فتحت محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي في قضية قتل المتظاهرين أمام قصرالاتحادية ملف محاكمة الزعماء ورؤساء الدول خلال القرنين السابقين وثورات الشعوب علي حكامها بسبب فسادهم واستبدادهم .. وعلي الرغم من الأمثلة العديدة لرؤساء تمت محاكمتهم الا أن كرسي الرئاسة لا زال يتمتع بسحر يفقد من يجلس عليه ويعتليه العقل والحكمة التي تجعله يأخذ العبرة والعظة ممن سبقه علي كرسي الرئاسة .. حدث ذلك مع محمد مرسي رئيس مصر المعزول والذي جاء بعد ثورة علي سابقه الرئيس حسني مبارك المخلوع ، والذي مارس نفس أساليب سلفه ولم يأخذ مما حدث له العبرة فاستحق أن يحاكم في نفس القاعة التي حوكم فيها سابقه . ملف محاكمة رؤساء الدول يعج برؤساء خانوا شعوبهم وسرقوا خيراتهم وأفسدوا في الأرض ومن أشهر من حوكموا خلال القرنين السابقين دون ترتيب .. الرئيس الروماني نيكولاي شاوشيسكو الذي حكم شعبه بالحديد والنار مما دفع الشعب الي القيام بثورة ضده في 1989 أطاحت بشاوشيسكو الملقب ب" الرجل الأحمر " وتم تقديمه لمحاكمة عسكرية هو وزوجته وصدر حكما باعدامهما رميا بالرصاص ونفذ الحكم وسط فرحة الرومانيين . ولن ينسي العالم أيضا محاكمة "الشيطان" الرئيس اليوغسلافي السابق سلوبودان ميلوسوفيتش الذي ارتكب عمليات ابادة جماعية للمسلمين في اقليم كوسوفا فتم تقديمه لمحاكمة عاجلة أمام محكمة جرائم الحرب الدولية بلاهاي في هولندا وصدر ضده حكما بالاعدام قبل الاعفاء عنه وسجنه ، الا أنهم وجدوه مقتولا في مارس 2006 . وشهدت الولاياتالمتحدةالأمريكية عام 1974 محاكمة أول رئيس منتخب هو ريتشارد نيكسون بسبب الفضيحة المعروفة اعلاميا ب" ووتر - جيت " وأحيل للمحاكمة بتهمة تصنت بعض رجاله علي الحزب الديمقراطي المنافس لحزبه الجمهوري ، وتم عزله من منصبه في محاكمة قانونية وأجبر علي الاستقالة بدلا من سجنه . ثم تأتي محاكمة رئيس بيرو الأسبق " فيجوموري " الذي اتهم بالفساد وانتهاك حقوق الانسان في بلاده فخلعه البرلمان وقدمه للمحاكمة وصدر ضده حكما بالسجن 6 سنوات ، هذا بالاضافة الي اشهر زعيم في العالم وهو الزعيم الالماني النازي " هتلر " الذي هزم في الحرب العالمية الثانية وتم تقديمه للمحاكمة هو واتباعه فيما عرف ب''محاكمات نورمبرج''، ثم الجنرال العسكري ''أوغستو بينوتشيه'' رئيس شيلي الذي دفعت به أمريكا لحكم البلاد من فوق الدبابات فحكم شيلي بالنار والدم طوال 27 عاما أوقف خلالها دستور البلاد والغي الكونجرس وفك الاحزاب ، فقامت ثورة شعبية ضده والقي القبض عليه في عام 2002 بينما كان في رحلة علاج ببريطانيا وقضي عاما في السجن قبل أن يفرح عنه بسبب ما أصابه من عته وجنون . أما الجنرال " نورويجا " رئيس بنما فقد حكم البلاد في الفترة من 1983 وحتي 1990 وانتهت بسجنه ، بعد قيام الولاياتالمتحدة بغزو بنما في ديسمبر عام 1989، واستسلم للقوات الأمريكية في 3 يناير 1990، وحوكم في الولاياتالمتحدة بتهم الإتجار بالمخدرات والابتزاز وغسيل الأموال، وحكم عليه بالسجن 20 عامًا، وبعد انقضاء العقوبة تم ترحليه الي فرنسا في ابريل 2010 لتنفيذ حكم أخر عليه بتهمه غسيل الأموال. وكان الرئيس الليبيري تشارليز تيلور أول رئيس افريقي يحاكم أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب وأعمال ضد الانسانية خلال مدة حكمه لليبيريا في الفترة من عام 1997 وحتي عام 2000 وفيها صارت ليبيريا من أكثر دول القارة اقتتالا وتخضبا بالدماء في حرب أهلية ، بالاضافة الي حربه مع سيراليون . أما موشيه كتساف رئيس الكيان الصهيوني السابق في عام 2000 ، فكانت جرائمه من نوع آخر حيث اتهم في فضيحة مدوية هزت أرجاء اسرائيل بسبب قيامه بالتحرش الجنسي بموظفات الديوان الرئاسي ، وهو ما دفعه الي تقديم استقالته من منصبه في 2007 وقدم للمحاكمة . الا أن المحاكمة الأشهر والأكثر تأثيرا في العرب كانت محاكمة الرئيس العراقي السابق المهيب الركن صدام حسين الذي غزت أمريكا بلاده بزعم وجود أسلحة كيماوية في عام 2003 وقاموا بالقاء القبض عليه وتقديمه لمحاكمة عاجلة بتهمة حيازة سلاح نووي وارتكاب أعمال ضد الانسانية وابادات جماعية في بلدة " الدجيل " وصدر الحكم باعدامه شنقا وتم تنفيذه صبيحة عيد الأضحي المبارك علي الهواء مباشرة في مشهد لا ينسي . ويبدو أن محاكمة الرئيس العراقي صدام حسين كانت بمثابة اللعنة وبداية لمحاكمات أخري لقادة عرب ، فلم تمر أكثر من ثماني سنوات حتي هبت علي المنطقة العربية رياح ما سمي بالربيع العربي وهي ثورات عربية في تونس ، ثم مصر ، ثم ليبيا ، فاليمن .. قامت ضد حكام فاسدين نهبوا ثروات البلاد ودعموا الفساد . ازاحت ثورة الياسمين بتونس عام 2010 نظام زين العابدين بن علي الذي فر هاربا الي المملكة العربية السعودية وصدر حكم غيابي ضده بالسجن 15 عاما . وفي مصر أزاحت ثورة 25 يناير عام 2011 نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك بسبب الفساد والظلم الاجتماعي وقدم مبارك لمحاكمة عادلة أمام قاضيه الطبيعي وطبقا للدستور وصدر حكما ضده بالسجن 25 عاما قبل أن يتم نقضه وما زال الرئيس الأسبق قيد الاقامة الجبرية علي ذمة قضية قتل المتظاهرين . وبعد أقل من عامين شهدت مصر ثورة أخري اعتبرها المصريون استكمالا لثورة 25 يناير ، ففي 30 يونيه ثار الشعب علي الرئيس محمد مرسي الذي ارتكب من الجرائم ما فاق سلفه مبارك ، فبالاضافة الي اتهامه بالتحريض علي قتل المتظاهرين ، يواجه مرسي تهم اخري أخطر قد تصل عقوبتها الي الاعدام ، وهي تهم التخابر مع جهات أجنبيه ، والهروب من سجن وادي النطرون والفساد المالي ، ويمكث الرئيس المعزول محمد مرسي الآن قيد الاقامة الجبرية محبوسا احتياطيا بسجن برج العرب علي ذمة قضية قتل المتظاهرين أمام قصر الاتحادية في ديسمبر الماضي .