تعليم قنا : تطبيق التقييمات الأسبوعية وتسجيل الغياب الفعلي للطلاب    جامعة القاهرة تتصدر الجامعات المصرية في تصنيف التايمز للتخصصات البينية 2026    محافظ الشرقية: المرأة شريك أساسي في بناء الوطن وحماية المجتمع    السلع الغذائية والخدمات.. البنك المركزي يوضح أسباب ارتفاع معدلات التضخم في أكتوبر    مدبولي يلتقي رئيسة وزراء اليابان على هامش مشاركته في قمة مجموعة العشرين    ترامب يستعرض قوته وتايلور جرين تظهر ضعفه.. خلاف يفجر أزمة فى الحزب الجمهورى    وزير الخارجية يبحث مع نظيره القطري تطورات الأوضاع في غزة والسودان ولبنان    صحة غزة: 106 شهداء وجرحى بالقطاع خلال 24 ساعة    حاكم موسكو: اندلاع حريق في محطة كهرباء تغذي العاصمة جراء هجوم بطائرات مسيرة أوكرانية    قرارات هامة لمجلس إدارة الاتحاد المصري لكرة القدم    «المنوفية» تحصد 12 ميدالية في «بارلمبياد الجامعات المصرية»    تموين المنيا: تحرير 240 مخالفة وضبط كميات من السلع مجهولة المصدر    عصابة التوك توك.. 4 متهمين يحاولون سرقة دراجة نارية بشبرا الخيمة    مصرع سائق توك توك بطلق ناري على يد عاطل بعد تدخله لفض مشاجرة في شبرا الخيمة    تعرف على موعد ومكان تشييع جثمان الإعلامية ميرفت سلامة    في تسجيل صوتي.. شيرين تنفي شائعة اعتزالها: سأواصل الغناء حتى الموت    المصل واللقاح: نمر بذروة انتشار الفيروسات التنفسية وعلينا تجنب العدوى    الزمالك: إجراءات سحب أرض فرع أكتوبر خاطئة    انطلاق الدورة الثالثة للملتقى السنوي لمراكز الفكر العربية حول الذكاء الاصطناعي وصنع القرار    ورشة عمل عملاقة.. أكثر من 200 منشأة قيد التنفيذ لدعم مشروع الضبعة النووي    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية ورئيس الوزراء ووزير خارجية قطر    موعد انطلاق المرحلة الثانية من امتحان شهر نوفمبر لصفوف النقل    إذاعة الجيش الإسرائيلي: معلومات حساسة مكنت «الفصائل» من تنفيذ هجوم 7 أكتوبر    رئيس الطائفة الإنجيلية يشارك في احتفال دار الإفتاء بمرور 130 عامًا على تأسيسها    متحف الأكاديمية المصرية بروما يجذب أعدادًا كبيرة من الزوار الأوروبيين    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فانصروا الوطن يرحمكم الله !؟    «التموين» تنتهي من صرف مقررات نوفمبر بنسبة 94%    كلية التمريض بجامعة القاهرة الأهلية تنظم ندوة توعوية بعنوان "السكري والصحة | غدًا    حالة الطقس.. الأرصاد تكشف خرائط الأمطار المتوقعة: رعدية ببعض المناطق    قرار هام من المحكمة في واقعة التعدي على أطفال داخل مدرسة خاصة بالسلام    كيف ترخص السيارة بديلة التوك توك؟.. الجيزة توضح الإجراءات والدعم المتاح    مواجهات مثيرة.. مواعيد مباريات اليوم الأحد والقنوات الناقلة    جوزيه جوميز: كنا نستحق نقطة واحدة على الأقل أمام الهلال    إطلاق قافلة زاد العزة ال78 إلى غزة بحمولة 220 ألف سلة غذائية و104 ألف قطعة ملابس    مصطفى كامل: محدش عالج الموسيقيين من جيبه والنقابة كانت منهوبة    أسامة الأزهري: الإفتاء تستند لتاريخ عريق ممتد من زمن النبوة وتواصل دورها مرجعًا لمصر وسائر الأقطار    11 شرطا للحصول على قرض مشروع «البتلو» من وزارة الزراعة    غرف السياحة: كريم المنباوي ضمن أقوى 50 شخصية مؤثرة بسياحة المؤتمرات عالميا    مصر تستحق صوتك.. انزل