وزير التموين يبحث مع سفير الإمارات سبل تعزيز التعاون المشترك    تفاصيل لقاء وزير الخارجية مع مساعد سكرتير عام الأمم المتحدة    ستارمر يوجه نصيحة إلى BBC بعد أزمة تحريف خطاب ترامب.. ماذا قال؟    رسميا، مانشيني مديرا فنيا للسد القطري    ياسر إدريس يشكر وزير الرياضة لتأكيده دور اللجنة الأولمبية فى صناعة الإنجازات    مصرع شخص سقط من الطابق 14 بالقليوبية    محمد صبحي يشكر الرئيس: قدمت لوطني الانتماء فمنحني الاحتواء    مصطفى كامل ينفي إقامة نقابة الموسيقيين عزاءً لإسماعيل الليثي    آية الله فاروق، أول مصرية زميلًا للجمعية الأمريكية للفسيولوجيا الإكلينيكية للجهاز العصبي    التنسيق بين الكهرباء والبيئة لتعظيم استغلال الموارد الطبيعية وتقليل الانبعاثات الكربونية    الجريدة الرسمية تنشر تصديق الرئيس السيسي على قانون الإجراءات الجنائية    قرار من رئيس الوزراء بإسقاط الجنسية المصرية عن شخصين    الخارجية السودانية ترحب بتصريحات روبيو: رسالة للدول التي تساعد الدعم السريع    القسام تستأنف البحث عن جثث جنود الاحتلال    3 زلازل تضرب ولاية باليكسير غرب تركيا    وزيرا التعليم العالي والأوقاف يبحثان تعزيز التعاون مع بنك المعرفة المصري لدعم الأئمة والدعاة    الزناتي يفتتح عيادات طبية جديدة للمعلمين ويشهد تكريم 10 مديري مدارس بشمال القاهرة    جراديشار يصدم النادي الأهلي.. ما القصة؟    تحديد موعد قرعة دور ال 32 من كأس مصر    عاجل- أشرف صبحي: عائد الطرح الاستثماري في مجال الشباب والرياضة 34 مليار جنيه بين 2018 و2025    لا جازيتا: أرسنال ينافس تشيلسي وريال مدريد على نجم يوفنتوس    إحالة 49 من العاملين المقصرين بالمنشآت الخدمية للتحقيق بمركزي الزقازيق والإبراهيمية    موعد امتحانات نصف العام الدراسي 2025-2026 (موعد إجازة نصف العام 2025-2026)    السجن المشدد ل4 متهمين بسرقة سوبر ماركت بالإكراه فى قنا    محافظ الشرقية يلتقي رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية لتعزيز سبل التعاون المشترك    «الكوسة ب10».. أسعار الخضار اليوم الخميس 13 نوفمبر 2025 في أسواق المنيا    محافظ الغربية: كل شكوى تصلنا نتعامل معها فورا.. ومتفاعلون مع مطالب المواطنين    وزير الصحة يُطلق الاستراتيجية الوطنية للأمراض النادرة    رئيس الطائفة الإنجيلية يشيد بجهود محافظ أسيوط في تطوير مسار العائلة المقدسة    نانسي سلام: الاستدامة والتصدير طريق صناعة الملابس الجاهزة للمنافسة عالميا    ساعية البريد: حين تحمل النساء هم تغيير العالم    البورصة المصرية تعلن بدء التداول على أسهم شركة توسع للتخصيم في سوق    الدوسري خلال «خطبة الاستسقاء»: ما حُبس القطر من السماء إلا بسبب تقصير الناس في فعل الطاعات والعبادات    رئيس جامعة قناة السويس يكرّم الفائزين بجائزة الأداء المتميز عن أكتوبر 2025    الغنام: إنشاء المخيم ال17 لإيواء الأسر الفلسطينية ضمن الجهود المصرية لدعم غزة    «مبروك لحبيبتي الغالية».. فيفي عبده تهنئ مي عز الدين بزواجها    حسين فهمي يشارك في حلقة نقاشية عن "الترميم الرقمي" بمهرجان القاهرة السينمائي    متحدث