بعد مرور أكثر من عقد من العداء والمماطلة، أعلنت سلسلة من التقارير الأخيرة أن جميع أطراف الصراع في أفغانستان على وشك خوض جولة مفاوضات شاملة المحادثات.. فهل حركة طالبان – بالفعل - مستعدة لفتح حوار مع الحكومة الأفغانية؟؟ في الماضي، رفضت حركة طالبان إجراء محادثات مع الحكومة الأفغانية، رغم أنها أعربت عن استعداداتها للحوار مع السلطات الأمريكية، كونهم "القوة الحقيقية" في أفغانستان. في حين أن ال10 سنوات الأخيرة شهدت تطورات ملحوظة من شأنها تغيير خريطة الحوار في أفغانستان مع حركة طالبان، تعد مؤشرًا لفتح آفاق حوار جديدة. ففي 19 فبراير من العام الحالي، نقلت وكالة رويترز عن مسؤولين عسكريين باكستانيين أن طالبان أبدت استعدادها لإجراء محادثات مع كابول. وقبلها في يناير ذكر تقرير آخر أن وفدًا يضم عضوين من المكتب السياسي لحركة طالبان في قطر قد زار بكين في نوفمبر 2014؛ بغية إجراء محادثات مع مسؤولين صينيين. كانت قد وجهت تقارير سابقة الاتهام للجيش الباكستاني أنه على مدار فترة طويلة عمل على تعزيز جماعات مسلحة لحركة طالبان والحكومة الأفغانية، مؤكدة قدرته لحل النزاعات بين الطرفين. ومنذ توليه المسؤولية، في نوفمبر 2013، قاد الفريق أول رحيل شريف قائد الجيش الباكستاني حملة دبلوماسية لفرز التحديات الأمنية في المنطقة مع مسؤولين من كابول، واشنطن، لندنوبكين. وبالفعل، لاقت جهودات قائد الجيش بشىء من الترحاب في الأوساط الأمريكية، إذ أنها قررت رفع الميزانية المخصصة لتمويل حرب باكستان ضد التطرف لمدة عام بقيمة بليون دولار أمريكي. وبالتزامن مع تلك التطورات، ففي يونيو الماضي، قام الجيش الباكستاني بمهاجمة مسلحين شمال وزيرستان، وفي آواخر العام الماضي، انتخب أشرف غاني رئيسًا لأفغانستان، الأمر الذي عمل على تحول جذري في العلاقات الباكستانية-الأفغانية، إذ أنها قد مهدت الطريق لمحاولات تقارب جديدة بين كابول والجيش الباكستاني. وأعرب قائد الجيش الباكستاني رحيل شريف عن أنه سيستخدم كامل نفوذه لتتواجد طالبان على مائدة الحوار جنبًا إلى جنب مع السلطات الأفغانية، وهو الأمر الذي يتفق عليه الكثير من المحللين السياسيين والعسكريين. كما عرضت الصين يد العون للسلطات الباكستانية (حليفتها الدائمة) أن تلعب دور الوسيط بين مختلف الأطراف؛ بغية إنجاح محاولات الحوار مع طالبان. ويرجع سبب ترحاب الصين بدور الوسيط، بل وسعيها إليه، هو رغبة منها في توفير الآمان لمشاريعها التجارية والمتعلقة بالتنمية في المنطقة. كان قد صرح المتحدث باسم الخارجية الصينية هونغ لي في وقت سابق "إن الصين تعد جارًا صديقًا لأفغانستان وتراقب باهتمام بالغ ما يجري في هذا البلد، ونحن مستعدون للعب دور إيجابي في سبيل عملية مصالحة شاملة". هذا، وتدرك القيادة العسكرية الباكستانية أن أي فشل في إحلال السلام في أفغانستان قد يمس الأمن الباكستاني، فعلى على سبيل المثال، فإن باكستان ترغب في التأكد من أن الحكومة الأفغانية تضمن الحد من نفوذ الهند على أراضيها، على الأقل حتى تتمكن باكستان من إنهاء قضاياها المعلقة معها بشكل يناسبها. يشار إلى أن "مائدة الحوار" ستكلف طالبان الخوض في مسائل قانونية وأصولية فكرية طويلة ومعقدة؛ فلهذا تحاول في تلك الفترة أن تكون على تستعد بكافة الأشكال والرؤى المختلفة، سواء كان على المستوى العسكري، أو حتى المدني، الأمر الذي قد يكون وراء تأخر المحادثات حتى الآن. إن أطراف الصراع في أفغانستان قد يوافقان على فكرة تسوية بناء على إتمام عملية تفاوض حقيقي من الجانبين، بينما لم تزل الخطوط الحاكمة لهذا الاتفاق يشوبها بعض الغموض جراء تطورات الأوضاع الإقليمية بالمنطقة من ناحية، بالإضافة إلى عدم الاستعداد الكامل للحوار من جانب حركة طالبان.