شارك في انتخابات مجلس النواب من أجل مستقبل أفضل لبلدنا (فيديو)    "أنا متبرع دائم".. جامعة قناة السويس تنظم حملة التبرع بالدم للعام ال15    أول لقاح لسرطان الرئة فى العالم يدخل مرحلة التجارب السريرية . اعرف التفاصيل    اليوم.. الزمالك يبدأ رحلة استعادة الهيبة الأفريقية أمام زيسكو الزامبى فى الكونفدرالية    موعد مباراة ريال مدريد أمام إلتشي في الدوري الإسباني.. والقنوات الناقلة    كمال أبو رية يكشف حقيقة خلافه مع حمادة هلال.. ويعلق: "السوشيال ميديا بتكبر الموضوع"    هيئة الاستثمار: طرح فرص استثمارية عالمية في مدينة الجلالة والترويج لها ضمن الجولات الخارجية    وزير الرى: تنفيذ خطة تطهيرات للترع والمصارف خلال السدة الشتوية    «هنيدي والفخراني» الأبرز.. نجوم خارج منافسة رمضان 2026    ضايل عنا عرض.. عندما يصبح «الفرح» مقاومة    بدء فعاليات التدريب المشترك «ميدوزا- 14» بجمهورية مصر العربية    وزارة الصحة: معظم حالات البرد والأنفلونزا ناتجة عن عدوى فيروسية    وزير الري: أي سدود إثيوبية جديدة بحوض النيل ستقابل بتصرف مختلف    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم الاحد 23112025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 23-11-2025 في محافظة قنا    أسعار الخضروات اليوم الاحد 23-11-2025 في قنا    إرشادات القيادة الآمنة لتجنب مخاطر الشبورة    جولة نارية في الدوري الإيطالي.. عودة نابولي وتعثر يوفنتوس    مفتي الجمهورية: خدمة الحاج عبادة وتنافسا في الخير    خلاف حاد على الهواء بين ضيوف "خط أحمر" بسبب مشاركة المرأة في مصروف البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ورقة وقلم
نبوءة كيسنجر.. وقمة «نقطة التحول»
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 23 - 09 - 2014

يكتب من نيويورك
عن لقاءات السيسي مع أعمدة السياسة الأمريكية
ثعلب السياسة الخارجية الأمريكية الأشهر هنري كيسنجر ينصت إلي الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وهو يتحدث عن الوضع الداخلي في مصر، ويشرح رؤيته للموقف في المنطقة العربية، ويعرض لقضية الإرهاب وتداعياتها المحتملة.
ثم نظر إلي الرئيس بعمق، وقال له بنبرته الهادئة، وبلغة مازالت تشوبها لكنة ألمانية من تأثير نشأة الطفولة:
سيدي الرئيس.. لقد سمعتك من قبل تقول للإدارة الأمريكية، »لا تديري لنا ظهرك»‬، وأنا أقول لك إنهم سوف يأتون لكم، ويقولون: قفوا بجانبنا!
كان كيسنجر بهذه العبارة المكثفة، يمهد لتحول أمريكي متوقع في مسار علاقاتها مع مصر التي أخذت منحي التوتر منذ ثورة 30 يونيو تحديداً، ولخص بنفس التكثيف أسبابه في التنبؤ بهذا التحول، قائلا: إن مصر هي الدولة المحورية في الشرق الأوسط، وهي المفتاح لحل أزمات المنطقة.
حديث كيسنجر مع السيسي جري علي مائدة إفطار في مقر إقامة الرئيس بفندق »‬نيويورك بالاس» أمس الأول، ضمت أيضا اثنين من دهاقنة السياسة الأمريكية هما برنت سكوكروفت مستشار الأمن القومي في إدارة بوش الأب، ومادلين أولبرايت وزيرة الخارجية في عهد كلينتون.
وقبل نهاية الحوار الذي استفاض فيه الرئيس في طرح تقديره للموقف في العراق وسوريا وليبيا وأيضا بالنسبة للقضية الفلسطينية.. قال كيسنجر: »‬سيدي الرئيس.. دعني أقول لك بوضوح.. إنني اتفق معك في الموقف وفي التحليل».