الأوقاف: مبادرة صحح مفاهيمك دعوة لإحياء المودة والرحمة داخل الأسرة والمجتمع    موعد شهر رمضان 2026.. وأول أيامه فلكيًا    بورفؤاد تدفع ب7 سيارات كسح لمواجهة أزمة غرق الشوارع بمياه الأمطار    اتحاد شركات التأمين: يثمن إتاحة الاستثمار المباشر في الذهب والمعادن النفيسة    الوزير: مصر مستعدة للتعاون مع الهند بمجالات الموانئ والنقل البحري والمناطق اللوجستية    الداخلية تكشف الحقيقة الكاملة لفيديو "البلطجي وسرقة الكاميرات" في الدقهلية.. القصة بدأت بخلاف على الميراث!    الداخلية تلاحق مروجى السموم.. مقتل مسجلين وضبط أسلحة ومخدرات بالملايين    خبير لوائح يكشف سر لجوء اتحاد الكرة للجنة المسابقات لإصدار عقوبات السوبر    زوج يقتل زوجته بعد شهرين من الزواج بكفر الشيخ    الأعلى للثقافة: مدونة السلوك خطوة مهمة لضمان احترام الآثار المصرية وتعزيز الوعي الحضاري    مخاطر وأضرار مشروبات الطاقة على طلبة المدارس.. استشاري تغذية توضح    انتهاء الإغلاق الحكومي الأطول في تاريخ الولايات المتحدة    المرشحون يستعدون لجولة الإعادة ب«حملات الحشد»    وزارة الصحة: تطوير التدريب الطبي المستمر ورفع كفاءة مقدمي الخدمة الصحية    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 13نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    إسرائيل تضغط لرفع الحظر الألماني على صادرات الأسلحة    10 صيغ لطلب الرزق وصلاح الأحوال| فيديو    المهن التمثيلية تصدر بيانا شديد اللهجة بشأن الفنان محمد صبحي    «سحابة صيف».. مدحت شلبي يعلق على تصرف زيزو مع هشام نصر    حبس المتهمين بسرقة معدات تصوير من شركة في عابدين    قصر صلاة الظهر مع الفجر أثناء السفر؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الولايات المتحدة ومصر.. علاقة في خطر !
السيسي نجح في استقطاب غالبية المصريين حوله واتخذ إجراءات حقيقية لإصلاح الاقتصاد . مصر لن تعود لنظام حكم شمولي .. ومع الوقت ستحقق أهدافها الديمقراطية
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 04 - 11 - 2014

في مصر، تنهال موجة من التعليقات والمقالات التي تنشر ردا علي خطابات تبناها
الكونجرس الأمريكي مؤخرا، وكذلك بعض افتتاحيات الصحف الأمريكية، تنتقد
الرئيس المصري »عبدالفتاح السيسي»‬ وتطالب بتقليص أو إنهاء المساعدات
العسكرية الأمريكية كسبيل لعقاب إدارة السيسي. وكمصري أمريكي وشخص منغمس في
ثقافة البلدين، أعتقد أن مثل هذا الإجراء سيمثل نقطة تحول في العلاقات
الأمريكية المصرية وسيكون له تداعيات خطيرة علي مستقبل الشرق الأوسط.
منذ
أسابيع مضت، التقيت مع الرئيس السيسي والرئيس السابق عدلي منصور، إلي جانب
عدد من كبار المسئولين بينهم رئيس الوزراء إبراهيم محلب. كما حظيت بفرصة
التحدث لمجموعة من طلاب الجامعات والتقيت بمجموعات بارزة من الاعلاميين
المستقلين وهؤلاء العاملين بالوسائل الحكومية، وكان أيضا من بين هذه
اللقاءات مقابلة تليفزيونية شاهدها الملايين. وخلال أسبوعين من المناقشات
المكثفة، تمكنت من فهم أسس التغيير المحتمل في العلاقة ولماذا يؤيد غالبية
المصريين الرئيس السيسي.
