تباينت ردود الفعل حول إعلان الرئيس اليمنى عبد ربه منصور هادي لدولة اتحادية من ستة أقاليم في اليمن، ما بين مؤيد ومعارض، وتساءل البعض هل ينهي ذلك التقسيم الصراعات المتأججة في صنعاء أم تزيد من حدتها. وكان الرئيس اليمني هادي وافق رسميا الإثنين الماضي - إثر إقراره بأغلبية الأصوات داخل لجنة تحديد الأقاليم المكونة من جميع القوى السياسية - على تحويل اليمن إلى دولة اتحادية مكونة من ستة أقاليم، إثنان في الجنوب وأربعة في الشمال. رفض الحوثيون وأعلن الحوثيون الخميس 13 فبراير، رفضهم التقسيم الذي أعلنه الرئيس هادي لشكل الدولة الاتحادية، معتبرين أن الصيغة التي اعتمدت تقسم اليمن إلى "أغنياء وفقراء". وقال ممثل الحوثيين في الحوار الوطني محمد البخيتي، إنهم يرفضون هذا التقسيم لأنه قسم اليمن إلى فقراء وأغنياء، والدليل على ذلك أن هذا التقسيم أتى بصعدة مع عمران وذمار، والمفترض أن تكون صعدة أقرب ثقافيا وحدوديا واجتماعيا من حجة والجوف. تقسيم بالهوى السياسي وصرح الناطق الرسمي باسم حركة "أنصار الله" الحوثية محمد عبد السلام، أن ممثل الحركة أثناء عملية التوقيع حسين العزي رفض التوقيع عليها، مضيفا أنهم يرون أنها لا تمثل حلا لا للقضية الجنوبية ولا للقضايا الوطنية العالقة، وقد تم التقسيم وفق هوى سياسي. وحذر الحزب الاشتراكي اليمني، وهو من أكبر الأحزاب في تكتل اللقاء المشترك الذي يقود حكومة الوفاق في اليمن، من مخاطر فرض خيار التقسيم القسري للجنوب خلافا لإرادة الناس والقوى الحية والفاعلة المعبرة عن إرادتهم وتطلعاتهم، متمسكا بخيار تقسيم البلاد إلى إقليمين، شمال وجنوب، بحيث يكون الجنوب إقليما بمفرده، ويتفق مع موقف الاشتراكي جماعة الحوثيين، التي تفرض سيطرتها على أجزاء واسعة من الشمال، وتمتلك أسلحة ثقيلة ومعسكرات خاصة بها، بل أكدت على أنها لن توقع على وثيقة تقسم اليمن إلى الأقاليم المعلن عنها، مشيرة إلى أن ما أقرته لجنة الأقاليم لا تمثل حلا لا للقضية الجنوبية ولا للقضايا الوطنية العالقة. وحذر الحوثيون من خطورة أي تقسيم سياسي يؤسس لاختلالات خطيرة في بنية النظام السياسي، خصوصا أن هذا التقسيم سيحرم الحوثيين من منفذ على البحر من خلال محافظة حجة التي ألحقت بإقليم تهامة، كما لن يحظوا بتأثير على مناطق النفط في محافظة الجوف التي ألحقت بإقليم سبأ. وأعرب المجلس السياسي لأبناء المهرة وسقطرى رفضهم الانضمام إلى إقليم حضر موت، وأكد في بيان، أنهم تعرضوا إلى مكيدة متعهدا بأن هذا التقسيم لن يمر ولو دفع أبناء المهرة وسقطرى أرواحهم. مباركة التقسيم أعلنت حكومة الوفاق الوطني مباركتها لقرار لجنة تحديد الأقاليم تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم معتبرة إياه إنجازاً تاريخياً ومن أهم مخرجات مؤتمر الحوار الوطني. جاء ذلك في بيان صادر الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء المنعقد برئاسة رئيس الحكومة محمد سالم باسندوة. واعتبر مجلس الوزراء، أن خطوة تحديد الأقاليم البدء العملي لترجمة تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وتعبيرا عن جدية التوجهات نحو انتهاج النظام الاتحادي القائم على اللامركزية المالية والإدارية، بما يضمن التوزيع العادل للثروة والسلطة والمشاركة الشعبية الواسعة في صنع القرار. وقال، إن نظام الأقاليم في إطار الدولة الاتحادية سيسهم بشكل كبير في تحقيق التنمية المحلية الشاملة والنهوض الاقتصادي المنشود، وتعزيز التنافس الإيجابي بين الأقاليم لاستغلال الثروات المتاحة وخدمة المواطنين بكفاءة وفاعلية، وتحديد المسؤوليات على نحو أدق. وجددت، التأكيد على أن الحكومة ستسخر كافة إمكانياتها وستعمل بكامل جهدها وطاقتها في سبيل إنجاز واجباتها والمهام المناطة بها في تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار، وذلك للمضي قدما في بناء اليمن الجديد ودولته الحديثة القائمة على العدالة والمواطنة المتساوية وسيادة القانون. اهتمام الصحف بالتقسيم وفي ذات السياق، اهتمت الصحف السعودية، الصادرة الخميس 13 فبراير، بالشأن اليمني، وأبدت صحيفة الوطن السعودية، استغرابها من الخطوة التي أقدم عليها اليمن بسرية تامة بإعلانه الأقاليم على هذا النحو المفاجئ. وتساءلت الصحيفة، في افتتاحيتها تحت عنوان "هل تنجح فيدرالية اليمن"، ما الذي جعل "اليمن السعيد" ينام ذات الليلة جمهوريًا ويستيقظ اتحادًا فيدراليًا؟ وهل البلد مستعد لخوض التجربة مهما كانت نتائجها؟ وهل التحدي الأمني كان محفزًا لكي يتولى كل من المجاميع الشعبية المشكلة للأقاليم الستة حماية نفسه بنفسه. وقالت الوطن السعودية، إن محل الاستغراب في إقدام اليمن على التحول من النظام الجمهوري ومن مشروع الوحدة الذي تشكل قبل 24 عامًا، وأثبت فشله بشهادة المراقبين، هو السرية التامة التي تعامل بها الساسة اليمنيون مع الموضوع، على الأقل إعلاميًا، في بلد يمثل استقراره أهمية بالغة للمنطقة ولدول الجوار. ورأت، أنه رغم ذلك، فإن اليمنيين بعثوا برسالة مهمة من خلال هذا التحول الصامت، مفادها أن القرار اليمني يعلو ولا يُعلى عليه من منطلقات السيادة والحرية في تقرير المصير، وهو ما كان باعثًا للاطمئنان للكثير، لاسيما أن التقسيم الحالي قد يحرم البعض من ميزات كانوا يسعون لتحقيقها، بل وخاضوا حروبًا من أجلها. وقالت الوطن، في ختام تعليقها، إن التحول الذي شهده اليمن، يعول عليه في المقام الأول أن تعرف الأقاليم الستة طريقها نحو التنمية، التي تعد أساسًا للذهاب إلى تكوين دولة ذات مقومات اقتصادية أمتن، بما يجعل ذلك محفزًا رئيسًا لتشكيل قوة أمنية مهمتها الحفاظ على الوضع الاقتصادي ضد أي مهددات، والمطلوب فقط أن تعطى اليمن السعيد فرصة لاختبار تجربتها. ومن جانبها، أكدت صحيفة "عكاظ"، على حاجة اليمن إلى إجماع أهله للدخول في مرحلة يلتقط فيها اليمن أنفاسه من إرهاق التقاتل والفرقة والاختلاف ليبدأ مرحلة جديدة من إعادة هيبة الدولة وسلطتها على كامل ترابها وتوجيه كل الطاقات من أجل تنمية تعود على الإنسان اليمني بما يحسن حياته ويخرجه من الدوامة التي استغرقت الكثير من الجهود وأهدرت الطاقات والثروة. ولفتت، في افتتاحيتها، الخميس، تحت عنوان "اليمن الاتحادي" إلى أنه لم يعد خافيًا على اليمنيين تلك الأيدي الخارجية التي لا تريد خيرًا لليمن ولا جيرانه، بل هدفها إبقاء اليمن في هذه الحال المرتبكة حتى يوفر لأعوانها البيئة المناسبة لتنفيذ مخطط زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة. ودعت الصحيفة القوى الوطنية في اليمن، بكل تياراتها بأن تكون على مستوى الحدث وأن تدرك المخاطر التي تحاك لهم ولجيرانهم وأن يفوتوا الفرصة على تلك الجهات بالعودة إلى لغة العقل ووسائل العصر في حل الاختلافات. واهتمت أيضا الصحف الإماراتية، الصادرة، اليوم، بالتوتر الذي تشهده الساحة اليمنية والتخوف من تعثر تطبيق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، كما اهتمت بالسجال الذي يطغى على مباحثات مؤتمر "جنيف 2"، في جولتيه الأولى والثانية بشأن قضيتي الإرهاب والسلطة الانتقالية في ظل استمرار تردي الأوضاع الإنسانية في سوريا. فمن جانبها، قالت صحيفة "الخليج"، إن التطورات اليمنية الأخيرة تكشف عن تعقد الأوضاع وصعوبة الحل رغم توصل مؤتمر الحوار الوطني في ختام أعماله لاتفاق على قيام دولة فيدرالية من ستة أقاليم وغيرها من القرارات التي اعتبرت مدخلاً لقيام نظام يمني جديد. ورأت، أن التظاهرات التي جرت في صنعاء، خلال اليومين الماضيين، بمناسبة الذكرى الثالثة لانطلاق الحراك الشعبي اليمني ضد نظام الرئيس اليمني السابق، علي عبدالله صالح، تكشف أن اليمنيين يتخوّفون من النتائج والتداعيات التي قد يؤدي إليها الاتفاق الأخير، بل لا يعولون عليه كثيرًا. وطالبت الخليج، في ختام افتتاحيتها، بالتفاف شعبي وسياسي يمني على قاعدة إنقاذ اليمن ودعم الاتفاق وتنفيذ بنوده وصولاً إلى تسوية نهائية لكل الأزمات القائمة، داعية العرب عامة ودول الخليج العربي خاصة صاحبة مبادرة الإنقاذ، لتقديم مزيد من الدعم والتأييد للخيار الذي ارتضاه اليمنيون. الدفاع عن السعودية أعلن وزير الخارجية اليمني الدكتور أبوبكر القربي، إن مسؤولية دول الخليج تزداد تجاه اليمن، بعد إقرار وثيقة تقسيم البلاد إلى ستة أقاليم، ورفض الاتهامات التي وجهها الحوثيون إلى السعودية بأن اعتبروها المستفيدة الأولى. وقال، إنه لا يعتقد أن السعودية هي المستفيدة، وإنما التقسيم اختارته اللجنة برئاسة الرئيس لمصلحة اليمنيين، والمملكة متمسكة باستقرار اليمن ووحدته. وأكد القربي، أن النظام الاتحادي الجديد سيمكن اليمنيين من تجاوز الصراعات السابقة التي تعصف في صعدة أو المحافظات الجنوبية من خلال الدعوة إلى الانفصال، داعياً إلى ألا ينشغل اليمنيون بالسياسة، وأن يوجهوا طاقاتهم لبناء دولتهم وطي صفحة الماضي.