لم يكن إفطار الثامنة صباحاً هو الإطلالة الوحيدة من جانب السيسي، علي الخبراء وصناع القرار الأمريكي في ثاني أيام زيارته لنيويورك، ولا من جانب رموز النخبة السياسية والاقتصادية والفكرية الأمريكية علي الرئيس المصري الجديد الذي كان يبدو لبعضهم لغزاً مستغلقا يفتشون عن مفاتيحه.
بدا اليوم في مجمله إشارة علي نقطة تحول مقبلة لتصحيح مفاهيم اختلطت، وإصلاح علاقات ساءت، وتصويب مسار تلك العلاقات إلي اتجاه تحقيق مصلحة استراتيجية مشتركة، لا تحول دونها اختلافات في رؤي، ولا تقوضها خلافات حول قضايا.
وعلي ضوء نتائج لقاءات يوم الاثنين في نيويورك.. تزايدت التوقعات بنجاح لقاء القمة الأول والمؤجل بين الرئيسين السيسي وأوباما، والمقرر أن يتم غدا »‬الخميس» في مقر إقامة الرئيس الأمريكي بفندق »‬والدورف أستوريا» في نيويورك، وإمكان أن يسفر عن نتائج طيبة تبدد سحابات الشكوك التي خيمت علي أجواء العلاقات بين البلدين وباعدت بينهما طيلة 15 شهرا مضت.
ولعل ما أشعر المصريين المتابعين لزيارة السيسي إلي نيويورك بالارتياح، أن المبادرة لترتيب هذا اللقاء جاءت من البيت الأبيض، وأن المسعي بدأ من أوباما، الذي أرسلت إدارته إلي كل الوفود المشاركة في الدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، مذكرة تفيد بأن الرئيس الأمريكي لن يستطيع تلبية طلبات أي من قادة الدول المشاركين في القمة الدولية للقائه علي هامشها، وأنه سيكتفي بالالتقاء معهم جميعا خلال حفل الاستقبال الذي سيقيمه للقادة والزعماء.
وخلال اليومين الماضيين، جرت اتصالات ولقاءات مكثفة بين رجال »‬الاتحادية» ورجال البيت الأبيض للترتيب للقاء الرئيسين، واتفق علي أن يلقي الرئيسان بيانين علي الصحفيين في ختام أعمال القمة عن النتائج التي توصلت إليها.
في أعقاب لقاء الإفطار مع كيسنجر وسكوكروفت وأولبرايت، اجتمع السيسي مع أربعة من أعضاء الكونجرس هم: السيناتور رون جونسول والنواب: إليوت أنجل وبيتر كينج وجيم هايمز.
ثم كان اللقاء الأكثر إثارة للاهتمام للرئيس السيسي في هذا اليوم مع الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون وزوجته وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، وعلي مدي 75 دقيقة، دار الحوار بين السيسي والزوجين كلينتون، واستحوذت هيلاري علي الجانب الأكبر من الحديث، وهي تعرض رؤيتها للأوضاع في مصر بعد ثورة 25 يناير، من واقع تجربتها في موقعها السابق، وأبدي بيل وهيلاري كلينتون اقتناعهما بتحليل الرئيس للأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، وشدد بيل كلينتون علي أهمية التعاون في محاربة الإرهاب الذي يشكل خطراً علي العالم وليس منطقة الشرق الأوسط وحدها.
أما اللقاء السياسي الأبرز في هذا اليوم، فكان هو الحوار الموسع الذي جمع الرئيس السيسي بنخبة من السياسيين والعسكريين السابقين والمفكرين وخبراء مراكز البحوث الأمريكية التي تعد أهم دوائر صنع القرار للإدارات المتعاقبة. وكان في صدارة الحضور دينيس روس مساعد وزير الخارجية الأمريكي الأسبق وستيفن هادلي مستشار الرئيس بوش الابن وساندي بيرجر مستشار كلينتون للأمن القومي وريتشارد هاس رئيس مجلس العلاقات الخارجية وروبرت ساتلوف مدير معهد واشنطن لدراسات الشرق الأوسط، والجنرال مولين رئيس هيئة الأركان المشتركة السابق والجنرال جون أبي زيد قائد القيادة المركزية الأسبق وريتشار دوني سفير الولايات المتحدة الأسبق في مصر والكاتب المعروف توماس فريدمان المهتم بقضايا الشرق الأوسط.
