اختلفت الآراء حول حقيقة تنظيم القاعدة، علي مدار العقود الماضية إلى أن تربع على مقدمة قائمة المنظمات الإرهابية والمطلوب القضاء عليها من جذورها عالميًا. تنظيم القاعدة أسسه أسامة بن لادن وأيمن الظواهري في أغسطس 1988 ويتطلع شأنه شأن تنظيمات أخرى معنية ب"الجهاد العالمي" إلى نشر الدين الإسلامي وإقامة نظام الخلافة الإسلامية أي السلطة القائمة على الشريعة الإسلامية وفرضها على جميع دول المعمورة. ويستند تنظيم القاعدة عقائدياً إلى التيار السلفي السني الذي يعتبر فترة صدر الإسلام عصراً ذهبياً يجب إحياؤه واستعادته في العصر الحالي. وبحسب مفهوم القاعدة يتعين على أي مسلم المشاركة في الجهاد لاستعادة مركز الإسلام الذي يليق به، ويستهدف الصراع "الكفار" الذين لا ينتمي إليهم "غير المسلمين" فحسب بل أيضاً الأنظمة العربية والإسلامية التي لا تسير على نهج الإسلام الصحيح بمعنى أنها تميل إلى الغرب وإسرائيل وتسعى لاعتماد طريقه. ويعتمد تنظيم القاعدة مبدأ الحرب الشاملة التي لا هوادة فيها ضد أعدائه وبالتالي فإنه يرى جواز اللجوء إلى جميع الإجراءات لبلوغ أهدافه ومنها استخدام الأسلحة غير التقليدية وإصابة المدنيين بمن فيهم النساء والأطفال. ويعود أصل تسمية التنظيم بالقاعدة إبان تدفق الشباب العرب للمشاركة في الجهاد الأفغاني ضد القوات السوفيتية حيث لاحظ أسامة بن لادن عدم توفر سجّل عن حركة المجاهدين القادمين، مما كان يوقعه في مشكلات مع عائلاتهم، فقرر ترتيب سجلات لتشمل تفاصيل عن كل من وصل إلى أفغانستان وتاريخ قدومه والتحاقه بالأنصار ثم بمعسكرات التدريب ثم التحاقه بالجبهة واتفق على تسمية تلك السجلات ب "القاعدة". وكانت الولاياتالمتحدة تمول المجاهدين الأفغان عن طريق المخابرات الباكستانية، حيث كانوا يقاتلون الاحتلال السوفيتي في برنامج لوكالة المخابرات المركزية سمي ب "عملية الإعصار". وبعد انسحاب السوفييت من أفغانستان اتفق زعماء القاعدة على مواصلة الجهاد وتوسيع نطاق عملياتهم لتشمل مدّ الجهاد الإسلامي في أجزاء أخرى من العالم، واستطاع بن لادن أن يتحالف مع مجموعات مثل حركة الجهاد الإسلامي المصرية، وحزب الله الموالي لإيران، والجبهة الوطنية الإسلامية السودانية ومجموعات جهادية إسلامية في اليمن والمملكة السعودية والصومال. وعاد أسامة بن لادن بعدها إلى المملكة العربية السعودية، ووضع الغزو العراقي الكويت عام 1990 المملكة العربية السعودية وحاكمها آل سعود في خطر، وكانت القوات السعودية وقتها جيدة التسليح ولكنها أقل عددًا من القوات العراقية. وعرض بن لادن وقتها خدمات جهادية على الملك فهد بن عبد العزيز لحماية المملكة العربية السعودية من الجيش العراقي، ولكن العاهل السعودي رفض عرض بن لادن، واختار بدلا منه السماح للقوات الأمريكية والقوات الحليفة بالانتشار على الأراضي السعودية، وهو ما أثار غضب بن لادن، لأنه كان يؤمن أن وجود القوات الأجنبية في "أرض الحرمين" يعتبر انتهاكاً للأراضي المقدسة. وبعد أن انتقد بن لادن علنًا الحكومة السعودية لإيوائها الجنود الأمريكيين، نفي إلى السودان، وسحبت منه الجنسية السعودية في 9 أبريل 1994، وتبرأت منه عائلته. وقالت الولاياتالمتحدةالأمريكية إن بن لادن وعناصر أخرى من تنظيم القاعدة استهدفوا قواعد عسكرية أمريكية في العام 1992 في كل من السعودية واليمن وإفريقيا.. بين عامي 1992 و1996، ارتكز أسامة بن لادن والقاعدة في السودان، بناءً على دعوة من حسن الترابي، وخلال هذه الفترة، ساعد بن لادن الحكومة السودانية، واشترى أو أنشأ عدة مؤسسات وأقام معسكرات لتدريب المقاتلين. كانت نقطة التحول الرئيسية في العلاقات بين