبل وهذا قول سبحانه و«وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً» ثم يقول الله «وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ» من الحيض والاستحاضة ومن دنس الطباع وسوء الأخلاق ومن سائر الخصال السيئة «وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ» خلوداً ابدياً وهذا هو تمام السعادة فهم في نعيم مقيم ابداً لا خوف فيه من الموت فلا آخرة لهذه النعمة ولا انقضاء. ويقول الله في سورة البقرة ايضاً «وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَي الْخَاشِعِينَ (٤٥) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ» ويخاطب الله أهل الكتاب من اليهود لماذا لا تطيعون الله بإقامة الصلاة المانعة عن الفحشاء والمنكر والتي لها منزلة كبيرة عند الله والتي يحرص عليها المتواضعون لله المستكينون لطاعته المتذللون من مخافته.. والآية وأن كانت خطاباً وأنذاراً لبني إسرائيل فإنها عامة لهم ولغيرهم.. والصبر نصف الإيمان والتسليم المطلق لإرادة الله وحده اما الصلاة فهي الواحة التي يلجأ إليها المؤمن ليقف امام الله ويناجيه ويستمد منه العون وكان الرسول إذا حزنه أمر فرغ إلي الصلاة ويقول الله في سورة البقرة «بَلَي، مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٨١) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ» وهذا الكلام يرد به الله علي اليهود الذين قالوا لن تمسنا النار إلا اياماً معدودة وتمس غيركم دهراً طويلاً كلا فإن من احاطت به خطيئاته واسترسل في شهواته فجزاؤه النار خالداً فيها ابدا لما اقترف من ذنوب استوجبت عليه العقاب والمراد بالسيئة هنا هو الشرك بالله فصاحبه مخلد في النار. ويقول بعض العلماء ان الخلود في النار هو الزمن الذي يشاءه الله فمرتكب الكبائر يظل في النار زمناً ثم يخرج منها متي اراد الله تعالي وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم ان العبد إذا أذنب ذنباً نكث في قلبه نكتة سوداء فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه وان عاد زادت حتي تعلو قلبه فذلك الران الذي ذكره الله تعالي في القرآن حيث يقول «كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَي قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ» اما الذين امنوا وعملوا الصالحات وأطاعوا الله وأدوا فرائضه فأولئك هم اصحاب الجنة وهذا دليل علي أن دخول الجنة منوط بالإيمان والعمل الصالح معاً وكما قال الرسول «قُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ فَاسْتَقِمْ» وإلي آيات أخري إذا كان في العمر بقية.