أثناء اللقاء.. قال أحد هذه الشخصيات للرئيس: »‬إنني كنت في زيارة لمصر، ولقد لاحظت أن مشاعر المصريين تجاه الولايات المتحدة ليست بالودية.. ما هو تفسيرك لهذا؟!
رد الرئيس بهدوء: لأنهم يشعرون بالخذلان!
وشرح الرئيس ما قوبلت به ثورة المصريين في 30 يونيو من إنكار لدي الإدارة الأمريكية، وما تعرضت له مصر من تضييق فيما بدا للشعب أنه عقاب له علي ممارسته حقه في تحديد مصيره والاختيار الحر بملء إرادته.
ناقش السيسي مع الخبراء الحاضرين قضايا المنطقة وعرض الموقف الداخلي وبرنامجه لتنمية مصر، واستمع إلي رؤاهم التي تمحورت في معظمها علي الإرهاب والخطر الذي يمثله تنظيم داعش.
وعقب الرئيس موضحاً نشأة هذا التنظيم وأسباب تمدده، وأشار إلي أنه لا يمثل خطراً حالا الآن علي مصر، وقال إن الخطورة علي الغرب تكمن في المقاتلين الأجانب الذين انخرطوا في صفوف التنظيم، وسوف يحين في وقت ما أوان عودتهم إلي بلادهم، وأوضح الرئيس أن داعش والقاعدة وأنصار بيت المقدس وبوكوحرام هي جماعات لها أيديولوجية واحدة وتنتمي إلي منشأ واحد، ونبه مجدداً إلي ضرورة التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب، مذكراً بأنه سبق أن حذر من استفحال هذا الخطر منذ أكثر من عام، ولكن لم ينتبه الكثيرون، وركز الرئيس علي أن الأمن ليس هو الأداة الوحيدة لمكافحة الإرهاب، مشيراً إلي أهمية التنمية الاقتصادية والتعليم والتوعية الدينية.
وفي أعقاب هذا اللقاء.. انتحي بعض هذه الشخصيات بدبلوماسي مصري يرتبطون معه بعلاقات مودة وصداقة جانبا، وقالوا له: »‬هذا الرجل يعرف ما يقول، ويبدو مختلفاً كثيراً عما كنا نعتقد وعما كان يصوره لنا الإعلام هنا».
بقدر اهتمام الرئيس السيسي بالجانب السياسي في لقاءاته مع الشخصيات الأمريكية في نيويورك، كان اهتمامه بالجانب الاقتصادي وجذب الاستثمارات إلي مصر وعرض خريطة التنمية في البلاد، ولعل أنجح هذه اللقاءات، هو اجتماعه مع 21 من رؤساء مجالس إدارات أكبر الشركات الأمريكية التي لها استثمارات في مصر، مثل كوكا كولا، بيبسي كولا، كارجل، بلومبرج، وكذلك رئيس بورصة شيكاغو السلعية التي تبلغ تعاملاتها في السنة »‬كوادر يليون دولار» أي ألف تريليون دولار.
ثم اجتماعه مع 15 من كبار الخبراء والمستثمرين الأمريكيين الذين لم يدخلوا باستثماراتهم إلي مصر بعد، وجاء الاجتماع في إطار مجلس الأعمال للتفاهم الدولي وجري علي غداء عمل.
في اللقاءين تحدث الرئيس السيسي عن توجه مصر الاقتصادي، مؤكدا أنه اقتصاد السوق الحرة، وقال إننا نريد أن نرفع من مستوي معيشة شعبنا وأن نقضي علي الفقر. وأضاف: إننا نعترف بأن مصر عندها مشاكل، لكن هذه المشاكل يجب النظر لها استثمارياً نظرة مختلفة، فالبطالة تعني وجود عمالة قليلة التكلفة، والتكدس يعني وجود أرض غير مستغلة، وعدم توفر التمويل يعني وجود عائد مرتفع علي الاستثمار.
وأكد الرئيس أن الحكومة المصرية تشجع القطاع الخاص علي الاستثمار، وأنه مستعد شخصيا لتذليل أي عقبة لأي مستثمر أجنبي جاد.