في الفترة التي أعقبت الثورة المصرية عام 1952،
وهي فترة دراستي المدرسية في مصر، سعي وزير الخارجية الأمريكي أنذاك
»‬فوستر دالاس» لمعاقبة الرئيس جمال عبدالناصر وقررت الولايات المتحدة ألا
تقوم بدعم بناء السد العالي في أسوان، بما يتضمنه من انتاج متوقع للطاقة
الكهرومائية التي كانت بالغة الأهمية بالنسبة للصناعة في مصر.
النتيجة
كانت أن البوصلة السياسية لمصر توجهت من الغرب إلي الشرق، وبات للإتحاد
السوفيتي نفوذ كبير في الشرق الأوسط لعقود تلت. وفي عام 1973 عكس الرئيس
السادات اتجاه البوصلة مرة أخري وشهد الشرق الأوسط لأربعين عاما سلاما بين
اسرائيل ومصر التي تملك أكبر جيش عربي.
المناخ السياسي الحالي في
القاهرة يشبه كثيرا المناخ الذي ساد إبان عهد الرئيس عبدالناصر، وفي الواقع
فإن تشبيها يعقد بين شعبية الرئيس عبدالناصر وشعبية الرئيس السيسي.
اليوم،
تحتاج الولايات المتحدة إلي الشراكة مع مصر أكثر من أي وقت مضي. فإلي جانب
السلام بين مصر وإسرائيل، والذي هو أساسي بالنسبة للمصالح الأمريكية في
السياسة الداخلية وكذلك في منطقة الشرق الأوسط، فإن الولايات المتحدة كانت
وستظل في حاجة إلي تعاون مصر في الحرب علي الارهاب. فالولايات المتحدة
لديها كامل الحرية في المرور عبر قناة السويس، كما أن التدريبات العسكرية
المشتركة مع الجيش المصري والجارية بالفعل تعد ضرورية لتلك الحرب، وكذلك من
أجل المرور السهل للنفط.
وقبل أيام قليلة ضرب الارهاب منطقة شمال سيناء
فقتل ما يزيد علي 30 من رجال القوات المسلحة وأصاب العشرات من المدنيين
الأبرياء. ولذلك يجب صد تنظيم داعش في منطقة شرق مصر من الدخول إلي سيناء
وإمكانية تهديدهم أو استحواذهم علي حقول النفط.
ومع معرفتهم بهذه
الحقائق، فإن المصريين يرفضون المناورات السياسية التي غالبا ما ترافق حزمة
المساعدات لمصر والتي تقدر ب1.3 مليار دولار. بل ان المساعدات التي
تتلقاها مصر من الدول الخليجية تزيد في قيمتها نحو عشرة أضعاف عن تلك التي
ترسلها الولايات المتحدة. وفي عالم اليوم المتصل والمترابط، فإن سوق
المعدات العسكرية وكذلك التنوع في تلك المعدات قد يغير من العلاقة الخاصة
بين مصر والولايات المتحدة.
ومع نمو التطرف في المنطقة وتجربة حكم
الاخوان المسلمين، فقد باتت لدي أغلب المصريين مخاوف من عودة الاخوان
للحكم، وفي هذا الاطار فهم ينظرون إلي الرئيس السيسي ك »‬مخلص». فعندما
انتخب الدكتور محمد مرسي رئيسا، كان لدي كثيرين، وبينهم شخصي، آمال بأنه قد
يصبح رئيسا ديمقراطيا لكل المصريين وليس فقط لأعضاء جماعة الاخوان
المسلمين. لكن للأسف، فإن الدكتور مرسي كان يحكم بالوكالة عن جماعة الاخوان
المسلمين وقد دفع ذلك البلاد الي شفا حرب أهلية. خرج الملايين إلي الشوارع
في 30 يونيو 2013 في »‬ثورة تحكمها الإرادة الشعبية»، وبعد عزل الدكتور
محمد مرسي، صاغت مجموعة من الليبراليين المدنيين والقادة الدينيين
والعسكريين بقيادة الفريق أول عبدالفتاح السيسي خارطة طريق جديدة للتغيير
تتضمن انتخابات رئاسية، وبرلمانا جديدا، وكتابة لدستور جديد.
