استطاع المخرج الشاب محمد علام، أن يعيد لنا ثقتنا في المسرح من خلال تجربة فنية ثقيلة وجريئة على خشبة مسرح "الطليعة" بعنوان "ثري دي". ثري دي" هي تجربة فنية مختلفة استطاعت أن تلفت انتباه كثير من المخرجين والنقاد لمشاهدة ذلك النموذج الحي في البحث عن الحقيقة المجردة دون الالتفات للأكاذيب والإشاعات التي حاصرت حياتنا بشكل كبير والسعي وراء المعرفة. وقال المخرج محمد علام واصفا العرض: " ثري دي، هي طرح فني لتعدد وجهات النظر في شعوب العالم بأكمله وليس مصر فقط، لطرح سؤال واحد "أين الحقيقة؟" من خلال جملة واحدة، "أبحث بنفسك وشوف بعينيك؟"، وتتناول 3 وجهات نظر من خلال 3 تجارب من التاريخ هي "كيلوباترا، عطيل وشفيقة ومتولي"، اختارتها المؤلفة صفاء البيلي بعناية شديدة وصورتها في تناغم شديد، بالرغم من أن الصورة واحدة، كأنها صورة ثلاثية الأبعاد داخل "صندوق الدنيا" الذي يجب أن ندقق فيه كثيرا وأن نرى بأعيننا المعنى الحقيقي للأحداث دون زيف قد يلقيه البعض على الحقائق". وعن تجربة المؤلفة صفاء البيلي في كتابة النص وبعد النجاح الكبير للعرض تقول: "الإنسان مثل عروسة "الماريونت" تحركه ظروف كثيرة اقتصادية وسياسية ونفسية لذلك كتبت نصا بعنوان "ماريونت" تحدثت فيه عن شخصيتي "شهرزاد وشهريار"، ومن خلال فصول المسرحية يحاكما أبطال المسرحية ويحاولا أن يغيرا أفكار الأبطال كيفما شاء مثل عرائس الماريونت". وأضاف البيلي قائلة: "قدمت النص لمسرح "الطليعة" وأعجبوا بالفكرة وبتناولي لوجهتي نظر شهريار وشهرزاد، لكن بعد ترشيح المخرج المتميز محمد علام لإخراج النص اقترح أن نستخدم 3 وجهات نظر في صورة ثلاثية الأبعاد ومن هنا جاء اختيار الاسم "ثري دي". واختتمت البيلي حديثها قائلة: "استطاع هذا النص أن يظهر الجانب الكوميدي في داخلي، حيث قدمت ولأول مرة عمل مسرحي يتضمن مشاهد بها كوميديا الموقف، والكوميديا جعلتني أكتشف جزء خفي في شخصيتي لم أكن أعرف عنه شيء". "ثري دي" شهدت مشاركة عدد كبير من الممثلين الشباب من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية وهم "ياسر فرج، رحمة، هاني سراج، هاجر عفيفي، ميدو عبد القادر، بسمة شوقي، وإبراهيم سعيد"، وهم مجموعة من الممثلين الموهبين بشاهدة عدد كبير من المتابعين والنقاد وعلى رأسهم الناقدة المسرحية نهاد صليحة التي طالبت بتقديم جزء ثاني من العرض، كما صرح فتوح أحمد رئيس البيت الفني للمسرح أن العرض لن يغلق أبدا ولابد من جذب من الجمهور من الشباب لهذا العرض حتى يتأكدوا أن المستقبل قد يكون أقل قبحا وأكثر طهرا ونضجا في هذا الوطن". وساهم مهندس الديكور وائل عبد الله في تقديم شكل جديد للديكور المسرحي من خلال صندوق يدور ويتحرك فيه كل الأبطال في سهولة، كما أضاف للعمل المسرحي جمال وبساطة وسهولة في الانتقال من مشهد إلى آخر بصورة لا يشعر بها المشاهد، كما ساهمت موسيقى إبراهيم سعيد في إضفاء جو سعيد على الأحداث وميز موسيقاه أنها تتمتشى مع الأحداث دون إزعاج المتفرج داخل المسرحية. وجاء صوت المطربة مروة ناجي معبرا عن الحالة التي عشناها لمدة ساعتين متتاليتين بأغنية "الشبورة" التي قدمت عرضا لبعض الأحداث التي دار حولها خلاف كبير خلال الفترة الماضية، الأغنية عرضت بشكل غير تقليدي على المسرح حيث وضعت قطعة بيضاء من القماش على ظهر كل ممثل ليتم عرض الصورة عليها، الأغنية من كلمات عبد المنعم طه وألحان طه الحكيم. وكانت لفتة طيبة من أسرة المسرحية وفرقة مسرح "الطليعة" أن تهدي العمل إلى الحاج محمد إبراهيم كبير الفنيين تكريما لما قدمه من جهد كبير لفرقة مسرح "الطليعة" طوال حياته وحتى آخر يوم من عمره. وأوضحت البيلي فكرتها الأساسية من المسرحية من خلال رباعية من تأليفها قائلة: "أوعاك تغمي عينيك وواجه أي شيء تلاقيه فشوش أو هامشي.. بقولك أيه؟ أفتح عينيك لا تختشي".