وفي كل لقاء منهما، كان الرئيس يترك الفرصة لوزير الاستثمار د. أشرف سلمان ووزير التموين د. خالد حنفي للحديث وشرح التفاصيل كل في اختصاصه. ولاحظ الحاضرون أن الرئيس يقدم الوزيرين بوصف الزميلين، وهو وصف لم تعتد آذان هؤلاء المستثمرين سماعه من قادة دول عن معاونيهم خاصة في دول العالم الثالث.
تحدث د. أشرف سلمان عن مناخ الاستثمار، وقال إنه سيتم تعديل القانون لإصدار قانون الاستثمار الموحد الذي سيتضمن حوافز جديدة، وأكد علي أن الحكومة ستلتزم بتعاقداتها، وعرض خريطة المشروعات التنموية الجديدة في مصر والمجالات الرحبة للاستثمار بها.
كما تحدث د. خالد حنفي وعرض 3 مشروعات محددة، أولها: إنشاء محطة غلال بميناء دمياط مزودة بمنظومة نقل، لتكون نواة لمحطات أخري تحول مصر إلي سلة غلال للمنطقة، وثانيها: إنشاء بورصة سلعية في مصر لتداول التجارة في الحبوب لخدمة المنطقة العربية وأفريقيا، وثالثها: إنشاء أكبر مدينة للتجارة والتسوق علي مساحة ألف فدان وبتكلفة مبدئية 40 مليار جنيه، ومن المقرر إقامتها شمال خليج السويس قرب مشروع القناة الجديد، لتوفير 500 ألف فرصة عمل للشباب المدربين والمؤهلين.
وفي أعقاب اللقاءين، قرر رئيس بورصة شيكاغو السلعية زيارة مصر يوم 15 أكتوبر لمناقشة التعاون مع البورصة المصرية الجديدة لتكون مركزاً إقليميا لها، كما أبدي عدد من رجال الأعمال رغبات فورية في استثمار 5 مليارات دولار في مشروعات محددة بمصر، وقوبل مشروع مدينة التسوق الكبري باهتمام كبير من جانب عدد من رجال الأعمال ورؤساء الشركات الأمريكية الذين أبدوا رغبتهم في دراسة تفاصيله.
قبيل لقاء الغد بين السيسي وأوباما، سيكون أمام الرئيس الأمريكي رؤية واضحة ومتكاملة للموقف المصري، نقلها كيري وزير الخارجية عقب مباحثاته بالقاهرة مع الرئيس، واستوفاها الرئيس الأسبق بيل كلينتون الذي استمع إلي عتاب الرئيس ووجهات نظره، وأبدي تفهمه لها، وقال إنه سينقلها إلي الرئيس أوباما.
وتبقي نبوءة كيسنجر أكثر قابلية للتحقق في قمة الغد، فالذين أداروا ظهرهم لمصر، سيطلبون منها أن تقف بجانبهم من العراق إلي سوريا إلي ليبيا لمجابهة إرهاب أعلنوا أنهم انتصروا عليه، ثم اكتشفوا أن النصر بعيد، والحرب لا مفر منها، والخطر قد يدق بابهم من جديد!
ياسر رزق يكتب من نيويورك
عن لقاءات السيسي مع أعمدة السياسة الأمريكية
ثعلب السياسة الخارجية الأمريكية الأشهر هنري كيسنجر ينصت إلي الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وهو يتحدث عن الوضع الداخلي في مصر، ويشرح رؤيته للموقف في المنطقة العربية، ويعرض لقضية الإرهاب وتداعياتها المحتملة.
ثم نظر إلي الرئيس بعمق، وقال له بنبرته الهادئة، وبلغة مازالت تشوبها لكنة ألمانية من تأثير نشأة الطفولة:
سيدي الرئيس.. لقد سمعتك من قبل تقول للإدارة الأمريكية، »لا تديري لنا ظهرك»‬، وأنا أقول لك إنهم سوف يأتون لكم، ويقولون: قفوا بجانبنا!
