شهد القطاع الخاص غير المنتج للنفط في مصر تراجعاً قوياً خلال شهر مارس، حيث تدهورت الظروف التجارية للشهر السادس على التوالي. وكان الانكماش الأخير هو الأقوى في أكثر من عامين ونصف، وجاء مدفوعاً بالتراجعات الحادة في الإنتاج والطلبات الجديدة والتوظيف. جاء ذلك في الدراسة التي أصدرها بنك الإماراتدبي الوطني ضمن بيان صحفي وزعه أمس الإثنين بدبي. وذكرت الدراسة أن مخزون مستلزمات الإنتاج قد هبط إلى أدنى وتيرة في ظل تراجع طلب العملاء، كما كانت أسعار صرف العملات من جوانب القلق الأساسية الأخرى خلال شهر مارس. وذُكر البيان، أن ضعف العملة المحلية أمام الدولار الأمريكي هو أحد العوامل التي قيدت حركة الأعمال الجديدة وساهمت في زيادة أسعار المشتريات بحدة ونتيجة لذلك، ارتفعت الأسعار إلى أعلى مستوى في قرابة ثلاث سنوات. تحتوي هذه الدراسة، والمُعدَّة من جانب شركة أبحاث "Markit"، على بيانات أصلية جمُعت من دراسة شهرية للظروف التجارية في القطاع الخاص المصري. وتعليقا على نتائج مؤشر PMI الخاص بمصر، قال جان بول بيجات، باحث اقتصادي أول في بنك الإماراتدبي الوطني: "لم يكن تدهور وضع الأعمال مفاجئاً بالكامل، إذ أجري الاستطلاع في وقت تزايد فيه عدم اليقين بالتزامن مع انخفاض قيمة الجنيه المصري، وفي المستقبل، نعتقد بأن تحسن سعر الصرف ليصبح أكثر تنافسية قد قلل من المصدر الرئيسي للخطر، وقد يمهّد لحدوث انتعاش اقتصادي أكبر خلال النصف الثاني من العام 2016". وتتلخص النتائج الأساسية للدراسة في انكماشات أسرع في الإنتاج والطلبات الجديدة والتوظيف، وضعف العملة المحلية يؤثر على الطلب ويؤدي إلى تضخم حاد في التكاليف، كما حدث تراجع قياسي في مخزونات مستلزمات الإنتاج وعلى إثر ذلك مؤشر مدراء المشتريات الرئيسي (PMI) الخاص بمصر الصادر عن بنك الإماراتدبي الوطني - وهو مؤشر مركب تم إعداده ليقدم نظرة عامة دقيقة على ظروف التشغيل في اقتصاد القطاع الخاص غير المنتج للنفط - من 48.1 نقطة في شهر فبراير إلى 44.5 نقطة في شهر مارس، وهي أدنى قراءة له في 31 شهراً. وجاءت القراءة الأخيرة لتمدد سلسلة التراجع الحالية إلى ستة أشهر. كما أشارت إلى أن متوسط القراءات في الربع الأول من 2016 (46.9 نقطة) لم يتغير كثيراً عن الربع الرابع في 2015 (46.8 نقطة). و اتسم انكماش القطاع ككل بانخفاض الإنتاج والأعمال الجديدة في شهر مارس، حيث شهد النشاط تراجعاً بأسرع معدل منذ شهر أغسطس2013، لتكتمل بذلك فترة ستة أشهر من التراجع، حيث شهدت الأعمال الجديدة اتجاهًا مماثلاً، حسبما أشار مؤشرها الذي هبط إلى أدنى مستوى له في عامين ونصف. ووفقًا للأدلة المنقولة، فقد شهد الإنتاج تراجعاً بسبب نقص الأعمال الجديدة، و ربطت التقارير بين ضعف الطلب ونقص السيولة الناتج عن التراجع الحاد للعملة المحلية أمام الدولار. كما كان تراجع أعمال التصدير الجديدة من العوامل التي أدت إلى انخفاض حجم إجمالي الطلبات الجديدة خلال شهر مارس. وقد أشار عدد من أعضاء اللجنة إلى أن العملاء الأجانب المحتملين كانوا حذرين نظرًا لحالة عدم اليقين المحيطة بالاقتصاد المصري، خاصة سعر صرف العملة. وشهد معدل فقدان الوظائف تسارعاً إلى أسرع مستوى له في أربعة أشهر خلال شهر مارس. وأفادت بعض التقارير بأن الموظفين قد تركوا وظائفهم بحثاً عن فرص عمل أفضل. في الوقت ذاته ارتفع حجم الأعمال غير المنجزة بأسرع وتيرة له في تاريخ الدراسة الممتد لخمس سنوات. كما انعكس تراجع القطاع الخاص غير المنتج للنفط في مصر على النشاط الشرائي للشركات. حيث هبطت معدلات شراء مستلزمات الإنتاج إلى أدنى مستوى لها في 31 شهراً، مما أدى إلى تراجع قياسي في مخزون مستلزمات الإنتاج. أما على صعيد الأسعار، فقد أبرزت بيانات شهر مارس تأثير تراجع العملة المحلية أمام الدولار الأمريكي، وشهد إجمالي تكاليف مستلزمات الإنتاج زيادة حادة تماشياً مع الزيادة القوية في أسعار المشتريات، ونتيجة لذلك، شهدت الأسعار ارتفاعاً، وأشارت الشركات إلى أن ارتفاع التكاليف تجاوز بشكل كبير التخفيضات التي قدمتها الشركات في محاولة لجذب عملاء جدد. علاوة على ذلك، فقد كانت معدلات التضخم ذات الصلة هي الأكثر حدة منذ شهر إبريل 2013.