الطرفين، بعد أن وجّه أسامة بن لادن في عام 1993، انتقاداته اللاذعة للسعودية، بعد دعمها لاتفاقات أوسلو التي وضعت طريق للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين. كان الظواهري وجماعة الجهاد الإسلامي المصري بمثابة النواة لتنظيم القاعدة، ولكنهم اشتركوا أيضًا في عمليات منفصلة ضد الحكومة المصرية، ففي عام 1993، قتلت تلميذة صغيرة في محاولة فاشلة للجهاد الإسلامي المصري لاغتيال رئيس الوزراء عاطف صدقي، وألقت الشرطة القبض على أكثر من 280 من أعضاء الجهاد وأعدم ستة. وفي عام 1995، كانت المحاولة الفاشلة لاغتيال الرئيس المخلوع حسني مبارك والتي أدت إلى طرد الحكومة السودانية لعناصر القاعدة والجهاد في مايو 1996. وبعدما أعلنت السودان أن بن لادن وجماعته لم يعد مرحب بهم في تلك السنة، وفرت طالبان أفغانستان موقعا مثاليا لتنظيم القاعدة لإقامة مقرها، وتمتعت القاعدة بحماية حركة طالبان، وبقدر من الشرعية لأنها كانت جزء من وزارة دفاعها، على الرغم من أن باكستان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، هم فقط من اعترفوا بحركة طالبان كحكومة شرعية في أفغانستان. وتمتعت القاعدة بملاذ آمن في أفغانستان التي تسيطر عليها طالبان، حتى هزيمة طالبان من قبل مجموعة من القوى المحلية وشعبة الأنشطة الخاصة شبه العسكرية بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، والقوات الخاصة بالجيش الأمريكي والقوات الجوية في عام 2001. وكرد فعل على هجمات 11 سبتمبر والتي نفذتها عناصر القاعدة في نيويورك ودمرت برجي التجارة العالمية ومقر البنتاجون، شنت الولاياتالمتحدة هجمات عنيفة على عناصر القاعدة وطالبان في أفغانستانوباكستان واستطاعت أن تقتل الكثير من القيادات الجهادية فيها، حتى جاء مقتل أيقونة التنظيم أسامة بن لادن في عملية نفذتها قوة أمريكية خاصة بالقرب من العاصمة الباكستانية اسلام اباد ليوجه ضربة قوية أخرى للتنظيم. واختير أيمن الظواهري زعيما لتنظيم القاعدة خلفا لأسامة بن لادن، ليجد أمامه العديد من التحديات والصعوبات وبذل مزيد من الجهد للتواصل مع شركاء القاعدة في انحاء العالم في ظل هجوم أمريكي أوروبي عنيف على عناصر التنظيم. وتراجعت قوة تنظيم القاعدة الى الوراء على أرض الواقع ويلاحظ ذلك من حجم العمليات التى نفذت بعد أحداث سبتمبر وانتقال التنظيم من استهداف منشآت وأهداف كبرى الى تنفيذ عمليات فردية تتطلب شخصا فقط لديه الاستعداد لحمل مواد متفجرة مصنعة يدويا وتفجيرها فى مكان ما. وتأثر التنظيم كثيرا من الناحية البنيوية وأصيبت إستراتيجيته المالية فى مقتل بعد تعقب شبكاته التمويلية وفشله في إيجاد مصادر مستقلة تدر عوائد ضخمة يستطيع بها مواصلة عملياته ذات الوزن الثقيل، وارتكزت معظم عناصر القاعدة في المناطق الجبلية في اليمن. ويعتقد أن العديد من قادة تنظيم القاعدة، لا يزالون في المناطق التي يتعاطف سكانها مع طالبان في أفغانستان أو في المناطق القبلية على الحدود الباكستانية. ولجأت القاعدة وحلفائها إلى شبكة الإنترنت هربًا من حالة التحفز الدولي ضدها، ونتيجة لذلك، أصبح استخدام القاعدة لشبكة الإنترنت أكثر تطورًا، وشمل التمويل والتجنيد والتواصل والتعبئة والدعاية. ويُعتبر استخدام المنتديات المختلفة وسيلة أساسية بالنسبة للدعاية الجهادية كونها تتيح لملايين المسلمين الحصول بشكل فوري ومريح على معلومات حول عقيدة "الجهاد العالمي" عامةً وتنظيم القاعدة على وجه الخصوص. كما تفسح المنتديات الإلكترونية المجال أمام من يشارك فيها للانخراط في الشبكات الاجتماعية القائمة على عقيدة الجهاد مما يجعلها موضعاً لاستقطاب الشباب المسلم.