في لقائي
مع السيد رئيس المحكمة الدستورية العليا والرئيس السابق عدلي منصور قال لي:
»‬عبدالفتاح السيسي لم يرد ذلك المنصب»، وأضاف »‬في النهاية قرر خوض السباق
الرئاسي لأن الناس أرادوه» وقد أخبرته »‬أن الأمر كان مقدرا له». إذا كانت
الانتخابات قد تم تزويرها، كما ادعي بعض الساسة والاعلاميين، فلماذا ظل
المصريون يدعمونه ويؤيدونه حتي بعد الانتخابات؟
فبعد وقت قليل من
انتخابه، أعلنت إدارة الرئيس السيسي خفض الدعم عن الغاز الطبيعي واستهلاك
الطاقة وخفضت الدعم للخبز وسلع أخري. وقد كان هذا الاجراء بمثابة أمر محرم
إبان عهدي الرئيسين مبارك والسادات لفترة امتدت لنحو نصف قرن، لكن الرئيس
السيسي تمكن من إقناع الشعب بقراراته.
وفي دعوة أخري عقب الانتخابات،
أعلن الرئيس عن اطلاق مشروع قومي هو قناة السويس الجديدة لمجري مائي
يوازي المجري القديم الذي تم حفره عام 1869، ودعا المصريين للمشاركة عبر
الاستثمار في المشروع. وخلال ثمانية أيام جمع البنك المركزي المصري مبلغ 61
مليار جنيه »‬نحو 8.5 مليار دولار» عبر بيع شهادات الاستثمار. وقد زرت أحد
البنوك خلال تلك الأيام ورأيت صفوف الأشخاص تمتد لشوارع كاملة حول البنك،
انتظارا لدورهم في شراء الشهادات، وقد بقي البنك فاتحا أبوابه حتي وقت
متأخر، نظرا لحجم الاقبال الكثيف.
حقيقي أن مصر شهدت عقبات عديدة، في
الحكم والبنية التحتية، وفي مسعاها نحو الديمقراطية منذ ثورة عام 2011. لقد
أفرط بعض الاعلاميين في التركيز علي المشير السيسي إبان ترشحه لإنتخابات
الرئاسة. ويوجد أيضا بعض القضايا الهامة من بينها حكم القانون بالنسبة
للجمعيات الأهلية، وقضية المعتقلين السياسيين المحتجزين قيد المحاكمة،
وكذلك إيجاد طريقة لإدماج الاخوان المسلمين في النسيج السياسي لمصر.
ولكن
في هذا الوقت الهام، يجب علي الولايات المتحدة أن تساعد مصر عبر حوار
وشراكة مباشرة، مستخدمة قوتها الفعالة القوة الناعمة ممثلة في فتح
أسواقها التجارية لمصر، وعقد اتفاقية تجارة حرة مع مصر، وتقديم مساعدات
حقيقية لإنشاء مؤسسات تعليمية وديمقراطية جديدة.
لقد أثبت ما يسمي ب
»‬الربيع العربي» أن نهاية أنظمة مثل نظام مبارك لا تعني بداية فورية
للديمقراطية. بالرغم من هذا، فأنا علي ثقة بأن مصر لن تعود لنظام حكم شمولي
مرة أخري، وأنها مع الوقت ستحقق أهدافها الديمقراطية!
