مع الشعور بالصدمة لدي الكثيرين لنجاح تيار الإسلام السياسي في الجزء الأول من الإنتخابات والتي كشفت عن فوز ما يقرب من 68٪ من إجمالي المقاعد المخصصة لهذه المحافظات التسع في مجلس الشعب، ومع التوقع أن تتكرر هذه الظاهرة بنسبة متقاربة في بقية المحافظات الثماني عشرة المتبقية، ظهرت مبكرا بوادر عدد من الأزمات السياسية التي يقودها هذا التيار بعد أن فوجئ الجميع بإنسحاب ممثليه من المجلس الاستشاري الذي تقرر تشكيله من مختلف القوي السياسية ليكون مجلسا مدنيا معاونا بالرأي والمشورة للمجلس الأعلي للقوات المسلحة خلال المرحلة الإنتقالية الحالية وحتي انتخاب رئيس الجمهورية الجديد، وكان الهدف من إنسحاب ممثلي تيار الإسلام السياسي هو إظهار حالة من الاستقواء من جانبهم علي المجلس العسكري بعد فوزهم بهذه النتيجة التي لم يتوقعوها في محافظات المجموعة الأولي من الانتخابات ورفضهم لمناقشة أية أمور خلال هذا المجلس الاستشاري يرون أنها من حق مجلس الشعب القادم الذي يضمنون الأغلبية فيه بل وهدد بعضهم بالخروج في مليونيات جديدة إذا لم تتم الإستجابة لمطالبهم، ومع ظهور كثير من التصريحات الصادمة مؤخرا خاصة من أصحاب التيار الإسلامي المتشدد من السلفيين حول السياحة والحلال والحرام فيها وفوائد البنوك والتماثيل الفرعونية وضرورة التخلص منها، وشروط خروج وعمل المرأة وغيرها وترك أصحاب هذا الرأي المتشدد كل قضايا مصر ومشاكلها التي تعاني منها الآن من بطالة وإنهيار إقتصادي وتراجع إحتياطيات النقد الأجنبي وتوقف آلاف المصانع ونقص الصادرات وإرتفاع الأسعار وركزوا في مثل هذا القضايا الخلافية الشكلية وكأنهم يريدون العودة للعصور الوسطي، ومع كل التخوفات من هذا المجهول، والخوف من إنزلاق المجتمع إلي الهاوية إذا دخل في هذا النفق المظلم من صدام القوي المختلفة فيه، إلا أنني مازلت متفائلا بأن جماعات تيار الإسلام السياسي وفي مقدمتهم الإخوان المسلمون الممثلون في البرلمان في حزب الحرية والعدالة لن تنزلق في مثل هذا الأتون المشتعل وسيقدر أصحاب هذا التيار أن الشعب هو الذي أتي بهم ونحن نحترم إرادة الناخبين وأنهم لابد أن يعملوا علي كسب رضا هذا الشعب عنهم الذي أتي بهم في أول تجربة برلمانية بالنسبة لهم وأصبحوا فيها هم الأغلبية، وسيعملون علي الأخذ بالمنهج الوسطي المعتدل سواء في التعامل مع قضايا ومشاكل المجتمع الداخلية أو مع المجتمع الخارجي الذي نحن في أشد الحاجة إليه في المرحلة القادمة نظرا لحاجتنا للاستثمارات الأجنبية والاقتراض الخارجي حتي نساعد الاقتصاد المصري علي النهوض من كبوته وأن تعود السياحة للإزدهار مرة أخري والتي تضخ وحدها في الاقتصاد القومي 12 مليار دولار كل عام لأن البديل إذا لم يفعلوا ذلك هو خسارتهم وإلي غير رجعة لثقة الشعب فيهم خاصة إذا وجد النتيجة في وجودهم هي الفقر والجوع والتأخر والإنعزال عن العالم ووقتها لن يرحمهم الشعب الذي إنتخبهم وأدخلهم البرلمان بهذه النسبة.