ضمن برنامج فعاليات محطة التواصل الاجتماعي في معرض الشارقة الدولي للكتاب، والمخصصة لمناقشة القضايا المتعلّقة بمواقع التواصل الاجتماعي وعلاقتها وتأثيرها على الثقاقة ووسائل الإعلام، استضافت المحطة مساء أول من أمس الجمعة الشيخ سلطان بن سعود القاسمي، والإعلامي تركي الدخيل، في جلسة نقاشية تناولت مواقع التواصل الاجتماعي في الشرق الأوسط، وحضرها جمع من زوار المعرض. وقال الشيخ سلطان بن سعود القاسمي إن هناك نمواً مفاجئاً في عدد ونوعية مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في المنطقة العربية خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وربما يرجع ذلك إلى الأحداث التي شهدتها بعض الدول العربية ومنها تونس ومصر، وهو ما قلل من دور وسائل الإعلام التقليدية، ولكنه في الوقت نفسه أثار إشكاليات تتعلّق بالمصداقية، ففي الصحف هناك سلسلة من المراقبين أو المراجعين للمادة المنشورة تشمل المحرر، ورئيس القسم، والمدقق، على سبيل المثال، في حين أن الرقيب الوحيد في مواقع التواصل الاجتماعي هو كاتب المادة نفسه، الأمر الذي يضع سؤالاً كبيراً حول المصداقية، والثقة بالمادة المنشورة. وأشار القاسمي إلى ضرورة التأكد من مصداقية الشخص الذي نتابعه في مواقع التواصل الاجتماعي، وهو أمر يمكن أن يتحقق من خلال مراقبة كتاباته، وأسلوبه في الحوار مع من يختلف معهم، وكذلك خلفيته المهنية، ونوعية الأشخاص المتابعين له، مؤكداً أن بعض أصحاب الحسابات الشخصية في "فيسبوك" أو "تويتر" لديهم انفصال في الشخصية، فيظهرون في مواقع التواصل الاجتماعي بأسلوب يختلف عن شكل ظهورهم في الحياة العامة، مطالباً بأن يكون الإنسان طبيعياً ويكتب ما يعكس توجهه الحقيقي، فالكتابة تعكس شخصية الإنسان ومستوى ثقافته، ولكنها قبل ذلك تعبّر عن شخصيته وسلوكه. من ناحيته، أرجع الإعلامي تركي الدخيل سبب الإقبال المتزايد على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في الوطن العربي، إلى رغبة الناس وخاصة الشباب في التفاعل مع هذه المواقع باعتبارها وسائل إعلام جديدة، الأمر الذي ترتب عليه تغيّراً بالمعادلة الرئيسية في الإعلام، التي تتطلب وجود مرسل يتمثل في الصحفي أو الإعلامي، ومستقبل هو القارىء أو المشاهد أو المستمع، ووسيلة قد تكون صحيفة أو مجلة أو قناة تلفزيونية إو إذاعية، ففي عصر "فيسبوك" و"تويتر" لم يعد إنتاج المادة المقروءة أو المرئية أو المسموعة حكراً على الصحفيين، بل أصبح كل من يملك حساباً في أحد مواقع التواصل الاجتماعي كاتباً قادراً على التأثير، وهو ما يثير مسألة المصداقية التي يصعب التحقق منها في هذه المواقع. ورأى الدخيل أنه رغم أننا استمتعنا بقدرٍ عالٍ من الحرية في عصر مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن هذه المواقع "عرتنا" و"كشفت سلبياتنا" لأن الكثيرين صاروا يمارسون في الخفاء ما يُنظّرون له في العلن، وأصبح بعض الصفحات في هذه المواقع ساحات لتصفية الحسابات وكيل الشتائم والاتهامات التي يصل بعضها إلى مستوى "البذاءة"، وهو ما يقتضي إعادة مراجعة منظومتنا المجتمعية لدراسة هذا التغيير السلوكي، ومحاولة إعادة صياغة نموذج للآداب العامة في استخدام هذه المواقع.