اندهش كثيرا من تلك الزوبعة التي قامت بسبب «بلالين الواقي» كما أطلقوا عليها إعلاميا، فالواقعة لم تكن موقفا سياسيا، قدر ما كانت عملا لا أخلاقيا ارتكبه شاب صغير السن، اراد تقديم عمل ساخر علي غرار المئات من الأعمال التي فرضت علينا بالامر المباشر عبر شاشات التليفزيون والفضائيات منذ سنوات بمبرر أنها أعمال فنية، وهي في الحقيقة أعمال تدميرية للمجتمع ولعاداته وقيمه ومبادئه! المشكلة جاءت من استهداف الشاب لرجل شرطة، ليكون مادة عمله الساخر، الامر الذي استغلته اطراف مختلفة لافتعال ازمة تبدو وكأنها سياسية، بينما هي في الحقيقة أزمة أخلاقية ليس أكثر. فقد فوجئنا بالبعض يعتبر الواقعة جزءا من مؤامرة لإهانة رجال الشرطة ولزعزعة الجهاز الأمني وتشويه صورته.. وكلام كبير بلغ استهداف إسقاط الجهاز الأمني. وما بين مؤيد ومعارض اندلعت معركة لا أخلاقية واستخدمت فيها كل الاسلحة الكلامية من شتائم وسباب واتهامات بالخيانة العظمي وغيرها من العبارات الكبيرة.. وراح البعض يحاول أن يعطي لنفسه أكثر من حقه بادعاء البطولة وتأييد الشاب في موقفه والهجوم علي رجال الشرطة وابراز سلبياتهم بأثر رجعي والبعض الآخر يطالب بمحاكمة الشاب وسجنه. ووسط كل هذه المعركة تحول الجميع عن الخطأ الذي ارتكبه الشاب الي قضية بعيدة كل البعد عن هذا الخطأ. نتفق علي أن ما فعله الشاب سلوك لا أخلاقي خاطئ سواء ارتكبه مع رجل شرطة أو مع غفير أو فران أو أي مواطن بسيط، فلا يصح أن تكون مادة أي عمل فني قائمة علي السخرية من البسطاء ايا كانت طبيعة عمله أو لا يعمل. ولكن هذا الرفض أين هو من كل الاعمال الفنية الهابطة التي تدخل الي منازلنا عبر شاشات التليفزيون والفضائيات تحت غطاء انها اعمال فنية، لا تهين فردا بعينه قدر ما تهين مجتمع بأكمله وتبرزه في أسوأ صوره، لتجعلنا امام العالم شعبا مدمنا وعنيفا وغيرها من الصفات البشعة التي يصعب قولها. ماذا فعلنا مع ابطال سينما هذا الزمن الذين يحملون السنج والشفرات بين اسنانهم وينشرون العنف والفوضي، وللاسف يعتبرهم فئة كبيرة من الشباب غير المتعلم رموزا لهم ويقومون بتقليدهم تقليدا أعمي. يا سادة القضية قضية أخلاق وهي أخطر من مجرد تشويه فئة من المجتمع.