إن مصر تواجه
مشاكل ضخمة. فإلي جانب قضية الأمن من الناحية الشرقية »‬مع وجود داعش»، فإن
الناحية الغربية »‬ليبيا» والجنوبية »‬اليمن» هم أيضا غير مستقرين، كما يوجد
قلق حقيقي من قضايا اقتصادية معقدة وأيضا مسألة البطالة. لكن خلال »‬المائة
يوم الأولي» من حكمه،تمكن الرئيس السيسي من استقطاب غالبية المصريين حوله،
واتخذ إجراءات حقيقية لإصلاح الاقتصاد الذي يعاني لعقود، وقد أعطي الأمل
للبلاد عبر اطلاق مشروعات قومية كبيرة مثل قناة السويس الجديدة ومدينة مصر
للعلوم والتكنولوجيا. إنه أول رئيس ينشيء مجلسا استشاريا من العلماء
والمهندسين لإيجاد حلول غير تقليدية للمشكلات التي تتعلق بالتعليم والصحة
والطاقة ومسائل أخري.
وقد كتبت مجلة »‬الايكونوميست» عنه »‬أنه حقق تقدما
علي الصعيدين الاقتصادي والدبلوماسي كما أعطي الأمل للمصريين المنهكين من
الاضطراب السياسي».
إن تهديد مصر بقطع المساعدات ليس من مصلحة العلاقات
الأمريكية المصرية. فالقضية لم تعد قضية الرئيس السيسي وحده، بل علي العكس،
باتت القضية مع »‬نحن الشعب» - we the people- الذي يقرر بشأن مستقبل
علاقاته ليس فقط مع الولايات المتحددة، بل أيضا مع اسرائيل
في مصر، تنهال موجة من التعليقات والمقالات التي تنشر ردا علي خطابات تبناها
الكونجرس الأمريكي مؤخرا، وكذلك بعض افتتاحيات الصحف الأمريكية، تنتقد
الرئيس المصري »عبدالفتاح السيسي»‬ وتطالب بتقليص أو إنهاء المساعدات
العسكرية الأمريكية كسبيل لعقاب إدارة السيسي. وكمصري أمريكي وشخص منغمس في
ثقافة البلدين، أعتقد أن مثل هذا الإجراء سيمثل نقطة تحول في العلاقات
الأمريكية المصرية وسيكون له تداعيات خطيرة علي مستقبل الشرق الأوسط.
منذ
أسابيع مضت، التقيت مع الرئيس السيسي والرئيس السابق عدلي منصور، إلي جانب
عدد من كبار المسئولين بينهم رئيس الوزراء إبراهيم محلب. كما حظيت بفرصة
التحدث لمجموعة من طلاب الجامعات والتقيت بمجموعات بارزة من الاعلاميين
المستقلين وهؤلاء العاملين بالوسائل الحكومية، وكان أيضا من بين هذه
اللقاءات مقابلة تليفزيونية شاهدها الملايين. وخلال أسبوعين من المناقشات
المكثفة، تمكنت من فهم أسس التغيير المحتمل في العلاقة ولماذا يؤيد غالبية
المصريين الرئيس السيسي.
في الفترة التي أعقبت الثورة المصرية عام 1952،
وهي فترة دراستي المدرسية في مصر، سعي وزير الخارجية الأمريكي أنذاك
»‬فوستر دالاس» لمعاقبة الرئيس جمال عبدالناصر وقررت الولايات المتحدة ألا
تقوم بدعم بناء السد العالي في أسوان، بما يتضمنه من انتاج متوقع للطاقة
الكهرومائية التي كانت بالغة الأهمية بالنسبة للصناعة في مصر.
النتيجة
كانت أن البوصلة السياسية لمصر توجهت من الغرب إلي الشرق، وبات للإتحاد
السوفيتي نفوذ كبير في الشرق الأوسط لعقود تلت. وفي عام 1973 عكس الرئيس
السادات اتجاه البوصلة مرة أخري وشهد الشرق الأوسط لأربعين عاما سلاما بين
اسرائيل ومصر التي تملك أكبر جيش عربي.
المناخ السياسي الحالي في
القاهرة يشبه كثيرا المناخ الذي ساد إبان عهد الرئيس عبدالناصر، وفي الواقع
فإن تشبيها يعقد بين شعبية الرئيس عبدالناصر وشعبية الرئيس السيسي.