كان كيسنجر بهذه العبارة المكثفة، يمهد لتحول أمريكي متوقع في مسار علاقاتها مع مصر التي أخذت منحي التوتر منذ ثورة 30 يونيو تحديداً، ولخص بنفس التكثيف أسبابه في التنبؤ بهذا التحول، قائلا: إن مصر هي الدولة المحورية في الشرق الأوسط، وهي المفتاح لحل أزمات المنطقة.
حديث كيسنجر مع السيسي جري علي مائدة إفطار في مقر إقامة الرئيس بفندق »‬نيويورك بالاس» أمس الأول، ضمت أيضا اثنين من دهاقنة السياسة الأمريكية هما برنت سكوكروفت مستشار الأمن القومي في إدارة بوش الأب، ومادلين أولبرايت وزيرة الخارجية في عهد كلينتون.
وقبل نهاية الحوار الذي استفاض فيه الرئيس في طرح تقديره للموقف في العراق وسوريا وليبيا وأيضا بالنسبة للقضية الفلسطينية.. قال كيسنجر: »‬سيدي الرئيس.. دعني أقول لك بوضوح.. إنني اتفق معك في الموقف وفي التحليل».
لم يكن إفطار الثامنة صباحاً هو الإطلالة الوحيدة من جانب السيسي، علي الخبراء وصناع القرار الأمريكي في ثاني أيام زيارته لنيويورك، ولا من جانب رموز النخبة السياسية والاقتصادية والفكرية الأمريكية علي الرئيس المصري الجديد الذي كان يبدو لبعضهم لغزاً مستغلقا يفتشون عن مفاتيحه.
بدا اليوم في مجمله إشارة علي نقطة تحول مقبلة لتصحيح مفاهيم اختلطت، وإصلاح علاقات ساءت، وتصويب مسار تلك العلاقات إلي اتجاه تحقيق مصلحة استراتيجية مشتركة، لا تحول دونها اختلافات في رؤي، ولا تقوضها خلافات حول قضايا.
وعلي ضوء نتائج لقاءات يوم الاثنين في نيويورك.. تزايدت التوقعات بنجاح لقاء القمة الأول والمؤجل بين الرئيسين السيسي وأوباما، والمقرر أن يتم غدا »‬الخميس» في مقر إقامة الرئيس الأمريكي بفندق »‬والدورف أستوريا» في نيويورك، وإمكان أن يسفر عن نتائج طيبة تبدد سحابات الشكوك التي خيمت علي أجواء العلاقات بين البلدين وباعدت بينهما طيلة 15 شهرا مضت.
ولعل ما أشعر المصريين المتابعين لزيارة السيسي إلي نيويورك بالارتياح، أن المبادرة لترتيب هذا اللقاء جاءت من البيت الأبيض، وأن المسعي بدأ من أوباما، الذي أرسلت إدارته إلي كل الوفود المشاركة في الدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، مذكرة تفيد بأن الرئيس الأمريكي لن يستطيع تلبية طلبات أي من قادة الدول المشاركين في القمة الدولية للقائه علي هامشها، وأنه سيكتفي بالالتقاء معهم جميعا خلال حفل الاستقبال الذي سيقيمه للقادة والزعماء.
وخلال اليومين الماضيين، جرت اتصالات ولقاءات مكثفة بين رجال »‬الاتحادية» ورجال البيت الأبيض للترتيب للقاء الرئيسين، واتفق علي أن يلقي الرئيسان بيانين علي الصحفيين في ختام أعمال القمة عن النتائج التي توصلت إليها.
في أعقاب لقاء الإفطار مع كيسنجر وسكوكروفت وأولبرايت، اجتمع السيسي مع أربعة من أعضاء الكونجرس هم: السيناتور رون جونسول والنواب: إليوت أنجل وبيتر كينج وجيم هايمز.
ثم كان اللقاء الأكثر إثارة للاهتمام للرئيس السيسي في هذا اليوم مع الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون وزوجته وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، وعلي مدي 75 دقيقة، دار الحوار بين السيسي والزوجين كلينتون، واستحوذت هيلاري علي الجانب الأكبر من الحديث، وهي تعرض رؤيتها للأوضاع في مصر بعد ثورة 25 يناير، من واقع تجربتها في موقعها السابق، وأبدي بيل وهيلاري كلينتون اقتناعهما بتحليل الرئيس للأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، وشدد بيل كلينتون علي أهمية التعاون في محاربة الإرهاب الذي يشكل خطراً علي العالم وليس منطقة الشرق الأوسط وحدها.
