رشحت مكتبة الإسكندرية مؤخرًا كتاب "نقوش الباسم" وهو أول إصدار للكاتب الموهوب باسم عوض الله . يعرض الكاتب عدة محاور أدبية عميقة المدى، فقد سبح في بحور الأدب المتعددة؛ لأن كتابه ليس برواية أو قصة قصيرة، لكنه مثل البستان مختلفة أزهاره بألوانها الزاهية وعطورها الزكية، فقام بتقسيم كتاباته كلاً حسب إطاره، فعندما تتصفح بداية الكتاب تجده مُستهلاً بإهداء رقيق التعبير عميق المعنى، ثم يأخذك بهدوء لتسمع موسيقى تلاحم الحروف في خواطره الشعرية المليئة بالمشاعر المرهفة واللغة المتأنقة، ثم تجد خواطره الروائية تسرد مشاهد الحياة ذات العمق الوجودي والفلسفي. ولم ينسى الكاتب أن يُرسي شراعه في مرسى اللهجة المصرية العامية ليصنع منها خواطر عامية، ذات تركيبة خاصة وكأنه طباخ ماهر يعرف كيف أن يكتشف مذاق جديد لنفس المكونات الأدبية. ثم تنبهر به وهو من جيل الثمانينات ليعود بنا إلى جيل العملاق صلاح جاهين في رباعيات رشيقة بكلماتها، عميقة بمعانيها الملامسة لواقعنا. والجدير بالذكر أن قدرات الكاتب الملفتة للإنتباه لاقت مكانًا متميزًا في عالم المقالات المليء بالمفارقات والتوجهات؛ لأنه كالسلاح ذو ألاف الحدود، لكنه قام بتطويعه لينتج منه مقالات في كافة الساحات، فتجد مقالات تعرض الجناب الإجتماعي، وأخرى السياسي بدون أي تحيز، وأخرى روحانية صوفية مليئة بالتدين الوسطيّ، وأيضًا حتى الساخرة لم تستطيع أن تفلت من تحت أنامله فقام بإستغلالها إستغلال أمثل لإخراج مشاهد اعتلت القمة في عالم المقالات الساخرة. ويأتي بعد كل هذا ليحيط كل أعماله برسوم تعبيرية تأخذك في عالم موازي لرسوم النحات والفنان الكبير آدم حنين التي تتحدث في صمت، ليضع بها رتوش كالقوة الناعمة بجانب كتاباته. وعندما سألنا الكاتب عن وصفه المختصر لكتابه قال مبتسمًا في تعليق يحمل ظاهره البساطة لكن مضمونه بعيد المدى: "كتابي مثل طبق المكسرات عندما تجد نفسك تحتاج إلى نقاهة روحانية عليك بأن تتصفحه من أي جانب وفي أي فصل من فصوله لتأكل منه وترتوي".