اليوم،
تحتاج الولايات المتحدة إلي الشراكة مع مصر أكثر من أي وقت مضي. فإلي جانب
السلام بين مصر وإسرائيل، والذي هو أساسي بالنسبة للمصالح الأمريكية في
السياسة الداخلية وكذلك في منطقة الشرق الأوسط، فإن الولايات المتحدة كانت
وستظل في حاجة إلي تعاون مصر في الحرب علي الارهاب. فالولايات المتحدة
لديها كامل الحرية في المرور عبر قناة السويس، كما أن التدريبات العسكرية
المشتركة مع الجيش المصري والجارية بالفعل تعد ضرورية لتلك الحرب، وكذلك من
أجل المرور السهل للنفط.
وقبل أيام قليلة ضرب الارهاب منطقة شمال سيناء
فقتل ما يزيد علي 30 من رجال القوات المسلحة وأصاب العشرات من المدنيين
الأبرياء. ولذلك يجب صد تنظيم داعش في منطقة شرق مصر من الدخول إلي سيناء
وإمكانية تهديدهم أو استحواذهم علي حقول النفط.
ومع معرفتهم بهذه
الحقائق، فإن المصريين يرفضون المناورات السياسية التي غالبا ما ترافق حزمة
المساعدات لمصر والتي تقدر ب1.3 مليار دولار. بل ان المساعدات التي
تتلقاها مصر من الدول الخليجية تزيد في قيمتها نحو عشرة أضعاف عن تلك التي
ترسلها الولايات المتحدة. وفي عالم اليوم المتصل والمترابط، فإن سوق
المعدات العسكرية وكذلك التنوع في تلك المعدات قد يغير من العلاقة الخاصة
بين مصر والولايات المتحدة.
ومع نمو التطرف في المنطقة وتجربة حكم
الاخوان المسلمين، فقد باتت لدي أغلب المصريين مخاوف من عودة الاخوان
للحكم، وفي هذا الاطار فهم ينظرون إلي الرئيس السيسي ك »‬مخلص». فعندما
انتخب الدكتور محمد مرسي رئيسا، كان لدي كثيرين، وبينهم شخصي، آمال بأنه قد
يصبح رئيسا ديمقراطيا لكل المصريين وليس فقط لأعضاء جماعة الاخوان
المسلمين. لكن للأسف، فإن الدكتور مرسي كان يحكم بالوكالة عن جماعة الاخوان
المسلمين وقد دفع ذلك البلاد الي شفا حرب أهلية. خرج الملايين إلي الشوارع
في 30 يونيو 2013 في »‬ثورة تحكمها الإرادة الشعبية»، وبعد عزل الدكتور
محمد مرسي، صاغت مجموعة من الليبراليين المدنيين والقادة الدينيين
والعسكريين بقيادة الفريق أول عبدالفتاح السيسي خارطة طريق جديدة للتغيير
تتضمن انتخابات رئاسية، وبرلمانا جديدا، وكتابة لدستور جديد.
في لقائي
مع السيد رئيس المحكمة الدستورية العليا والرئيس السابق عدلي منصور قال لي:
»‬عبدالفتاح السيسي لم يرد ذلك المنصب»، وأضاف »‬في النهاية قرر خوض السباق
الرئاسي لأن الناس أرادوه» وقد أخبرته »‬أن الأمر كان مقدرا له». إذا كانت
الانتخابات قد تم تزويرها، كما ادعي بعض الساسة والاعلاميين، فلماذا ظل
المصريون يدعمونه ويؤيدونه حتي بعد الانتخابات؟
فبعد وقت قليل من
انتخابه، أعلنت إدارة الرئيس السيسي خفض الدعم عن الغاز الطبيعي واستهلاك
الطاقة وخفضت الدعم للخبز وسلع أخري. وقد كان هذا الاجراء بمثابة أمر محرم
إبان عهدي الرئيسين مبارك والسادات لفترة امتدت لنحو نصف قرن، لكن الرئيس
السيسي تمكن من إقناع الشعب بقراراته.