أما اللقاء السياسي الأبرز في هذا اليوم، فكان هو الحوار الموسع الذي جمع الرئيس السيسي بنخبة من السياسيين والعسكريين السابقين والمفكرين وخبراء مراكز البحوث الأمريكية التي تعد أهم دوائر صنع القرار للإدارات المتعاقبة. وكان في صدارة الحضور دينيس روس مساعد وزير الخارجية الأمريكي الأسبق وستيفن هادلي مستشار الرئيس بوش الابن وساندي بيرجر مستشار كلينتون للأمن القومي وريتشارد هاس رئيس مجلس العلاقات الخارجية وروبرت ساتلوف مدير معهد واشنطن لدراسات الشرق الأوسط، والجنرال مولين رئيس هيئة الأركان المشتركة السابق والجنرال جون أبي زيد قائد القيادة المركزية الأسبق وريتشار دوني سفير الولايات المتحدة الأسبق في مصر والكاتب المعروف توماس فريدمان المهتم بقضايا الشرق الأوسط.
أثناء اللقاء.. قال أحد هذه الشخصيات للرئيس: »‬إنني كنت في زيارة لمصر، ولقد لاحظت أن مشاعر المصريين تجاه الولايات المتحدة ليست بالودية.. ما هو تفسيرك لهذا؟!
رد الرئيس بهدوء: لأنهم يشعرون بالخذلان!
وشرح الرئيس ما قوبلت به ثورة المصريين في 30 يونيو من إنكار لدي الإدارة الأمريكية، وما تعرضت له مصر من تضييق فيما بدا للشعب أنه عقاب له علي ممارسته حقه في تحديد مصيره والاختيار الحر بملء إرادته.
ناقش السيسي مع الخبراء الحاضرين قضايا المنطقة وعرض الموقف الداخلي وبرنامجه لتنمية مصر، واستمع إلي رؤاهم التي تمحورت في معظمها علي الإرهاب والخطر الذي يمثله تنظيم داعش.
وعقب الرئيس موضحاً نشأة هذا التنظيم وأسباب تمدده، وأشار إلي أنه لا يمثل خطراً حالا الآن علي مصر، وقال إن الخطورة علي الغرب تكمن في المقاتلين الأجانب الذين انخرطوا في صفوف التنظيم، وسوف يحين في وقت ما أوان عودتهم إلي بلادهم، وأوضح الرئيس أن داعش والقاعدة وأنصار بيت المقدس وبوكوحرام هي جماعات لها أيديولوجية واحدة وتنتمي إلي منشأ واحد، ونبه مجدداً إلي ضرورة التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب، مذكراً بأنه سبق أن حذر من استفحال هذا الخطر منذ أكثر من عام، ولكن لم ينتبه الكثيرون، وركز الرئيس علي أن الأمن ليس هو الأداة الوحيدة لمكافحة الإرهاب، مشيراً إلي أهمية التنمية الاقتصادية والتعليم والتوعية الدينية.
وفي أعقاب هذا اللقاء.. انتحي بعض هذه الشخصيات بدبلوماسي مصري يرتبطون معه بعلاقات مودة وصداقة جانبا، وقالوا له: »‬هذا الرجل يعرف ما يقول، ويبدو مختلفاً كثيراً عما كنا نعتقد وعما كان يصوره لنا الإعلام هنا».
بقدر اهتمام الرئيس السيسي بالجانب السياسي في لقاءاته مع الشخصيات الأمريكية في نيويورك، كان اهتمامه بالجانب الاقتصادي وجذب الاستثمارات إلي مصر وعرض خريطة التنمية في البلاد، ولعل أنجح هذه اللقاءات، هو اجتماعه مع 21 من رؤساء مجالس إدارات أكبر الشركات الأمريكية التي لها استثمارات في مصر، مثل كوكا كولا، بيبسي كولا، كارجل، بلومبرج، وكذلك رئيس بورصة شيكاغو السلعية التي تبلغ تعاملاتها في السنة »‬كوادر يليون دولار» أي ألف تريليون دولار.
ثم اجتماعه مع 15 من كبار الخبراء والمستثمرين الأمريكيين الذين لم يدخلوا باستثماراتهم إلي مصر بعد، وجاء الاجتماع في إطار مجلس الأعمال للتفاهم الدولي وجري علي غداء عمل.
في اللقاءين تحدث الرئيس السيسي عن توجه مصر الاقتصادي، مؤكدا أنه اقتصاد السوق الحرة، وقال إننا نريد أن نرفع من مستوي معيشة شعبنا وأن نقضي علي الفقر. وأضاف: إننا نعترف بأن مصر عندها مشاكل، لكن هذه المشاكل يجب النظر لها استثمارياً نظرة مختلفة، فالبطالة تعني وجود عمالة قليلة التكلفة، والتكدس يعني وجود أرض غير مستغلة، وعدم توفر التمويل يعني وجود عائد مرتفع علي الاستثمار.
وأكد الرئيس أن الحكومة المصرية تشجع القطاع الخاص علي الاستثمار، وأنه مستعد شخصيا لتذليل أي عقبة لأي مستثمر أجنبي جاد.
وفي كل لقاء منهما، كان الرئيس يترك الفرصة لوزير الاستثمار د. أشرف سلمان ووزير التموين د. خالد حنفي للحديث وشرح التفاصيل كل في اختصاصه. ولاحظ الحاضرون أن الرئيس يقدم الوزيرين بوصف الزميلين، وهو وصف لم تعتد آذان هؤلاء المستثمرين سماعه من قادة دول عن معاونيهم خاصة في دول العالم الثالث.
تحدث د. أشرف سلمان عن مناخ الاستثمار، وقال إنه سيتم تعديل القانون لإصدار قانون الاستثمار الموحد الذي سيتضمن حوافز جديدة، وأكد علي أن الحكومة ستلتزم بتعاقداتها، وعرض خريطة المشروعات التنموية الجديدة في مصر والمجالات الرحبة للاستثمار بها.
كما تحدث د. خالد حنفي وعرض 3 مشروعات محددة، أولها: إنشاء محطة غلال بميناء دمياط مزودة بمنظومة نقل، لتكون نواة لمحطات أخري تحول مصر إلي سلة غلال للمنطقة، وثانيها: إنشاء بورصة سلعية في مصر لتداول التجارة في الحبوب لخدمة المنطقة العربية وأفريقيا، وثالثها: إنشاء أكبر مدينة للتجارة والتسوق علي مساحة ألف فدان وبتكلفة مبدئية 40 مليار جنيه، ومن المقرر إقامتها شمال خليج السويس قرب مشروع القناة الجديد، لتوفير 500 ألف فرصة عمل للشباب المدربين والمؤهلين.
وفي أعقاب اللقاءين، قرر رئيس بورصة شيكاغو السلعية زيارة مصر يوم 15 أكتوبر لمناقشة التعاون مع البورصة المصرية الجديدة لتكون مركزاً إقليميا لها، كما أبدي عدد من رجال الأعمال رغبات فورية في استثمار 5 مليارات دولار في مشروعات محددة بمصر، وقوبل مشروع مدينة التسوق الكبري باهتمام كبير من جانب عدد من رجال الأعمال ورؤساء الشركات الأمريكية الذين أبدوا رغبتهم في دراسة تفاصيله.
قبيل لقاء الغد بين السيسي وأوباما، سيكون أمام الرئيس الأمريكي رؤية واضحة ومتكاملة للموقف المصري، نقلها كيري وزير الخارجية عقب مباحثاته بالقاهرة مع الرئيس، واستوفاها الرئيس الأسبق بيل كلينتون الذي استمع إلي عتاب الرئيس ووجهات نظره، وأبدي تفهمه لها، وقال إنه سينقلها إلي الرئيس أوباما.
وتبقي نبوءة كيسنجر أكثر قابلية للتحقق في قمة الغد، فالذين أداروا ظهرهم لمصر، سيطلبون منها أن تقف بجانبهم من العراق إلي سوريا إلي ليبيا لمجابهة إرهاب أعلنوا أنهم انتصروا عليه، ثم اكتشفوا أن النصر بعيد، والحرب لا مفر منها، والخطر قد يدق بابهم من جديد!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.