وفي دعوة أخري عقب الانتخابات،
أعلن الرئيس عن اطلاق مشروع قومي هو قناة السويس الجديدة لمجري مائي
يوازي المجري القديم الذي تم حفره عام 1869، ودعا المصريين للمشاركة عبر
الاستثمار في المشروع. وخلال ثمانية أيام جمع البنك المركزي المصري مبلغ 61
مليار جنيه »‬نحو 8.5 مليار دولار» عبر بيع شهادات الاستثمار. وقد زرت أحد
البنوك خلال تلك الأيام ورأيت صفوف الأشخاص تمتد لشوارع كاملة حول البنك،
انتظارا لدورهم في شراء الشهادات، وقد بقي البنك فاتحا أبوابه حتي وقت
متأخر، نظرا لحجم الاقبال الكثيف.
حقيقي أن مصر شهدت عقبات عديدة، في
الحكم والبنية التحتية، وفي مسعاها نحو الديمقراطية منذ ثورة عام 2011. لقد
أفرط بعض الاعلاميين في التركيز علي المشير السيسي إبان ترشحه لإنتخابات
الرئاسة. ويوجد أيضا بعض القضايا الهامة من بينها حكم القانون بالنسبة
للجمعيات الأهلية، وقضية المعتقلين السياسيين المحتجزين قيد المحاكمة،
وكذلك إيجاد طريقة لإدماج الاخوان المسلمين في النسيج السياسي لمصر.
ولكن
في هذا الوقت الهام، يجب علي الولايات المتحدة أن تساعد مصر عبر حوار
وشراكة مباشرة، مستخدمة قوتها الفعالة القوة الناعمة ممثلة في فتح
أسواقها التجارية لمصر، وعقد اتفاقية تجارة حرة مع مصر، وتقديم مساعدات
حقيقية لإنشاء مؤسسات تعليمية وديمقراطية جديدة.
لقد أثبت ما يسمي ب
»‬الربيع العربي» أن نهاية أنظمة مثل نظام مبارك لا تعني بداية فورية
للديمقراطية. بالرغم من هذا، فأنا علي ثقة بأن مصر لن تعود لنظام حكم شمولي
مرة أخري، وأنها مع الوقت ستحقق أهدافها الديمقراطية!
إن مصر تواجه
مشاكل ضخمة. فإلي جانب قضية الأمن من الناحية الشرقية »‬مع وجود داعش»، فإن
الناحية الغربية »‬ليبيا» والجنوبية »‬اليمن» هم أيضا غير مستقرين، كما يوجد
قلق حقيقي من قضايا اقتصادية معقدة وأيضا مسألة البطالة. لكن خلال »‬المائة
يوم الأولي» من حكمه،تمكن الرئيس السيسي من استقطاب غالبية المصريين حوله،
واتخذ إجراءات حقيقية لإصلاح الاقتصاد الذي يعاني لعقود، وقد أعطي الأمل
للبلاد عبر اطلاق مشروعات قومية كبيرة مثل قناة السويس الجديدة ومدينة مصر
للعلوم والتكنولوجيا. إنه أول رئيس ينشيء مجلسا استشاريا من العلماء
والمهندسين لإيجاد حلول غير تقليدية للمشكلات التي تتعلق بالتعليم والصحة
والطاقة ومسائل أخري.
وقد كتبت مجلة »‬الايكونوميست» عنه »‬أنه حقق تقدما
علي الصعيدين الاقتصادي والدبلوماسي كما أعطي الأمل للمصريين المنهكين من
الاضطراب السياسي».
إن تهديد مصر بقطع المساعدات ليس من مصلحة العلاقات
الأمريكية المصرية. فالقضية لم تعد قضية الرئيس السيسي وحده، بل علي العكس،
باتت القضية مع »‬نحن الشعب» - we the people- الذي يقرر بشأن مستقبل
علاقاته ليس فقط مع الولايات المتحددة، بل أيضا مع اسرائيل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.